حضرموت شهدت ولما تزل تشهد حراكا..قد يكون فريداً في مسيرته… فإذا كانت ثورات الربيع العربي استهدفت أنظمة الحكم في بلدانها بحثاً عن حكم مدني بديلاً لحكم العسكر..الذي أدى إلى هزائم نفسيه وعسكريه وحضاريه للأمة فإن الحراك الحضرمي هو حراك إنساني صامت ..من أجل بناء الإنسان وتحويل بدائيته المعيشية إلى حياة متحضرة. ففي السبعينات والثمانينات من القرن الماضي بدأ الحراك الحضرمي موجها للشعب الحضرمي بقيادة الشيخ أحمد محمد بغلف (( رحمة الله عليه وعلى موتانا وموتى المسلمين ))..من خلال مشاريع خيرية و بجهود فرديه كان أبرزها توصيل المياه إلى المنازل عن طريق الأنابيب بديلا للنقل التقليدي للماء. أما الحراك الحضرمي المعاصر فهو دعم الحركة العلمية الذي أوقد شرارتها الشيخ احمد محمد باجنيد مع مجموعه من رجال الأعمال الحضارمة في تسعينات القرن المنتهي ، فكان إضاءة جامعة الأحقاف في المكلا أبرز أعمالها في المجال التعليمي.. وضمن الحراك الحضرمي إنشاء رجال الأعمال الحضارمة مجلس الأمناء الخاص بدعم جامعة حضرموت الحكومية ، فكان من النتائج الاولية لذلك الدعم بناء وتجهيز كليتي الطب والهندسة في فلك بمدينة المكلا ..ولأنه حراك حيوي لا يتوقف في زمن ويرتبط بمسيرة المجتمع الحضرمي كله ..كانت زيارة الملياردير السعودي ذي الأصول الحضرمية الشيخ عبدالإله بن محفوظ إلى كلية البنات الأسبوع الماضي في مدينة سيئون من أجل تقديم الدعم للكليه من خلال مؤسسة العون التي تقوم بدور مبهر في خدمة التعليم ، وقامت المؤسسة بتزويد خمس ثانويات في حضرموت بمبلغ تجاوز 250 ألف دولار أمريكي…وفي خضم الحراك الحضرمي لتشجيع طلاب العلم… تبنى المهندس عبد الله بقشان رحله إلى ماليزيا للطلبة الأوائل من جامعة حضرموت على حسابه الخاص. الحراك الحضرمي لم يبحث عن مشاريع ربحيه لكنه حراك يخدم أبناء حضرموت على المدى الطويل ..وهل مثل العلم من خدمة يقدمها الحضارمة الأثرياء لأبناء حضرموت الذين أتعبتهم الثورات والثورات المناهضة وما نتج عنها من شعارات تؤخر ولا تقدم…. ولعل الدور البارز للمهندس عبد الله بقشان في الحراك الحضرمي يرد على الذين حاولوا ذات يوم ربط غلاء الأسماك في الاسواق الحضرميه بمصنعه للأسماك مما دفع بالرجل إلى إغلاق المصنع والاستثمار في المشاريع التي يربح منها الوطن الحضرمي والمواطن الحضرمي من خلال حراك إنساني لا صلة له بالسياسة أو التجارة ولا يعود لمتبنيه بأية عوائد مادية. كان رد الحضارمة على الذين يتهمونهم بالتردد والخوف من الخروج إلى الميادين..ونصب الخيام وحمل اللافتات والصور…وإعلان الاحتجاجات في الأزقة والشوارع وأمام كاميرات التليفزيونات أن اظهروا حراكا قويا وفاعلاً في ميادين العلم ببناء المدارس والجامعات..وابتعاث الطلبة المتفوقين إلى الخارج للدراسة الجامعية أو الحصول على شهادات عليا. الدكتور عمر بامحسون كان أول المتحمسين إلى مساعدة الطلبة الحضارمة الذين يتعذر قبولهم في الجامعات السعودية وإرسالهم إلى الخارج لتكملة تعليمهم الجامعي..ويشعر الدكتور بامحسون حاليا بالاعتزاز أن حماسه القديم نجح في أن يتحول إلى جمعية تحمل اسم الصندوق الخيري استفاد منه أبناء آلاف الحضارمة في تكملة تحصيلهم العلمي . ولعل السلوك الحضرمي في حراكه وفكره في تطوير المجتمع الحضرمي ..يدل على أنه فكر مختلف وذي تميز، فكر يعمل للبناء ويترك النتائج تتحدث عن إنجازاته .