قد لايثور الحضرمي بسهوله لكنه اذا ماثار فمن الصعوبة بمكان أن تقف في وجهه أي قوة مهما كان حجمها،إن بين الحضرمي والظلم ثأر لاينتهي ونار لايخبوا لهيبها ..قليل هم الذين يعرفون ان الحضارم من اوائل من ثار ضد الحاكم الظالم وقبل ان تعرف كثيرمن الشعوب ماهي الثورة وكيف تكون ..فالامام عبد الله طالب الحق الحضرمي لم يرق له ظلم بني امية وفساد حكمهم فرفع شعار ثورته ضدهم في مطلع القرن الثاني الهجري وتحديدا عام 129 ه وعلى وقع تحركاته ثارت اليمن جميعا فكان رجع الصداء من صنعاء فتحرك يقود الثوار حتى دك اسوار صنعاء بعد ان استنجد به سكانها ليخلصهم من والي بني اميه الذي نهب اموالهم وظلمهم وبعد صنعاء توجه يقود جحافل الثوار الى مكةالمكرمة والمدينة المنور حيث سيطر عليهما قبل ان يستجمع بنو امية قوتهم ويستعيدوا ما ضاع منهم على يد هذا الثائر الحضرمي .لم يكن عبد الله طالب الحق الحضرمي غير مشروع ثائر وجد فيه احفاده ملهم لهم ومربيا لم يخطئو طريقه عندما يفيظ الكأس بمافيه ويبلغ الظلم مداه . ولان الحضرمي رحالة ومهاجر فلا غروا ان تجده ثائرا في مهجره كما هو ثائر في عقر داره فلم يقف الحضارمة مكتوفي الايدي في وجه الاحتلال الهولندي الصليبي لجزر الهند قبل اربعة قرون تقريبا . ويحتفظ التاريخ في مخيلته كيف استبسل الحضارمه وهم يتصدون للغازي البرتغالي على اسوار مدينة الشحر التاريخية ويصدون الغزاة مهزومين مخذولين وإن نصب الشهداء السبعة خير دليل وشاهد وعنده الخبر اليقين . وابتداء من ثورة بن عبدات في مدينة الغرفة ضد بريطانيا العظمى وحتى ثورة الرابع عشر من اكتوبر كان للثوار الحضارم حضورا لافتا في مقاومة الاحتلال البريطاني لجنوب اليمن فكان خالد محمد عبد العزيز وفيصل العطاس وسعيد العكبري ومحمد سعيد باعباد وعلي البيض وحيدر العطاس وغيرهم من قيادات الثورة انذاك . وقبل ان تتفتح اول زهور الربيع العربي كان لابن تريم الحضرمي رائد التغيير المناضل فيصل بن شملان ربيعه الخاص الذي دشن به مرحلة جديدة في سجل نظالات الشعب اليمني فكان لترشحة في انتخابات 2006م من قبل احزاب اللقاء المشترك وتصدية لدكتاتور اليمن علي صالح اثرا بليغا في تصدع صخرة الكبرياء والمهابة البالغة حد القداسة والتي كان علي صالح يتربع عليها دون منازع ولا منافس .اخرج بن شملان المشهد عن رتباته واللعبة عن قواعدها المتعارف عليها يمنيا ليصيب رأس النظام المتسلط والمتعجرف في مقتل وينزع عنه ثوب المهابة والاجلال ويلبسه بدلا عنه أثوابا من الازدراء والامتهان . ولم يطل الوقت بهذا المناظل كثيرا حين توفي غير معترفا بهذا النظام مسقطا لشرعيته ، لذلك تناقلت بعض الرويات المتواتره اخبارا كثيرة تتحدث عن غموض الحالة الصحية لبن شملان والتي اودت بحياته فكان بحق اول الثوار ضد نظام الاسرة وكان بحق أول الضحايا . لم يمت بن شملان الا والمحافظات الجنوبية قد عرفت طريقها وشقت اول خطاها نحو المطالبه بالحقوق والحريات والعدالة والمساواة التي صدع بها صوت بن شملان طيلة ايام حملته الانتخابية والتي افتقدتها اليمن طيلة حكم اسرة صالح واعوانه فخرجت المسيرات والمظاهرات وتصاعد الرفض وغادرت الكلمات الشفاة والهموم الصدور وطفحت تملأ الشوارع هتافا وصراخا والجدران رسما وكتابة وما ذلك الا مظهرا من مظاهر رفض الظلم والقهر والتسلط . وكان لحضرموت في ذلك نصيبا موفورا فشهدت قائمة المطالب والمظالم التي قدمتها احزاب اللقاء المشترك والرابطة وحزب التجمع الوحدوي اليمني وبدأت المسيرات تجوب الشوارع والمهرجانات والوقفات الاحتجاجية تنشد الحق وتعلن البراءة من الظلم . لربما طال انتظار الجنوبيين لإخوانهم في المحافظات الشمالية قبل أن يثوروا ضد هذا النظام فأخذت القضية الجنوبية تتصاعد وبالمقابل زاد تعنت النظام آنذاك في مواجهة تلك المطالب المشروعة وتداخلت الخيوط وتقاطعت المصالح واشتد الاحتقان وراح النظام كعادته يستثمر المأساة ويسير في جنازة ضحيته ويتفنن في إعادة إنتاج سياسة التفرقة المحمودة على طريقته المعهودة في زرع الفتن المناطقية فيحرض الشمال على الجنوب والجنوب على بعضه بعضا وعلى الشمال لكي يخلو له وجه السلطة ويكون من الآمنين . قد يقول البعض إن صمت أبناء المحافظات الشمالية قد طال لكنهم عندما نطقوا كان صوتهم مدويا بما يكفي لحرق المراحل وتعويض ماسلف فخرج الثوار في مشهد مهيب لايخلو من مفاجأة أصابت الجميع بالدهشة التي ملؤها الإعجاب والإكبار لأولئك الشباب والتي بدورها دوشت رأس النظام خلال ايام معدودات . لم يتأخر ابناء حضرموت مثلهم مثل غيرهم من ابناء المحافظات الجنوبية في رد الصداء وشد أزر الثوار في صنعاء وبما يذكرنا بتجاوب صنعاء مع حضرموت أبان ثورة عبدالله طالب الحق الحضرمي . فخرج شباب التغيير بحضرموت لتكون لهم ساحات ولسيت ساحة واحدة فقط فمن تريم في عمق الوادي انطلقت اول استجابات الثورة وكانت هناك ساحة ثم المكلاوسقطرى ناهيك عن ساحات اخرى تعم مديريات حضرموت كسيؤن والقطن وغيرهما اذا ماقتضت الحاجة . ادرك النظام سريعا ان لحضرموت خصوصية وان لثورتها اذا ماثارات مدلولات ومعاني لاتغيب عن كل صاحب عقل فراح يراهن على اقتلاع تلك الساحات مستعملا كل الطرق المباشرة وغير المباشرة فسلط عليهم خيله ورجله وامواله وامنه القومي ولم يدخر حتى من يوصفون بأنهم أعداؤه فلاشي يمكن ان يعيق النظام مادام يمتلك المال . غير ان شباب التغيير تصدوا لكل تلك المؤامرات وردوا النظام بكيده لم ينل خيرا وكفاهم الله القتل . إن لحضرموت خصوصيتها في كل شي فهي صاحبة المبادرة في كثير من الامور فكانت المجالس الاهلية تتشكل على مستوى كثير من المديريات والمناطق وحتى الأحياء والحارات لحماية المحافظة في وجه كل من تسول له نفسه الإساءة لأهلها الطيبين المسالمين وصمام أمان يمنع الشر قبل حدوثة ومن هذه المجالس انبثقت الرؤى الحضرمية وتبلورت المواقف من كثير من القضايا في ظل مشهد ملتبس ومستقبل مفتوح على جميع الاحتمالات ، فكان مشروع وثيقة حضرموت الرؤية والمسار والتي شارك فيها جميع الاحزاب السياسية الفاعلة على الساحة وناقشها معظم ان لم يكن كل ألوان الطيف في حضرموت وتحت رعاية المجلس الاهلي والذي خلص الى صيغة ان تكون حضرموت اقيلما في إطار حكما فيدراليا يكفل للجميع حقوقهم ويسود فيه العدل والمساوة والاحترام المتبادل بين جميع ابناء الوطن الواحد كي تعود الثقة ويعم الوئام ويرأب الصدع الذي اوجده هذا النظام والاسرة الصالحية واعوانها . ولم يتوقف ابناء حضرموت في ظل ثورة التغيير هنا بل راحوا يؤطروا نفسهم وينظموا جهودهم فكان اعلان المجلس الثوري لقوى الثورة السلمية بحضرموت والذي جاء لينسق جهود الثوار في المحافظة امتداد من ارخبيل سقطرى في لجة المحيط الهندي وحتى اعماق صحراء الربع الخالي شمالا . ومالبث تحالف ابناء قبائل حضرموت المناصرين لثورة الشباب ان رأى النور في حالة لم يشهد لها المجتمع الحضرمي نظيرا منذ زمن طويل ، ائذانا بعهد حضرمي جديد على إيقاعات ثورات الربيع العربي وثورة الشباب السلمية في اليمن . كتبه : محمد احمد بالطيف الناطق الرسمي باسم المجلس الثوري بحضرموت