· لأني دافعت عن إيجابيات علمانية أرى صوابيتها هل يعني أني علماني ؟ · أو تحدثت عن جوانب رائعة في الإشتراكية هل يعني ذلك أني اشتراكي ؟ · أو دافعت عن مظلمة الحوثيين هل يعني ذلك أني حوثي رافضي يمتهن التقية ؟ · وإذا ذكرت طالبان والقاعدة بخير فهل يعني ذلك أنني صرت طالبانياً قاعدياً ؟ · وإن استدللت بأقوال غاندي البوذي بإعجاب فهل أصبحت بوذياً ملحداً ؟ · أو تكلمت عن حسن معاملة الإنسان وكرامته ومواطنته في أوروبا وأمريكا فأنا مستشرق متغرب خسر الدنيا والآخرة ؟ · وإذا كانت لي مواقف مع النظام والمعارضة أو ضدهما فهل يعني أنني عميل بلطجي مرتزق ؟ · وإن دافعت عن الحراك وحقوق أبناء الجنوب فهل أنا انفصالي ؟ أو نقدت أساليب امتهان كرامة الشمالي في الجنوب هل أكون دحباشياً ؟ · أو ناديت بالحقوق وصرخت بالعودة لمسار الدين الذي تم حرفه فهل يعني ذلك أنني رجعي متخلف يريد العودة بعقارب الزمن إلى الوراء ؟ · وإن ناديت بحقوق المرأة المسلمة الحقيقية التي جاء بها الإسلام دون زيف وطغيان فأنا متأثر بدعوات الغرب الكافر ومنجرف بتياره ؟ وبالمثل إن انتقدت عيِّنات من التفسخ والإنحلال فأنا عدو للمرأة متحجر متطرف ! · أو ذكرت صدام أو القذافي بخير فأنا بعثي قذافي ؟ · وإن كانت لي مواقف مغايرة لثورات الربيع العربي فأنا عدو للثورة ؟ وإن وافقت الهوى فلن أكون إلا ثورياً مناضلاً حراً ولو كانت معدتي متخمة بالحرام والفساد ! · وإذا وجدت متنفَّساً وصرخت في وجه الظلم والقهر والإذلال والكبت والحرمان فأنا من المعارضة أو بقايا النظام ؟ ولو كان العكس فخانع ذليل مستعبد يوالي الظالمين ويعادي الأولياء المؤمنين ! · وإن كتبت مقالاً أو خطبت جمعة فانتقدت هذا الطرف أو ذاك فأنا مأجور يبيع آخرته بدنياه ؟ وإن سكتُّ ولزمت الصمت قالوا : ضُربت عليه الذلة ! هذه وغيرها من الإنحراف الحاصل في مفاهيم الناس وقانون الشيطان الذي عمَّمه على جميع أتباعه وفق نظرية : من لم يكن معي فهو ضدي . من البشاعة بمكان تصنيف الآخرين وفق قناعاتهم ومحاكمة نواياهم بحسب أقوالهم , ذلك المفهوم هو الثروة التي خرجنا بها من الأزمة التي طحنتنا طحناً . إنحرفت مفاهيم الكثير من الناس – ولا حول ولا قوة إلا بالله - في رؤيتهم للقيم والأخلاق فعلى سبيل المثال : صرنا نرى المسرف كريماً ، ونصف المقتصد بالبخل ، وننظر للمعتدي على الناس على أنه شجاع ! لم نعد نفهم بأن المعيار الوحيد والحقيقي للتقييم هو الإسلام الحنيف وتعاليمه السمحة التي زغنا عنها فانحرفت مفاهيمنا . نسأل الله اللطف وتبصير العيوب .