تعتبر اليمن من أكثر الدول التي تشهد ارتفاعا حاداً في معدلات نسبة وفاة الأمهات في المنطقة ، حيث وصلت النسبة إلى 365 حالة وفاة لكل مائة ألف حالة ولادة ، وهو ما يعني وفاة ما يقارب أكثر من امرأة يوميا في اليمن خلال فترة الحمل أو أثناء عملية الولادة ، بحسب أخر التقارير التي كشفت عنها منظمة " ماري ستوبس الدولية "العاملة في مجال تقديم الخدمات الصحة الإنجابية حول العالم . ومنذ أن قررت المنظمة أيجاد نشاطاً لها في اليمن عام 1998 م وهي تعمل بشكل مكثف وبالتعاون مع السلطات الحكومية اليمنية ممثلة بوزارة الصحة ، في العمل على مساعدة نحو أكثر " مليون و ثمانية " إلف امرأة يمنية يواجهن مضاعفات خطيرة مرتبطة بالحمل ، و السبب الرئيسي لهذه المآسي هو انعدام فهم غالبية المجتمع اليمني لفهم تنظيم الأسرة ونتيجة غياب التوعية الرسمية لتنظيم وتحديد النسل. منذ البداية —————- لم يكن نشاط منظمة ماري ستوبس ( منظمة غير ربحية ) في حضرموت حديث العهد ، بل كان منذ البداية حيث أكدت الدكتورة " إيمان زبير الديني " مديرة فرع منظمة ماري ستوبس في المكلا إن نشاط المنظمة في حضرموت قد بدأ منذ أن بدأت المنظمة بتقديم خدماتها في اليمن عام 1998م وتحديداً في مدينة " سيئون " حاضرة وادي حضرموت ، قبل أن تقرر المنظمة فتح مركزاً لها في مدينة المكلا في 14 أغسطس من عام 2007 لينضم إلى أسرة المنظمة في اليمن والتي تتكون من 12 مركزاً في كل من صنعاء وإب وتعز و الحديدة . ويأتي افتتاح المركز الصحي بالمكلا والتابع للمنظمة ضمن إطار برنامج المراكز ، هو أحد البرامج التي تتكون منها المنظمة ، ومنها برنامج شبكة القابلات ، وبرنامج مكون الشباب ، وبرنامج العيادات المتنقلة ، بالإضافة إلى برنامج المراكز . برنامج وخدمات —————– يعتبر مركز المكلا ، مركزاً مهماً للغاية لما يقدمه من خدمات للمراجعين ، حيث قالت الدكتورة " إيمان زبير الديني " مديرة المركز ، إنهم في المركز يعملون على تقديم عدد من الخدمات الصحية للمراجعين ، ولكنهم يركزون بشكل أساسي على خدمة أساسية وهي " الصحة الإنجابية " و " تنظيم الأسرة ", حيث أن الصحة الإنجابية تشتمل على رعاية الحوامل وأمراض النساء ، ومعالجة العقم . والى جانب الصحة الإنجابية وتنظيم الأسرة فإنهم في المركز يقدمون بعض الخدمات والتي تشمل تقديم وسائل تنظيم الأسرة ، وتطعيم الأطفال والنساء ، وكذلك توفير خدمات المختبر والصيدلية . كذلك فإن من ضمن الخدمات التي يقدمها مركز المكلا هي خدمة " التنظيف الأمن بالشفط اليدوي " والمعرف ب ( (MVA ، وخدمة الفحص الدوري للنساء ، و جهاز الموجات فوق الصوتية ، بالإضافة إلى خدمة " المشورة " وهي خدمة يقدمها المركز بشكل مجاني . ومن ضمن البرامج الذي تنفذها منظمة " ماري ستوبس " برنامج " مكون شباب " وهو برنامج يستهدف فئة الشباب الذين تتراوح أعمارهم من ( 15 – 25 ) عاماً ، حيث يعمل البرنامج على تقديم خدمة " التثقيف " بالصحة الإنجابية وتنظيم الأسرة والتوعية من الأمراض المنقولة جنسياً ، بالإضافة إلى توعية الشباب من بعض السلوكيات مثل تناول القات والتدخين . ومن البرامج كذلك برنامج " شباب لاين " وهو عبارة عن عيادة تقدم خدمات استشارية ، من خلال اتصال المراجعين والمستفسرين بالرقم مجاني والذي تم تخصيصه ، وهو كالتالي ت : (8008090) . ، حيث أن هنالك أخصائيين من المنظمة ( طبيب وطبيبة ) يعملون على استقبال اتصالات المراجعين وتقديم المشورة والرد على الاستفسارات حول الصحة الإنجابية وتنظيم الأسرة أو أي استشارة طبية أخرى ، وفي حالة وجود أي حالة تستدعي التحويل فإن الأخصائيين يعملون على تحويلها إلى أقرب مركز . وتتوفر هذه الخدمة بشكل يومي من الساعة ( 4 مساء ً إلى 7.30مساءً ) ماعدا يومي الخميس والجمعة تحفظ مكلاوي وانفتاح ريفي —————————- الدكتورة " إيمان " كانت قد أبدت أسفها الشديد لعدم تفاعل الشباب الحضرمي مع هذه الخدمة ( شباب لاين ) بالشكل المطلوب ، حيث قالت إنه ورغم جميع الحملات الإعلامية والدعائية لهذه الخدمة ، إلا أن تفاعل الشباب في حضرموت معها ظل ضعيف جداً للغاية ، بعكس باقي المحافظات الأخرى . وفسرت هذا الأمر ، بأنه ربما بسبب أن المجتمع الحضرمي لا يزال مجتمع منغلق نوعاً ما ، مع العلم أنها أكدت لنا أن أغلب الاتصالات التي تأتي من حضرموت هي من (الأرياف ) وليس من مدينة المكلا . وهذا أمر نستغرب له حقاً ، حيث يبدو أن شباب الأرياف أكثر اهتماما وانفتاحا من شباب العاصمة الحضرمية . أسباب الوفيات ————— ومن الأسباب الرئيسية لارتفاع نسبة الوفيات في صفوف الأمهات في اليمن ، حسبما تقول الدكتورة " إيمان الديني " فإن تعرض الأم للنزيف بعد الولادة يشكل أحد أهم الأسباب الرئيسية لوفاة الأمهات ، وخصوصاً في المناطق الريفية التي لا يوجد فيها مراكز صحية ، وإن وجدت هذه المراكز الصحية فإنك لا تجد فيها الكادر الصحي المتدرب على التعامل مع مثل هذه الحالات ، كما إن تعرض الأم لعملية الإجهاض يؤدي إلى تسبب في نزيفها ، وهو ما قد يؤدي إلى الوفاة ، كما أن التقارب الزمني بين الولادات يعد أحد الأسباب لانهيار جسد الأم ولربما وفاتها . وأما بالنسبة لسوء التغذية فبالرغم من أنه سبباً في حصول وفاة للأم إلا أنه لا يعتبر سبباً رئيساً. وأكدت الدكتورة " إيمان " أن نسبة وفيات الأمهات في حضرموت ضعيفة جداً ولكنها مرتفعة بشكل كبير في المحافظات الشمالية . وللحد من حصول حالات الوفيات بسبب نزيف ما بعد الولادة أكدت الدكتورة " إيمان الديني " على أهمية برنامج مشروع القابلات ( رياحين ) الذي يعتبر واحداً من أهم برامج منظمة " ماري ستوبس". حيث قالت أن هذا البرنامج يستهدف تدريب القابلات ( النساء التي يقدمن الرعاية الصحية للنساء اللواتي يلدن ) ، وهو يستهدف المناطق الريفية بشكل خاص ، وفيه يتم تدريب القابلات في الأرياف على كيفية التعامل مع حالات النزيف ، وكذلك رفع الوعي الصحي لدى الأمهات اللواتي لا يستطعن الوصول إلى العيادات الخاصة أو مراكز تقديم الخدمة في الضواحي أو المناطق المحيطة بالمدن . وأكدت الدكتورة "إيمان الديني " على حصول القابلات على حقيبة طبيبة ( للولادة الآمنة ) وهي تحتوي على كل الأدوات اللازمة لعملية التوليد ، كما يتم تزويدهن بوسائل تنظيم الأسرة ، بحث تتمكن القابلات من إعطاء المرأة الريفية المشورة بعد الولادة ، وإعطائها عدة خيارات للوسائل ، بحيث تستخدم ما يناسبها ويشعرها بالراحة . وأضافت قائلة " إن تدريب القابلات فبالإضافة إلى دوره الهام في إنقاذ حياة الأمهات في الريف فإنه كذلك يوفر للقابلات باباً ومصدراً للدخل . نقله نوعية —————- هكذا وصفت الدكتورة " إيمان الديني " مديرة مركز المكلا التابع لمنظمة " ماري ستوبس " للصحة الإنجابية ، عملية الإقبال على المركز من قبل المراجعين ، حيث كان عدد الحالات التي تصل إلى المركز في بداية افتتاحه عام 2007 تتراوح من ( 200 إلى 250 ) حالة فقط شهرياً . أما الآن فقد أرتفع عدد الحالات التي تزور المركز إلى (2000) حالة شهرياً ، هذا إلى جانب الحالات التي يتم معاينتها في العيادات الخارجية . كما لوحظ ارتفاع معدل استعمال وسائل تنظيم الأسرة , و يعود هذا الأمر إلى " النقلة النوعية " في انتشار الوعي بين المواطنين لأهمية تنظيم الأسرة , وأيضاً لا نغفل إن للظروف الاقتصادية التي تمر بها البلاد دوراً وعاملاً مهماً في لجوء الكثيرين إلى وسائل تنظيم الأسرة . تعاون مشترك —————– يوجد هنالك تعاون وشراكة حقيقية بين كل من وزارة الصحة اليمنية ومنظمة ماري ستوبس ، حيث تعمل المنظمة على توفير بعض الخدمات الطبية في بعض المناطق والقرى التي قد لا تستطيع الوزارة توفير الخدمة الطبية فيها ،فنحن نعمل على تغطية تلك المنطقة من باب التعاون بين الجانبين ، ضمن عمليات النزول للعيادات الخارجية ، وطبعاً في مثل هذه الظروف فإن وزارة الصحة العامة والسكان هي من تقوم بدعم وتكاليف هذه النزولات ، كما أنها توفر بعض الوسائل بشكل مجاني للمنظمة والتي بدورها تعمل على توزيعها على المراجعين بشكل مجاني . ويبدو أن التعاون مع " ماري ستوبس" ليس مقتصراً فقط على وزارة الصحة العامة والسكان ،فإتحاد نساء اليمن كان ولا يزال له بصمة كبيرة في عمليات النزولات التوعوية التي تنفذها المنظمة، ويتم النزول إلى الثانويات والتجمعات النسائية والحلقات القرآنية النسائية في عدد من المناطق مثل مدينة الشحر و شحير و الغيل والديس الحامي ، حيث قدمت عناصر التوعية والنصائح في مجال الصحة الإنجابية وتنظيم الأسرة .
