في اليمن يتجول العشرات من المرضى النفسيين في شوارع المدن الرئيسية في ظل إنعدام شبه كامل لأبسط الرعاية الطبية التي ينبغي تقديمها لهم أكان من قبل الدولة أو من قبل ذويهم الذين غالبا ما يتخلون عنهم لأسباب مادية . و يواجه 99 في المائة من المرضى النفسيين في اليمن والذين يسمون محليا ب"المجانين" شبح الموت جراء الأوضاع المأساوية التي يعيشونها اذ لا تقتصر تلك الأوضاع على سوء المعاملة التي يلقونها من أفراد المجتمع وحسب بل إنها تمتد أيضا لتطالهم من قبل أشخاص أخذوا على عاتقهم مهمة مساعدة هذه الفئة من المواطنين. يعيش المريض النفسي / المجنون كما يطلق عليه/ في العراء بعد أن يتخلى عنه أفراد أسرته أوفي بعض الحالات عندما لا يكون لديه قريب يهتم به وحينها يكون الرصيف مأواه وبقايا النفايات زاده والأرض شديدة البرودة أو الحرارة فراشه ويشرب من بقايا ما يشربه الآخرون أو ما يتعطف به البعض عليه . وبحسب وزارة الصحة والسكان اليمنية فإن هناك تزايد ملحوظ في أعداد المرضى النفسيين حيث تجاوز عددهم المليون ونص المليون مريض. وأرجعت الوزارة اليمنية في تقرير لها حصلت شبكة أخبار "الجديدة" على نسخة منه ذلك التزايد للظروف الاقتصادية والمشاكل الاجتماعية والبيئة الصعبة التي يعيشون فيها. وكشف التقرير أن عدد من المرضى النفسيين في اليمن يقبعون في أقسام تابعة للسجون المركزية في المحافظات اليمنية وعلى وجه الخصوص في محافظة الحديدة غرب اليمن وفي يقبع القليل منهم في مصحات يقال بأنها مصحات نفسية إلا أنها في حقيقة الأمر تفتقر إلى التجهيز والأدوية اللازمة أو أحيانا الهامة . و في تصريح خاص ب" الجديدة" قال الدكتور عبدالمجيد الخليدي /أحد أشهر الأطباء النفسيين في اليمن / إن تزايد أعداد المرضى النفسيين في اليمن يعود إلى عدم وجود أماكن متخصصة لعلاجهم فضلا عن الظروف المادية الصعبة التي تعيشها أسر المرضى وعدم قدرتها على دفع تكاليف العلاج التي تكون غالبا باهظة الثمن. وأضاف .. كما أن هناك أسباب عدة أخرى منها الإكثار في تعاطي القات بصورة غير عادية وكذا زواج الأقارب والمشاكل التي قد تنتج عنه وتأثر بشكل كبير على نفسية الأنسان فضلا عن الفقر والبطالة والتوترات العائلية. وأشار إلى أن هناك بعض الأمراض النفسية التي لها جوانب وراثية مثل الذهانات والفصام والهوس وغيرها. بدروه أوضح الدكتور كامل العميسي أخصائي الأمراض النفسية في تصريح مماثل ل " الجديدة" أن هناك قرابة 50 طبيباً نفسيا فقط موزعين على عموم محافظات اليمن في الوقت الذي يزيد فيه عدد المرضى النفسيين عن المليون ونصف مليون مريض منهم نحو500 ألف مريض ذهني. ولفت إلى أن عدد المترددين على العيادات النفسية في المستشفيات الحكومية والخاصة في اليمن بحسب تقارير رسمية يبلغ أكثر من 150ألف متردد . يتوزع اغلب المجانين في المدن الأكثر سكانا وفقرا كمحافظة تعزوالحديدة واب، بينما يتواجدون في محافظات اخرى كالعاصمة صنعاء ومحافظات عدن ، والبيضاء ولحج ومدينة المكلا بحضرموت بأعداد قليلة. ووفقا للتقرير اليمني فإن محافظة الحديدة (غرب اليمن) ارتفعت فيها الحالات النفسية في التسعة الأشهر الماضية من العام الجاري 2013 ، حيث وصل عددهم في مستشفى السلام النفسي بمدينة الحديدة إلى أربعة آلاف و468 حالة نفسية وهم من مختلف أنحاء اليمن. ويعيش في محافظة الحديدة سكان هم الاكثر فقرا في اليمن من بين مليونين ونصف المليون هم عدد سكان المحافظة التي يطلق عليها عروس البحر الاحمر. وكانت مجموعة من الشباب اليمنيين في مدينة إب (وسط اليمن)، قد نفذوا اول حملة يمنية هي الاولى من نوعها طوعية استهدفت المرضى النفسيين (المجانين) في الشوارع، حيث قاموا بحملة غسلهم وتنظيفهم وكسوتهم وسط شوارع المدينة.