في بدايات الثورة عول علي صالح على أولاده وذويه لقمع الثورة ، ولكن فشلت هذه العملية وخذله هؤلاء المراهقون المتسرعون وكأنهم يؤدون دور البطولة في أحد أفلام (( هوليوود )) ولكنهم تسببوا بمجزرة (( جمعة الكرامة )) والتي اسقطت الشرعية الدستورية عن حكمه و أدت إلى إنضمام مجاميع هائلة من الشعب بكل شرائحه وأطيافه للثورة ولميادين التغيير والحرية وأيضاً انشقاق لقيادات في الحزب الحاكم ، وكان الخاسر هو الريس علي صالح . بعده تم إعلان حالة الطوارئ والتي زادت الطين بله والذي أدى تفاقم الوضع وتأليب الراي العام المحلي والعالمي على النظام ، وبهذا خسر الريس علي صالح هذه الورقة أيضاً وبدا البرلمان اليمني مثل الكهف المهجور يتواجد فيه أعضاء الحزب الخاملين الذين يشكلون كتلة للتصويت فقط ولا يستفاد منه لإصلاح الحزب أو النظام . أيضاً ما نلاحظه أيامنا هذه أن الريس علي صالح يبدو محبطاً وعليه أن يعلم أنه لا يجدر به أن يستمر - ولو لأسبوع آخر - في حكمه لشعب لا يريده وسئم من تواجده بالسلطة لما بدر منه من أعمال إجرامية حيث بدا الريس مكشراً عن أنيابه ومبدياً عن الوجه الحقيقي للحاكم المستبد المتمسك بالسلطة ، وعليه أن يجد مخرجا مجديا له في أيامه العصيبة . ومن هذا وذاك يتضح لنا أن الريس علي صالح لم يعد يعول مطلقاً على قيادات حزبه ونظامه في انتشاله من الأزمة التي يعيشها إزاء الثورة المباركة بقيادة شباب الثورة ، وأقول شباب الثورة لأنه ليس لأحزاب المعارضة دور في قيادة هذه الثورة بعدما وافقت ورضخت للحوار مع علي صالح من خلال المبادرة والتي لم تقد إلى نتيجة إيجابية ، والبادي عليهم أنهم أحسوا بغلطتهم الفادحة بانسياقهم إلى المزلقة التي أوردهم إليها الريس علي صالح وكشف للناس عن مطلبهم الوحيد وهو السلطة ولو بالمشاركة مع الحزب الحاكم وهو ما يتعارض مع مطالب الثورة الشبابية الذي يتلخص في إسقاط النظام ورحيل علي صالح من السلطة وإخضاعه للمحاكمة مع نظامه ، لذا فإنجرارهم للمبادرة أنقص من قيمتهم أمام الريس علي صالح وحتى أمام أنفسهم ولم يعد يهتم بهم أ و يعطي لهم قيمة ، وعندما أحسوا بذلك سارعوا إلى التراجع إلى موقعهم الأول وهو وراء قيادة الشباب للثورة السلمية . لم يبق سوى الوساطة الخليجية ، ولا أقصد المبادرة وإنما الذي يقف وراءها من دعم للريس علي صالح والمتمثل بالأنظمة والقيادات التي عجزت عن إقناع علي صالح بالتوقيع ولا يستطيعون إجباره على فعل شيئ لا يريده ، أو ربما تحاول سحب أحزاب المعارضة للمربع الذي يريد الريس علي صالح أن يكونوا فيه ، وهذا بمثابة رد الجميل للريس علي صالح الذي خدمهم طوال سنين حكمه ، لذلك فإن القيادات الخليجية أيضا لم تعد تلك الورقة الرابحة التي تسنده في محنته في حال تغيب الطرف الأكثر أهمية في القضية . إذاً ما هو الذي يهمه يا تر ى ؟؟ ومن هو الطرف الذي يقلقه ويريد أن يتفق معه أو يأمن جانبه ومكره ؟؟ بمعنى آخر من هو الطرف المخول الذي يستطيع منح الضمانات بشكل فعلي لعلي صالح ، ويجعله يحس أنه في بر الأمان إذا ما تنحى من الحكم بهذه الضمانات ؟؟ إنهم شباب الثورة ، نعم شباب الثورة في ساحات التغيير والحرية ، هم الحلقة المفقودة في المبادرة وهم أيضا الحلقة الأقوى فيها ، إنهم الفتية الذين آمنوا بربهم وزادهم هدى و قوة إلى قوتهم . لعمري أكاد اقول أن جميع الأطراف والأوراق والمبادرات بكافة تنوعها واختلافها وتعديلاتها ومن يقف وراءها ويدعو إلى الالتزام بها ، جميع هؤلاء لا يعادلون عند الريس علي صالح مقدار بيان يصدر عن شباب الثورة ينسف هذه المبادرة بكل أشكالها ، وهو – الريس علي صالح - لايريد ضمانات ضمن مبادرات من أي من الأطراف السالفة الذكر وإلا لكان وقعها و مضى في طريقه - لا يخاف إلا الله والذئب على غنمه . والقارئ الذي يتابع الأحداث باهتمام يلاحظ أن الريس علي صالح لا يرجو من المشترك أو المبادرة برمتها سوى إزالة الاعتصامات من الساحات ، هذه الاعتصامات التي تقض مضجعه وتزلزل كيان نظامه ، ولعلكم تلاحظون قيادات نظامه وحزبه في وزارة الإعلام و الدائرة الإعلامية بالحزب الحاكم و الدائرة السياسية وغيرها - لا يتسع المقام ولا يتشرف بذكرها أو ذكر ممثليها - و كذلك القنوات الإعلامية الرسمية التي تقف مع النظام ضد الثورة والشعب ، و في الصحف الرسمية و المواقع الإليكترونية بواسطة من تكتب أقلامهم مع النظام - بنظام الدفع المسبق - ، كل هؤلاء وعبر هذه الوسائط يوجهون رسالة صريحة مفادها أن الاعتصامات هي السبب في تأخير توقيع المبادرة ، ونفهم من رسالتهم أن الشباب في ساحات الاعتصامات هم الطرف الفاعل والأهم والمخرج الوحيد لحل أزمة زعيم نظامهم علي صالح وأزمتهم أيضاً المتزايدة أمام ثورة الشباب ، وهم الوحيدون القادرون على إعطاء الضمانات للريس علي صالح ونظامه بعدم الملاحقة القضائية بعد تنحيه عن السلطة . ما أريد قوله باختصار ، الريس علي صالح يريد ضمانات مقدمة من شباب الثورة وليس أقل ولا أكثر من ذلك ، ولكن أيضاً أتساءل !!! هل يستطيع الحصول على هذه الضمانات منهم بعد كل ما فعله بهم ولا يزال يعمل ذلك حتى لحظة كتابة هذه الفقرة وبالتحديد قمع المظاهرات في محافظة تعز والإعتداء السافر المخجل من قبل أفراد الأمن على طالبات في جامعة تعز الذي تم تصويره ورآه كل اليمنيين عبر القنوات الفضائية ، يلصق العار والخزي على جهاز الأمن الذي يعتدي بأيدي العسكر على بنات اليمن . إذاً كيف سيحصل على مخرج من أزمته ومن هؤلاء الشباب و ليس من طرف آخر ؟؟ - الكاتب كمواطن - يمثل نفسه فقط - أقترح عليه بما يملي علي ضميري وحبي لوطني اليمن ، مخرجاً مشرفاً له أمام الله و الشعب اليمني وأمام العالم أجمع ، وأعتقد أنه ليس هناك من مخرج آخر في موقفه الذي لا يحسد عليه ، ويمكن تلخيصه كمبادرة من مواطن إلى الريس علي صالح كالتالي : بعد البسملة والثناء على الله ، الأخ الريس علي صالح أتوجه إليك بهذه المبادرة لعلك ترجع إلى عقلك وإلى ربك حيث لا مخرج لك من ايامك العصيبة إلا بهذه المبادرة ، وإذا لم تأخذ بها فاعلم أنك خسرت هذه الفرصة وللأبد ، وأعمل كما اقول لك : 1- أن تقف مع نفسك ومع الله وقفة صادقة ولوحدك بعد أن تتوضأ وتصلي ركعتي شكر لله على ما أصابك من الهم والغم ، وأيضاً تستغفر الله بصدق ومن أعماقك على ما اقترفته في حياتك حتى اللحظة . 2- تأمر بجميع وقف الاعتداءات على المتظاهرين وفي جميع المحافظات . 3- تقوم بحجز جميع أولادك واقربائك المتورطين في الجرائم وكذلك أفراد نظامك الذين شملتهم في قائمة الحصانة والذين لم تشملهم أيضاً ولا يهمونك ولكنهم أساؤوا إلى الشعب في مكان محدد وتمنعهم من السفر أو الهرب إلى أي مكان داخل الوطن . 4- تعطي إسماً لجمعة قادمة وليكن (( التوبة إلى الله والاعتذار للشعب )) ، وتسقط جميع الشعارات واللافتات التي تمجدك وتمجد حزبك وتحمل صورك ، وتجعل شعارا واحدا فقط هو حب الوطن . 5- أمام الشعب اليمني وبعد صلاة الجمعة ، تعتلي المنبر وليس بجوارك أحد و على مكبرات الصوت ، تعترف بما اقترفته ضد الشعب اليمني وتعلن توبتك إلى الله بصيغة يتم إعدادها من قبل شيخ دين في الداخل أو الخارج من الذين تؤمن بنزاهته وصدقه و تقرأها على الناس وبقلب مخلص لله عز وجل . 6- في نفس الخطاب ، تقوم بالتنحي عن السلطة وبدون شروط أو ضمانات وبشكل واضح و بدون مغالطة . 7- عليك إرجاع جميع الأموال التي سلبتها وصادرتها من أموال الدولة من قبلك وجميع أفراد نظامك بدون استثناء . 8- تقدم نفسك والأشخاص المحجوزين إلى الشعب للمحاكمة مع إبداء الندم الشديد إلى الله وإلى الشعب وطلب الغفران والصفح ودع الحكم للشعب في ذلك فهو يقرر مصيرك ، ولا تخف من ذلك فطالما تكون توبتك نصوحا فما سيقع عليك بعد ذلك إنما هو تطهير لك مما تدنست به أيام حكمك . 9- لا تخف بعد ذلك على اليمن ، ففيه رجالات يستطيعون الحكم بما يرضي الله ، ولا تعتقد أن المشترك سيستولي على سدة الحكم ، فهو أضعف من ان يفعل ذلك وإلا لكان فعل ذلك منذ عقد ونصف من الزمن وسيردعه الشباب إن حاول ذلك كون الكلمة الأخيرة لشباب الثورة ولا بأس أن يساهم جميع الشعب بكل أطيافه في حكم اليمن ولكن في ظل دولة مدنية .
و صدقني يا ريس علي صالح ، لا يوجد لديك سوى هذا الحل ، وأنت بهذا ستنقذ ما يمكن إنقاذه من محبة بقلوب الشعب اليمني لك ، وستقدم لوطنك آخر خدمة كحاكم له وهي الخدمة التي سوف يتذكرها الشعب لصالحك ، وعدا ذلك فلن تجد في دهاليز وأروقة السياسة والملوك والرؤساء والسلاطين مثل هكذا حل ديبلوماسي ينفع في حالتك هذه .
اسأل الله أن تجد في هذه المبادرة الشخصية ما تريده ويطمئن له قلبك ويرتاح له ضميرك وينتزع الشر من حواليك وتضمن به خير هذا البلد الذي يستحق منك الحرص والقلق بشأنه .