قبل أيام كنت ضيفاً في قناة (اليمن اليوم) للتعليق على ما تتناوله الصحافة من مواضيع الساعة , إذ بادرني مقدم البرنامج بسؤال عما يحدث من أعمال تخريب للكهرباء في مناطق مأرب الأمر الذي أدى إلى انقطاع كامل للتيار الكهربائي عن العاصمة اليمنية صنعاء..وربما لم يعلم زميلنا الإعلامي المحاور إننا عشنا في تلك الليلة في حاضرة حضرموت "المكلا" ليلة ظلامية مماثلة إن لم تكن أسواء بعوامل المناخ في المناطق الساحلية مع دخول الصيف الذي تزداد فيه درجة الحرارة علاوة على الرطوبة , ولكن ليلتنا الظلامية ليست بفعل عمل تخريبي كما يحدث في "مأرب" بل ان انقطاع التيار الكهربائي عن مناطق ساحل حضرموت جاء – حسب ما هو معلن – بسبب تأخر سداد مستحقات مستثمري الطاقة والتي دخلت – هذه الانطفاءات المتلاحقة – فصلاً آخر ومرحلة حرجة أربكت السلطات المحلية التي أستطاعت خلال عام من أيام الأزمة الطاحنة التي مر بها الوطن اليمني من السيطرة على الموقف وتأمين أوجه جوانب الخدمات الأساسية وخلق استقرار تمويني وخدمي ملحوظ بحنكة وصبر ومثابرة وجهد مخلص وتعاون مسؤول مع كافة المؤسسات الخدمية والمواطنين عموماً.. لاشك أن حالة الانقطاعات القاهرة والمستمرة للتيار الكهربائي الذي تشهده مناطق حضرموت ساحلاً ووداياً – الناتج عن العجز الفاضح في القدرة التوليدية لمحطات مؤسسة الكهرباء وغياب التخطيط الاستراتيجي المدروس المبني على مؤشرات ومعطيات النمو السكاني والعمراني وقدرة هذا القطاع في مواكبة هذا التوسع والتطور والايفاء بخدماته – سوف يولد المزيد من الأرباك للسلطات المحلية ويضعها في زاوية ضيقة يشل قدرتها على الحركة وإعاقة نشاطها وتوجهاتها في خدمة العمل التنموي والخدمي كما تسهم – هذه الحالة المربكة – في خلق متاعب شتى قد تتحول إلى احتقان وغضب عارم , ناقم في الشارع يصعب السيطرة عليه ما لم تتسارع خطى السلطات المركزية في عملية سداد مستحقات شراء الطاقة بغض النظر عن ما يقال حول اتفاقياتها الجائرة والتي تم بموجبها شراء الطاقة , فالمجال غير قابل للتفاوض أو الأخذ والرد إذ لابد من احترام الاتفاقيات , وهناك مؤسسات مختصة معنية بالرقابة ووأد الفساد , وكان يفترض ان تثار هكذا تساؤلات وجدال عند عملية ابرام الاتفاقيات وليس بعد نحو عام أو أكثر من توقيعها , وربما درس شراء الطاقة " القاسي" سوف يستفيد منه المعنيون بشئون الكهرباء ويشرعون في التفكير الجدي والمسؤول في معالجة وتغطية عجز القدرة التوليدية لمحطات مؤسسة الكهرباء وإعادة الإعتبار لهذا القطاع الخدمي ورفده بالإمكانيات والمقومات اللازمة من مال ومعدات وإزالة الكوابح والعثرات من طريقهوتصحيح الكثير من الاختلالات والمثبطات التي أدت إلى شل قدرته وحدوث هذه الأزمة .. وعلى العموم أجد نفسي مؤيداً لدعوات الخلاص من السرطان الذي تمدد في جسم الكهرباء المسمى "شراء الطاقة" , لكننا الآن في مدخل آخر هو توفير خدمة الكهرباء وانتظام وصولها للمواطنين وإيقاف ماراثون "طفي لصي" بأي وسيلة أو طريقه..