استهداف مطاري اللد ورامون وهدفا حساسا في ديمونة بفلسطين المحتلة    إسبانيا تعلن فرض 9 عقوبات فورية على "إسرائيل" بسبب جريمة إبادة غزة    التحديات جمة ولا تهرب من مواجهتها    تهديدات تطال الصحافي بكران بسبب مواقفه من أتباع بن حبريش    الهبوط الوهمي: ما الذي حدث؟ ولصالح من يحدث؟    "يوم أسود على إسرائيل".. مقتل 7 مستوطنين في القدس المحتلة    روسيا تعلن عن لقاح جديد "جاهز للاستخدام" ضد السرطان    تشييع جثمان الشهيد المقدم لطف الغرسي في صنعاء    خبير مالي يوضح حول اسباب شح السيولة من العملة الوطنية بعد الاجراءات الأخيرة للبنك المركزي بعدن    النائب العام يوجه نيابة استئناف الأموال العامة بحضرموت بالتحقيق في بلاغ منع مرور المحروقات    الراعي يجدد التأكيد على ثبات الموقف اليمني المساند لغزة    الأرصاد يتوقع أمطاراً رعدية على عدد من المحافظات    منظمة دولية تحذر من تداعيات اعتقال موظفين أمميين في اليمن    فريق التوجيه والرقابة الرئاسي يطلع على سير العمل في مشروع إعادة تأهيل ملعب نادي الصمود بالضالع    الوزير البكري يعزي في وفاة أمين عام ألعاب القوى عبيد عليان    فريق التوجيه والرقابة الرئاسي لشؤون المنسقيات يطلع على احتياجات جامعة أبين    محافظ حضرموت يناقش مع وفد صندوق السكان التعاون الثنائي    متوسط أسعار الذهب في صنعاء وعدن الاثنين 8 سبتمبر 2025    بهدفي البرواني وجراش على عُمان.. المنتخب اليمني للشباب يضرب موعداً في النهائي لملاقاة السعودية الخميس القادم في كأس الخليج العربي    الإسباني كارلوس ألكاراز يحرز بطولة أمريكا المفتوحة للتنس للمرة الثانية    نقابة الصحفيين تجدد مطالبتها بالإفراج عن 9 صحفيين مختطفين لدى المليشيا منذ سنوات    طفل يقود مركبة يدهس طفة في مارب    وفاة طفل في مديرية خور مكسر    تعز.. حملة ميدانية لإغلاق شركات الأدوية المخالفة للتسعيرة الجديدة    طنين الأذن .. متى يستدعي القلق؟    اكتشاف عجائب أثرية في تركيا    اعتراف مثير من مبابي بشأن باريس    الذهب يستقرقرب أعلى مستوى قياسي    ترحيل 1617 مهاجرا غير شرعيا من صعدة    ب52 هدفا.. ديباي الهداف التاريخي لمنتخب هولندا    خالد العليمي ابن رئيس المجلس الرئاسي يمارس البلطجة ويهدد صحفي(توثيق)    عدن .. قضاة وموظفون يرفعون الإضراب ويعلنون عن اتفاق يعالج مطالبهم    الجاوي: اليمن لن يُحكم بعقلية الغلبة ومنطق الإقصاء    إسرائيل تكشف بنود مقترح امريكي لصفقة تبادل أسرى في غزة وحماس ترحب    ناشطة تحذر من توسع ظاهرة اختطاف الأطفال وتدعو الجهات المعنية لتحمل مسؤولياتها    العلامة مفتاح يزور وزارات العدل والخارجية والثقافة ويشيد بإسهامات وزرائها الشهداء    النعيمي يؤكد أهمية استكمال السياسات الزراعية ويشيد بإسهامات الشهيد الدكتور الرباعي    الحارس وضاح أنور يستحق الثناء والمديح    رئيس الوزراء يشيد بإنجاز منتخب الشباب ويؤكد: أنتم فخر اليمن وأملها المشرق    بحشود ايمانية محمدية غير مسبوقة لم تتسع لها الساحات ..يمن الايمان والحكمة يبهر العالم بمشاهد التعظيم والمحبة والمدد والنصرة    دائرة الشباب في الإصلاح تهنئ المنتخب الوطني للشباب بتأهله إلى نهائي كأس الخليج    خواطر ومحطات حول الوحدة اليمنية (الحلقة رقم 53)    وفيكم رسول الله    يوم محمدي    الحوار أساس ومواجهة الاستكبار نهج    بمناسبة ذكرى المولد النبوي الشريف 1447ه .. بريد منطقة الحديدة يكرم عدداً من كوادره المتميزين    كتاب قواعد الملازم.. وثائق عرفية وقبلية من برط اليمن " بول دريش جامعة أكسفورد" (12)    مرض الفشل الكلوي (20)    بعد جهود استمرت لأكثر من خمس سنوات.. فرنسا تعيد إلى اليمن 16 قطعة أثرية    "بيت الموتى" في تركيا.. اكتشاف مذهل لطقوس العصر الحجري الحديث    اكتشاف تأثير خطير لمرض السكري على القلب    مساء اليوم سيشهد خسوفاَ للقمر    البروي: الاعلام الرسمي بصنعاء يمر برحلة هبوط إلى القاع    من يومياتي في أمريكا .. فقدان    للمعاندين: هل احتفل الصحابة بالمولد بعد موت النبي عليه الصلاة والسلام    لماذا قال ابن خلدون العرب إذا جاعوا سرقوا وإذا شبعوا أفسدوا    حلاوة المولد والافتراء على الله    مدينة الحب والسلام (تعز)    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



«حزب الله» والتمثّل بالعدو
نشر في أخبار الساعة يوم 05 - 06 - 2013

يحشد حزب الله منذ أسابيع حججاً كثيرة لتبرير تزايد تدخّله العسكري في سورية دعماً لنظام الأسد واحتلالاً لقرى محاذية للحدود اللبنانية ولأحياء في ضواحي العاصمة السورية.
وتتراوح حججه بين حماية لبنانيّين مقيمين خلف الحدود، والدفاع عن مقام السيدة زينب، وقتال «التكفيريّين» استباقياً لمنعهم من دخول لبنان، والتصدّي للمؤامرة الدولية-الإقليمية على «المقاومة» وحلفائها، وتُعطف على الحجج الرسمية المذكورة مقولات تتردّد في أوساط الحزب الشعبية وفي بيئته الحاضنة وتُستخدم للتعبئة أو لترهيب الخصوم «الداخليّين»، وأمرا التعبئة والترهيب أساساً وثيقا الارتباط.
مِن هذه المقولات ما يستعير من أحداث «الفتنة الكبرى» في القرن السابع الميلادي بعض السرديّات التي بُنيت عليها انقسامات ومظلوميّات؛ ومنها ما يزاوج بين الماضي والحاضر على نحو تبدو فيه المعركة في سورية ثأراً من موقعة كربلاء، أو على الأقل، منعاً لتكرارها، ومنها أيضاً ما يستعيد بعض المشاهد والخطابات المضادة فيركّز على معالم الكراهية والتعصّب المذهبي فيها (وهي بالفعل موجودة وبغيضة بمعزل عن ملابساتها) ليحذّر من ترجمتها الميدانية إن لم يتصدّ لها قبل بلوغها دياره.
وطبعاً، تبقى لأميركا وإسرائيل حصّة، إذ يصعب في مخيّلة «ممانعة» تصوّر أن لا مكائد لهما منصوبةً في القصير أو في الريف الدمشقي مثلاً.
ولا شكّ في أن الحجج الرسمية كما المقولات الشعبية هذه تهيمن اليوم في الجنوب اللبناني والبقاع الشمالي وفي ضاحية بيروت الجنوبية وبعض أحياء العاصمة.
وهي تُبثّ في أجهزة إعلام وفي مدارس وجمعيات كشفية وشبابية ومن على منابر مراكز دينية وضمن حلقات حزبية، كما أنها تتردّد مع كل جنازة لمقاتل عائد من أرض المواجهة، وتتحوّل الى مسلّمات قد تصل مساءلتها إلى مرتبة «الطعن بدماء الشهداء» أو حتى «التشكيك» باليقين الديني ذاته.
على أن التدقيق في بعض الجوانب المحيطة بالحجج والمقولات إياها، وبالممارسات القائمة افتراضاً بموجبها، تظهر أن ماكينة حزب الله الإعلامية والعسكرية، بنَت فوق مقوّمات «الشيعية السياسية» اللبنانية، التي بدأ تبلورها أواسط الثمانينات، وبموازاة الأيديولوجيا والتنظيم «الثوري» الإيراني، منظومةً فيها من التشابه مع المنظومة الخطابية والعسكرية الرسمية الإسرائيلية الكثير.
بمعنى آخر، ثمة تماثل يططحقّقه حزب الله اليوم مع جوانب عدّة في منظومة «الذرائع ومقتضياتها» التي أقامها عدوّ قاتله الحزب على مدى عقدين وأكثر من الزمن. وهذا يتخطّى الجانب العسكري وما فيه من تنظيم ومناقبية صارمة.
فعلى سبيل المثال، لا تختلف الاستباقية التي يدّعيها حزب الله في حوض العاصي السوري «بهدف تأمين سلامة اللبنانيين» عن مبدأ «سلامة الأراضي الإسرائيلية» التي اعتمدها الجيش المسمّى «جيش الدفاع الإسرائيلي» في معظم عمليّاته داخل الأراضي اللبنانية.
ولا تتمايز حجّة الأضرحة والمزارات الدينية والذود عنها عن حجج المستوطنين في مدينة الخليل، أو عن فلسفة الاحتلال بدعوى الدفاع عن تاريخ أو عن مقام يتهدّده الشرّ ويكاد يكرّر «مأساته الأولى».
ولا تفترق النظرة لدى حزب الله إلى العامل الديموغرافي الذي يدفع للتساؤل عن حكمة ذهابه إلى صدام مذهبي كبير في ظل أقلّويّته إقليمياً عن نظرة ال «إستبليشمنت» الإسرائيلي، التي لم تر في العامل الديموغرافي العربي (خارج حدود فلسطين التاريخية) ما يخيفها فعلياً، ذلك أن القوّة المقاتلة وكفاءتها وبُنيتها التحتية وعصبية بيئتها الملتفّة حولها عُدّت كافية لحسم المعارك وكسب الوقت وتغيير المعادلات.
وإذا أضفنا إلى ذلك أن كيان الحزب السياسي شديد الاتّكال على نواة الحزب المؤسّسة، أي بنيته العسكرية، لأمكنت إضافة عنصر مقارنة إضافي مع العنصر التأسيسي الإسرائيلي حيث تشكّلت الكيانية السياسية حول الجهاز العسكري وصار الجيش من يومها جهاز الدولة الصهيونية الأهمّ.
ويمكن طبعاً الحديث عن بناء القدرات الأمنية للحزب اللبناني وأذرعته الخارجية الكثيرة الفاعلية والانتشار، ويمكن كذلك البحث في تركيزه على صورته لدى الرأي العام «الخارجي» وديناميّته في هذا المجال، وتمكن أيضاً الإشارة إلى أن لدى جمهوره غرور قوّة يُساكن المظلومية التاريخية وسرديّات التهميش والقمع، فيبرّر أفعال الحاضر. وهذا كلّه يؤكّد أوجه تمثّل حزب الله بعدوّه في الموقف الذرائعي وفي أشكال المقاربات الصراعية المختلفة.
لهذه الأسباب، ولأُخرى مرتبطة بخصائص الاستقطابات والتحالفات والتوازنات القائمة في لبنان منذ 2005، لا يبدو اليوم انخراط الحزب في القتال السوري مدعاة خوف لديه على المدى القصير من تململ مريديه لبنانياً، ولا تبدو احتمالات الضغط الشعبي والإعلامي عليه كبيرة، خاصة أنها تأتي من خصومه الذين لا يعبأ بهم جمهوره أصلاً، والذين سبق له على مدى عقد كامل اتّهامهم بالتآمر عليه واستهداف من يمثّل (سياسياً ومذهبياً)، كما أن اندفاع شبّان من احتياطيّيه أو من عناصر الاختصاص لديه للقتال في سورية تلاقيها مشاعر لدى قسم كبير من مناصريه بالاعتزاز والتفاخر بقدرات تسمح لحزبهم بالتدخّل «الحاسم» في جبهات قتالية خارج حدود بلاده، لا بل في بلاد تكبرها بمرّات ومرّات.
وهذا يعوّض ربما بعض الخيبة التي أحدثها تراجع شعبية الحزب عربياً بعد الثورات وعودة السياسة إلى مجتمعات كانت محرومة منها، وكانت تجد فيه نموذجاً مغايراً لما تعرفه من نماذج حزبية نادرة أو هزيلة عندها…
حزب الله يندفع اليوم إذاً نحو قتال يشبه في أسلوبه وشعاراته أسلوب عدوّه.
ويبدأ معركة يملك توقيت بدئها وإدارتها الآنية، لكنه قد لا يملك، رغم قوّته وتماسك جمهوره، القدرة على إنهائها بالشكل الذي يناسبه، وهو يفتتح بذلك مرحلة جديدة تختلف أوضاعها كثيراً عمّا خبره حتى الآن من أوضاع، ولن تكون تداعياتها على الأرجح مقتصرة عليه، فهشاشة الأحوال اللبنانية الراهنة ووهن مؤسسات الدولة (وغياب -أو بالأحرى تغييب- بعضها!) مضافان الى الانقسام الحاد حول أدوار الحزب نفسه، قد تُدخل لبنان كلّه في حقبة يُخشى أن تكون من أسوأ الحقبات التي عرفها في العقود الأخيرة…


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.