كان الحماس يأخذني لمداراته الخمرية قبل مباراة الأرجنتين وألمانيا، كنت مفعما بالأمل، خصوصا أنني كنت أتوقع أن تفوز كتيبة مارادونا، وكان الزملاء هنا في المكتب متحمسون أيضا ومنقسمين بين الفريقين. أخذنا في الجدال، عبدالله ويمان وسيف كانوا يشجعون المانشافت، وأنا وأحمد وإياد كنا نشجع الأرجنتين، أكد يمان أن ألمانيا ستفوز لأنها الأفضل تنظيما وأكثر قدرة على التعامل مع المباريات الكبيرة. قاطعت زميلي العزيز مؤكدا أن فريق الأرجنتين الحالي هو الأفضل على مر العصور، أفضل حتى من فريق مارادونا عام 1986 الذي فاز بكأس العالم. لكن كانت هناك نخزة صغيرة في صدري تؤكد أن يمان محق في كلامه. فريق الأرجنتين يضم نجوما كبارا، نعم، لكني كنت أعرف أن التنظيم ينقصهم وهم يواجهون فريقا ميزته التنظيم وحسن الانتشار، والتعامل مع ظروف وأحداث المباراة. كنت أراهن أن تسجل الأرجنتين أولا لينفتح الدفاع الألماني في سعيهم للتعويض، لكن ما حدث كان العكس تماما، سجلت ألمانيا فصار دفاع الأرجنتين شوارع حسنة التعبيد أمام القوة الألمانية الضاربة. النقطة الأخرى التي كنت أعرفها وأتخوف منها هي أن الأرجنتين فريق لا يحسن الدفاع، هم قوة هجومية ضاربة فقط، فإذا وجدت طريقة لإيقاف هذه القوة سينتهي الفريق، ولا يبقى أمامك سوى تسجيل الأهداف في مرماهم، وهذا ما حدث. استطاع لوف التعامل مع هذه القوة الهجومية المرعبة وأوقفها تماما، ومنذ بداية المباراة وحتى نهايتها، واستغل التهلهل الدفاعي لراقصي التانغو فسجل الهدف الأول مبكرا وهو ما أربك مارادونا الذي لم يحسن التعامل مع المباراة، ولم يستطع الرد. كان الأجدر بمارادونا أن يستغل ضعف الأجنحة الألماني من خلال إدخال اغويرو محل هيجواينن والتركيز على الاختراق من الأجنحة لكنه فضل الاختراق من العمق معتمدا على مهارة ميسي وتيفيز، وهو أسلوب اثبت فشله تماما. فتلقت شباكه أربعة أهداف نظيفة ومهينة للغاية. بعد المباراة لم استطع النظر في وجه الزملاء، وانكفئنا أنا وإياد وأحمد على أنفسنا وسط فرحة وشماتة كبيرة من بقية الأصدقاء والزملاء في المكتب وخارجه. وكأن الناس كانت تنتظر هذه النتيجة لتشمت بنا، عشرات المكالمات الهاتفية انهالت على موبايلي ضاحكة شامتة. يعني كأنه أنا ميسي وإلا مارادونا، أنا شو دخلني يا عمي؟ أنا مجرد مشجع غلبان فضحه الفريق الذي يشجعة. وآه يا أرجنتينا... فضحتينا... وشمتّي الأعادي فينا.