قديما يقولون : ( تمخّض الجبل فولد فأراً ) .. تعبيرا منهم عن من يُتوقع منه الكثير لكنه يأتي بالشيء الحقير الذي لا يتناسب مع حجمه الحقيقي أو (المتوهم ) ! لكنني كأيِّ مواطن حضرمي ( مغلوب على أمره ) متعوّد على ولادة الفئران هذه حتى أصبحنا ولا فخر نعدّها من منجزات الدهر وعجائب الزمان ، لا يعني لي هذا المثل أكثر من توصيف حالة أمر واقع نعيشه بسلاسة وأريحية.. لكن برأيي إن كان ثمّة من يهمّه هذا الرأي أن المثل رغم اقترابه جداً من حالة اللامعقول استغراقا للتشنيع والتوبيخ أو للاستغراب في أدنى حالات المثل .. إلا أنه ظلَّ يحمل في طيّاته أبرز أبجديات الولادة وأحد أهم عناصرها الطبيعية وهي المخاض .. فهي أي الولادة الواردة في المثل رغم غرابتها ولادة طبيعية ولو بشكل جزئي لوجود المخاض . لذلك لم نجد صعوبة في تقبّله كحضارمة لا يحسدون الناس على ما آتاهم الله من فضله ، وأجرنا عليه تعالى في ذلك .. لكن هل بوسعنا ونحن المدمنون على التقبّل تقبّل ( أن يلد جملهم فأرنا هذا بدون أن يكلّف نفسه عناء زفرةٍ واحدة من مخاض ؟!! ) .. أقرب ما يمكن أن يكون إلى هذه الحالة ما تناقلته وسائل الإعلام قبل أيام عن ( انتخاب ) الأستاذ صالح عبود العمقي أمينا عاماً للمجلس المحلي بحضرموت مثلما جاء في الخبر !! ومع احترامي العميق للأخ العمقي .. إلا أنني لا أرى في ما جرى غير مشهد هو الأبرع تهريجا ضمن مسرحية هزلية تشهدها البلاد لسنوات خلت !! للعلم فقط أنني لستُ من أولئك الذين يصدق عليهم قول الشاعر باحريز رحمه الله ( الذين يشلّون وحده ويخلّون وحده ) ولستُ من المهتمّين أصلاً بالمهاترات الحزبية ولا من هواة الهرج السياسي إلا أنَّ مسرحيّة كهذه أثارت في نفسي شجوناً وأحزانا آثرت أن أأئدها بجوفي دهرا حتى يقضي الله أمرا كان مفعولا .. إنّني أكتب الآن وكلّي ألمٌ جاهشاً ومع كل جهشة رجوى أن يلد فأرُنا هذا جمله الوالد ولو كلّفتنا هذه الولادة أرواحنا وأرواح من يلوننا مخاضا ًلها .. فمن حقنا أن نرجو وربك وحده القادر ( يخرج الحيَّ من الميت )