قصة ذات عبرة ومثل ينبغي تأمله وفيه أن الضبع التي تسمى عند العرب أم عامر دخلت وهي متعبة تطارد من قبل صيادين حتى دخلت إلى خباء أعرابي فآواها وأحسن إليها وجاء الصيادون إلى الخباء فقال لهم الأعرابي ماشأنكم قالو صيدنا وطريدتنا عندك قال كلا والذي نفسي بيده لاتصلون إليها ماثبت قائم سيفي بيدي فرجع القوم وتركوه فقام الأعرابي إلى ناقة له فحلبها وقدم اللبن لأم عامر فأقبلت تلغ حتى ارتوت وذهب الأعرابي لينام وبينما كان نائماً وثبت عليه أم عامر فبقرت بطنه وشربت دمه وتركته فجاء إبن عم له يطلبه فإذا هو بقير في بيته فأخذ قوسه وتبع الضبع حتى قتلها وانشد يقول وَمَنْ يَصْنَعِ المَعْرُوفَ في غَيرِ أَهْلِهِ *** يُلاَقَ الَّذي لاَقَى مُجِيرُ أمِّ عَامِرِ أدامَ لها حِينَ استَجَارَتْ بقُرْبِهِ *** لها محْضَ ألبَانِ اللقَاحِ الدَّرَائِرِ وَأَسْمَنَهَا حَتَّى إذَا مَا تَكَامَلَتْ *** فَرَتْهُ بأنْيَابٍ لَهَا وَأظَافِرِ فَقُلْ لِذِوِي المَعْرُوفِ هَذَا جَزَاءُ مَنْ *** يَجودُ بمعرُوفٍ إلى غَيْرِ شَاكِ وأعظم في هذه القصة حديث النبي صلى الله عليه وسلم (المؤمن لايلدغ من جحر مرتين ) والغريب أن الأعرابي في قصة أم عامر ربما لم يجد من ينصحه من قبل عن أم عامر(الضبع) وعاداتها في أكل اللحوم البشرية غير أن كثيرا من الناس ينصحون ولاينتصحون ويقدمون لأم عامر اللبن واللحم حتى إذا بقرت منهم البطون أو كادت قلنا لهم ومن يصنع المعروف في غير أهله يلاقي الذي لاقى مجير ام عامر