في اجتماعٍ استثنائي أقرت الحكومة الموازنة العامة للدولة للعام المالي 2011م ، وبمقارنة سريعة بين موازنة العام المنتهي 2010 وموازنة العام الجديد يتبين أن قرار الحكومة بإقرار الموازنة الجديدة ما إلا قرارٌ باستمرار الفساد المالي والإداري واستمرار الجرع وتوسيع رقعة الفقر وزيادة نسب البطالة وغيرها من صور الفساد المعروفة والمألوفة في هذا البلد الغارق في الفساد ، وقد يتهمني بعض القراء بالتشاؤم والنظرة السطحية ، وأرجو أن أكون مخطئاً في توقعاتي مقابل أن ينصلح أمر البلد وتنتشل مما هي فيه ، وأدعو قرائي الأعزاء إلى التأمل بموضوعية وحياد في هذه المقارنات الثلاث بين موازنتي العامين (2010 و 2011م) وبعض الاستنتاجات المتعلقة بكل مقارنة : المقارنة الأولى :الإيرادات المتوقعة للعام الجديد 2011م مبلغ قدره ترليون و 519 مليار و 589 مليون و 252 ألف ريال وذلك منمختلف المصادر الايرادية مقابل ربط الموارد للعام الجاري 2010م بمبلغ ترليون و 520 مليارو 412 ألف ريال بنسبة نقص قدرها 05ر0 بالمئة . التفسير : من المتعارف عليه نمو الموارد (الإيرادات) لا انخفاضها ، خاصة في ظل مبشرات باستكشافات جديدة في مجال النفط ، وتأكيدات بتنامي حصة الحكومة من مشروع الغاز المسال ، وتصريحات بتحسين الوعاء الضريبي ، لكن مما يبدو أنه لا حقول جديدة ولا تحسين للوعاء الضريبي أضف إلى ذلك أن حصة الحكومة من مشروع الغاز المسال هوَ هوَ لن يتغير !! أليس في كل هذا دليل على استمرار الفساد في كل زاوية من زوايا النظام ؟ المقارنة الثانية :النفقات المتوقعة للعام الجديد 2011م مبلغ قدره ترليون و 821 مليار و 533 مليون و 934 ألف ريال مقابل نفقات فعلية لعام 2010م قدرها 2 ترليون و 12مليار و 105ملايين ريالبنسبة نقص قدرها 5ر9 بالمئة ، وبما يساوي (190 مليار وخمسمائة وواحد وسبعين مليون وستة وستين ألف ريال) . التفسير : هذا الانخفاض في النفقاتله تفسيران ، الأول ؛ استمرار مسلسل الجرع المتمثل في رفع الدعم المرحلي عن المشتقات النفطية بتخفيض فاتورة الدعم بما يعادل 30 % خلال العام الجديد 2011م ، والتفسير الثاني ؛ بقاء رواتب موظفي الدولة مدنيين وعسكريين على ما هي عليه في العام 2010م وهذا يعني تجميد الإستراتيجية العامة للأجور عاماً آخر وهذا يعني مزيداً من الفقر والبطالة والمعاناة . المقارنة الثالثة :قدر إجمالياعتمادات موازنات وحدات القطاع العام ذات الطابع الخدمي للعام 2011م بمبلغ وقدره 158 مليار و 515 مليون و 486 ألف ريال كإيرادات ونفقات ، وبدون مساهمة (دعم) من الحكومة مقابل مبلغ وقدره 147 مليار و 122 مليون و 636 ألف ريال لعام 2010م ومساهمة (دعم) الحكومةبمبلغ وقدره 23 مليار و 905 ملايين و 287 ألف ريال. التفسير :إن تخلي الحكومة عن دعم وحدات القطاع العام (الكهرباء ، والمياه ، والمجاري) يعني أن يدفع المواطن التكلفة الكاملة لهذه الخدمات وهذا يعني أن فواتير المياه والكهرباء والصرف الصحي لعام 2011م ستكون قاصمة الظهر بالنسبة للمواطن المسكين وما عليه إلا أن يصبر ويتحمل فيما رعاة الفساد ينعمون بالخيرات دون حسيب ولا رقيب . أتوقع كما هو معتاد أن تلقى هذه الموازنة معارضة كبيرة وانتقادات حادة في مجلس النواب وفضح الكثير من أسرارها ومكنوناتها الخفية ، لكن أرجو أن يكون أعضاء المجلس هذه المرة منحازين إلى الشعب والوطن وأن يرفضوا رفضاً باتاً هذه الموازنة ن وألا يكتفوا ككل مرة بإلزام الحكومة على التعهد بالعمل على تنفيذ توصيات المجلس مقابل الموافقة على اعتماد الموازنة .