في القراءة المتأملة لمايعتمل في الجنوب هذه الأيام يرى أن ( الفقاسة السياسية )تعمل بوتيرة عالية وبجهد مضاعف بإتجاه عمليات التفقيس التفريخي للزعامات وبشكل تكاد الريبة أحد ملامحه الرئيسية وهو مدعاة لإثارة الشبهات بل وجملة من التساؤلات حول الحكمة من هذا الفعل السياسي المتعمد من جميع الأطراف بإتجاه ضخ أكبر قدر ممكن من الزعامات في الساحة مع غليان مرجلها الشعبي وبلوغ حركتها أوج نشاطهاوهو مبعث جملة من التساؤلات وبشكل متوالية هندسية مقارنة بما هو حاصل من الإفرازات غير الطبيعية لأعدادهذه الزعامات بتلك المعادلة الرياضية حسابيا ..!! لعلي وأنا أقرأ مايحدث أرى أن عوامل الجغرافيا والتاريخ وتأثيرات الإمتداد القبلي السياسي هما المتحكمة في إنتاج وصناعة هذه الزعامات مما يفضي قرائيا الى واقع جديد يستند على ركيزتي الخلاف والتموضع مناطقيا وقبليا وهو مايمكننا ليس التنبأ به ولكن مايسير وفق خطط الدوائر الراسمة لمعالمه للسيطرة من جديد على الوطن العربي بشكل عام بعد نصف قرن من خريف قومي سياسي بائس وهو ما أفرز مايسمى بظاهرة ( الربيع العربي ) ومن سماتها اليوم إعادة السيطرة وتغيير مواضع التقاسم على قاعدة ( سايكس بيكو) جديدة وتحت وقع الخلافات المذهبية والعرقية والطائفية ذات البعد الثلاثي المقيت الذي درسه هؤلاء وقرأوه جيدا في مكونات ضعف الشخصية العربية وكيفية السيطرة عليها وهذا مايمكن أن نراه في إفرازات ماعرف ب(ثورات الربيع العربي) وهو مايحصل تلقائيا ويذهب بنا الى مستويات أكبر في كيفية إدارة فن الصراع وبسط النفوذمن خلال الصراع التناحري الذاتي البيني المفضي الى إضعافنا وإعادة بسط النفوذ على منطقتنا ومقدراتنا …!! ولعل المتتبع في معالم مكونات الشخصيات القيادية في الواجهة السياسية وتاريخها (النضالي) ضد الأنظمة هو مايبعث الشكوك في (الولاء الوطني ) الحقيقي لها من خلال تعاملها الإستخباراتي مع كثير من منظومات العمل الإقليمي والدولي ..!! وهو مبعث تلك التخوفات التي تحدث عنها في أهم وظائفها وأدوارها التي تمارسها أثناء الزج بها الى ساحات العمل الشعبي السياسي العفوي وبجرعات دقيقة الحسابات والتوقيت لكنها غير مأمونة العواقب إذا فقهنا دورها ولم نطبل لها بعواطفنا التي الى حد الآن هي ترمومتر التعامل مع قضايانا الوطنية السياسية …!! الجنوب في كل هذه المعمعة منطقة تحفها خطوط حمراء كثيرة إقليميا ودوليا وهي مثار إهتمام عجيب وليس بغريب في الإستقطاب الدولي ليس من اليوم ولكنها عبر التاريخ القديم والوسيط والحديث والمعاصر… بإعتبارها تملك مقومات مهمة على مغالق القدرة الإقتصادية العالمية وهما الطاقة والسوق التجاري والممرات الرئيسيه في التواصل العالمي … ومنذ فترة قديمة والعالم يفكر في كيفية إعادة التموضع من خلال إضعاف قوتنا في إتجاه تشرذمنا وصراع الزعامات هي الوسيلة المثلى لذلك…!! هنا يجب أن نقرأخارطة الأحداث بشكل دقيق وأن نفقه كلما هو قادم وواقع بنا وماهو حادث على شاكلة مايحدث من مناطقنا العربية والأهم في كل ذلك أن يكون الفرز في إدارة أمورنا من داخلنا وبعيدا عن أولئك الذين تربوا على بيئة الفندقة( الساس إستخباراتية) التي في مكونها الجوهري كنموذج محتوى من قبل دوائر صنع القرار الدولي وقادرين على إدارة مثل هؤلاء ب(الريموت كنترول) في إحداث (الفرمتة) المبتغاة منه …!! ولعل لهذاالطرح جملة من الشواهد على أن القادم في أحسن ظروف إنتزاع أرضه المسلوبة أن كل زعيم (أمير) من هؤلاء سوف يدعي أحقيته في القيادة وأنه صاحب الحق المطلق فيها كمانراه اليوم ..وعندها فقط سوف يتموضع الجميع مناطقيا وقبليا للدعم وإدارة صراع لبسط نفوذ لاينتهي … ففي فكرة خلق هذه الزعامات وإعادة إنتاجها غير الطبيعي خارجيا ومن ثم عودتها الى الحاضن الطبيعي لإيجاد واقي شعبي لها هو بيت القصيد لفهم كل هذا المشهد برمته إختزاليا وهو مبعث التشاؤم للتباكي على ضياع الجنوب المغلوب على أمره كما بكينا نحن العرب على ضياع الاندلس في معمعة صراع أمراء الطوائف .. فهل ندرك اللعبة ..؟؟!! لاأدري رغم أن مساحة التفكير والإجتهاد هنا لايحتاج لها العقل للتفكير مليا في المشهد فقد باتت الأمور واضحة( لمن له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد)..!!