نواصل في هذه الحلقة من سيرة الشاعر والصحافي والمحامي حسين محمد البار رحمه الله تعالى ،في الكتاب الذي ألفه نجله أ.دكتور عبدالله .. الصادر عن مطبوعات مكتب وزارة الثقافة بمحافظة حضرموت، وبمقدمة ضافية خطها قلم الأستاذ المبدع صالح سعيد باعامر..ونأتي فيها للجانب الصحفي .. الذي كان له الدور الكبير في حياته . حرص البار على تلبية دعوات أطلقها وطنيون في التأكيد على إنشاء صحيفة وطنية تعبر عن توجهاتهم ورؤاهم .. فتشكلت الفكرة واستحوذت على تفكيره ، فكان جادا في التعاطي معها بإيجابية .. فأختار لصحيفته اسماً مميزا ( الرائد) وأتبعه بشعار له دلالته " الرائد لا يكذب أهله " أراد من خلاله أن يؤكد نهجه الموضوعي بتحري المصداقية في نوعية الخبر وسلامة حقيقته كي يجنب نفسه كبوات يبحث عنها المتربصون .. وما أكثرهم حينذاك . ومما يؤكد هذا التوجه هو بحثه عن مراسلين أكفاء يعينونه على جسامة المهمة الملقاة على عاتقه ، وقد أبرزت رسائله الجمة التي وجهها لأصدقائه ذلك الهدف الوطني لخدمة قضايا حضرموت ، وخلق رأي عام واعٍ بطبيعة المرحلة الحساسة . ومن المعوقات التي واجهها السيد " البار " عدم منحه الترخيص من قبل السلطنة القعيطية إلا بصعوبة .. ومكمن التعجيز في ما جاء ببنود الموافقة المشروطة بأغلال .. ( سوف تكونون عرضة للعقوبة وجريدتكم للتوقيف أو المصادرة إذا سمحتم بنشر مقالات أو أنباء أو صور أو رسوم أو أي شئ آخر في جريدتكم يعتبر بنظر الحكومة ضارا بسلامة الدولة وبخدماتها المختلفة ) ويأتي هذا ردا من السلطات على رفضه الاستمرار في العمل بصحيفتهم الحكومية " الأخبار " التي قدم استقالته منها ، والمعين فيها ضابطا للنشر ومحررا في 6و /10/ 1952م أمضى البار في تلك الوظيفة سنتين وشهراً ثم استقال منها في 16 /1/ 1955م .. بعد أن رأى عدم جدوى البقاء في وظيفة تتعارض مع مبادئه الوطنية . والصحافي البار متنوع في مقالاته وله أعمدة ينفرد بها في صحيفته " الرائد " الحضرمية ، التي يرأس تحريرها وصاحب الامتياز فيها ، كان يكتب في القضايا الاجتماعية والسياسية وكذلك إبراز الأعلام الحضرمية .. حين تحدث عن ( بوعامر بين الأسطورة والواقع ) ذلك الشاعر الحكيم الذي دارت حوله الحكايات ونسبت إليه أشعار قالها شعراء آخرون ، مفندا لقرائه ذلك ورفضه هذا بقوله ( إننا نعتقد أن هذا الزعم يحتاج إلى كثير من الأدلة التي لا يوجد واحد منها عند أولئك النفر لإثبات ما يزعمون بشأنه ) . وقد عبر الصحافي المرموق حسين البار عن إعجابه بشاعرية " بو عامر " واصفا شعره " بمثل من أمثلة البلاغة في اللهجة الحضرمية التي تستطيع – على بساطتها – أن تعبر عن أدق الخوالج النفسية وأعمق المعاني الصوفية كما في شعر بامخرمه " ونستعرض هنا قطوفًا من شعر البار تحت قناع "بو عامر" وردت في الكتاب .. وهي إسقاطات على واقع اليوم بما يحمله من أحداث : يقول بوعامر نبا مخرج من الحال الذميم حالة وقعنا وسطها سودا كما الليل البهيم يا حر قلبي يومنا في ذا الوطن مثل اليتيم …………………………………….. يقول بوعامر مصالحكم علينا غالبة كلين متمصلح وضاع الحق ما حد طالبه والشعب لحمة راس بين السالبه والناهبة …………………………………… يقول بو عامر مسيكينة بلاد الحضرمة صقورها جاعت .. ومن حياتها شلوا الحمة ورجالها نامت .. ولا قيمت واحد قال مه ………………………………………. هذه الشذرات الشعرية التي اختارها لنا الدكتور عبد الله البار من شعر الفقيد الراحل حسين البار رحمه الله تعالى .. تنم عن ذائقة جميلة لأنها : أولاً : كانت تحاكي ذلك الواقع الذي هو انعكاس لواقعنا اليوم .. وثانيا: الشاعر بوعامر/ القناع، وهو هنا حسين البار، حكيم ولا يقول إلا واقعا حقيقيا يمر على مجتمعه . ومما تجدر الإشارة إليه هنا بأن الصحافي" البار" كان قد عمل محررا في جريدة ( الجنوب العربي ) ثم قطع صلته بها بعد مكوثه في مدينة المكلا والتفكير الجدي بإنشاء صحيفته " الرائد " كما أنه كانت له مقالات نشرها في صحيفة ( فتاة الجزيرة ) العدنية عبرت عن نزعته الإصلاحية .. ومواقفه المنددة بما حل بحضرموت وأهلها من كوارث الجوع بسبب الحرب العالمية الثانية . نلتقي وإياكم في الحلقة الثالثة من هذا المقال .. كي نتابع السيرة الفواحة عطرا لشاعر غنى له العديد من الفنانين الحضارمة مازالت الذاكرة الشعبية تحفظها ..ونسمعها عبر أثير إذاعاتنا المحلية وإذاعات دول الجوار ..