وجدتها صامتة تتكلم بعدة لغات – لا تقول شيئاً وتقول كل شيء حين يسود السواد و ما أحلكه! ذات عام فيما مضى من عهود الهجرة اسودت الدنيا في وجه الضاحكين في (كمبالا) فامتنعوا عن الفرح وكان ذلك امتثالاً لعهد الترح الطارئ المدفوع بحقد الأفارقة السمر بحافز من الرجال الصفر الذين ما انفكوا عن ملاحقة هذا الآدمي النبيل ،وكذلك امتثالاً للنكبة واستجابة للفعل الذي يستطاب عندما يكون المرء غريباً كما أراد الشاعر أن يكون وحينما يتوحش إنسان: إذا ما كنت في قومٍ غريباً فعاملهم بفعل يستطابُ ولم يكن يتوقع أن يعيش غريباً في دياره مسلوب الحقوق في عهد السلخ والمسخ . صمتت حضرموت لتقول في وجوم: هنا حضرموت التاريخ والأصالة … هنا حضرموت الحضور … هنا حضرموت المستقبل الواعد وأقول أنا والأجر على الله: ما لها تحمل أثقالها ولا تتكلم إلا في صمت رغم جروحها الغائرة؟ . لا نريد منها التشكي وهي التي تدافع عن المروءة والوفاء بأعلى صوت في زمن الخذلان … لا نريد منها التسول في أسواق الكلمات والنصوص الجوفاء والباردة وهي التي أكرمت بعض بقاع الأرض بحسن الخصال ومزايا الذائقة والأناقة والنبل وكذلك الفعل الجريء ومن يقرأ عن وفد الحضارمة الذين طالبوا الاستعمار الهولندي بالجلاء عن إندونيسيا إبان الاحتلال الهولندي لتلك البقاع التي اعتبرها الحضارمة عهدة وأمانة في أعناقهم كداعين إلى نصرة الحق يعرف عن حقيقة حضورهم حين تشتد الأزمات …. طالبوهم في عقر ديارهم … نعم لا نريد منهم التسول ولا نريد منها الأخذ وهي التي تعطي غير أننا نريد من صمتها الذي يتكلم ويزلزل المكان أن تأخذ الحق بقوتها الساحرة فهو الذي يؤخذ ولا يعطى . حضرموت العادات والتقاليد الجميلة، وصفوها بالشح والبخل وهي كذلك لا تثرثر ولا تفقع الطبل….بخيلة في الكلام والطبل (يسمع من بعيد وداخله من الخيرات خال) لكنها سطرت في المجد مثلاً وهو المعبر عن حقيقة: (افعل وغيرك يخبّر) أي اعمل وغيرك سيخبر عن حسن أفعالك….أي لا تقل كان أبي بل قل :هاأنذا….حضرموت الحضور ماذا تقول في عهد التشظي و الانشطارات؟ أين هي؟ هي حاضرة في بيوت الله تنادي بكلمة التوحيد وتوحيد الكلمة….حاضرة في المحافل الأدبية والمنتديات الثقافية تشحذ الهمم من أجل نصرة إنسان الحق والمطالبة بإحقاق حق الإنسان…..الحريصة والأمينة على المساهمة والمشاركة في البناء وأهمها بناء الإنسان.