جتمعنا في غرفة متوسطة.. فريقنا المشترك ضم أحزاب التحالف والمعارضة الرئيسة.. ولكن ماذا بعد؟! لقد تحمس شركاء الفريق الإعلامي الرئيس في محافظة ذمار لفضاء الانتخاب، آمنوا فجأة بشرعية الدستور، بديلاً عن شرعيتهم الثورية. • مضحكون.. إنما تجد النهاية أنك وهم تتقاسمون مبدأ الوطن.. وإن اختلفت زوايا الظن!، وروائح الشك فلا بد من قواسم مشتركة.. رغم مجيئهم إلى قلب الفريق الإعلامي المشترك واقتسام الثروة والإعلام إلا أنهم مازالوا يزايدون بالثورة كغطاء ابتزاز مؤلم وجارح. • وصفوني لأول مرة منذ لقائنا المباشر بعيداً عن قساوة "فيس بوك" أني أتلمس صغائر الأشياء فأجعلها تكبر وأعملقها بتضخيم لا مبرر له.. كانت الصغائر هذه مثلاً: أن تحشو أناشيد المهرجان الانتخابي بأبيات تسيئ إلى عهد الرئيس صالح.. وإلى المؤتمر الشعبي العام الذي أمثله في هذا الفريق.. وهنا يستمر اعتراضي الشديد.. ورفضي القاطع أن تتحور شعارات المرشح من: معاً نبني اليمن الجديد.. إلى: الشعب يريد بناء يمن جديد.. فالأول لافتة المرشح الانتخابية الرسمية.. والثاني: مزايدة ثورية تبنتها قناة: "سهيل".. وصارت خطاباً أكيداً لمسيرات الساحات المستمرة. • هنا يكمن الخبث السياسي.. والتعزيز المبهم لأوراق الباطن.. ومنها دعوة أصحابهم وأنصارهم لحشد انتخابي مهول في الإستاد الرياضي بمدينة ذمار.. فنبدأ.. صوت المذيع الجهور يرحب بالآف الحضور.. الآن نقف احتراماً للنشيد الوطني.. فجأة تُرفع شارات النصر بأيدي الحضور.. ويستشيط محافظ ذمار غضباً على رئيس فرع أحزاب اللقاء المشترك بذمار.. ينكمش الأخير في مقعده.. ويصمت.!! • انتظر الإصلاحيون الذين يغطون ثلث مدرجات الإستاد الرياضي بمدينة ذمار خطاب وزير الأوقاف الذي لم يُدرج في برنامج المهرجان بغية إهانة الأخير أثناء إلقائه خطابه المتوقع.. لكن الوزير الحاذق كان أكثر حصافة منهم.. لم يفعل شيئاً.. حضر.. ابتسم.. صافح المواطنين.. كان طويلاً وضخم الجثة بما يكفي للإعلان: أنا هنا. • رغم اتفاقنا على اشتراك الخطاب الجماهيري، ومحدداته، وتقاسم كل شيء من أجل الانتخابات الرئاسية المبكرة التي تعد نصراً لحراس الشرعية الدستورية، ولا سواهم. يُصر الإصلاحيون على استفزاز الجماهير المؤتمرية العريضة.. بتصرفات لا تفيد.. وأخطاء تكشف تناثر المواقف السياسية والقبلية والإيديولوجية لزعماء المشترك المعارض.. بعد أزمة عصفت بالبلاد.. ولم تحقق من أهدافها شيئاً، ولم يكن لهؤلاء الفوضويين ملاذاً يقيهم صراع التفكك الحزبي ما بين جناحين أحدهما وطني بقيادة اليدومي، والآخر فوضوي وانقلابي بقيادة حميد الأحمر، سوى الهروب إلى الأمام بتحقيق التقاسم السياسي والحلول الحقيقية التي تنسف جهود التعبئة الثورية الخادعة. • خسائر المتواليات العاصفة لحزب الإصلاح أنه ترك حلفاء الساحات والخيام خلفه، واندفع نحونا بكل لهفة.. وها هو اليوم يوجه أنصاره الذين لا فقه لهم.. نحو "الحوثي".. الثلاثاء الماضي شهد معركة سحل بالعصي والطماط الفاسد بين أنصار المقاطعة الانتخابية وهم الحوثيون، وحلفاؤهم السابقون الإصلاحيون الذين قالت عنهم توكل: إنهم نسوا خلافاتهم وثاراتهم والتأموا في خيمة واحدة.. لكن اللئام لا يلتئمون..!! • أغرب شيء أسمعه ويدهشني هو القناعات المتبدلة بين اسبوع وآخر لأنصار الإصلاح والساحتين.. كأنهم آلة لا تتصرف إلا وفق موجهات محددة.. حين توقيع المبادرة الخليجية.. اضطرب الموقف: قناة "سهيل" تحتفي.. والساحات تستنكر وتدعو لرفضها.. وفي الإسبوع الذي يليه أصبح الموقف عكسياً.. وفي الجمعة الثالثة انطلق الإيمان بالشرعية الثورية مجدداً.. وفي الرابعة رفعوا صور عبدربه منصور هادي.!! • هكذا بكل بساطة.. من كان يؤمن بالشرعية الثورية التي تقضي على ما عداها من شرائع وشرعيات.. صار يرفع اليوم صورة نائب رئيس الجمهورية.. ويدعو لانتخابه.. بل يزاحمنا في صناديق الاقتراع.. حتى صديقي الذي كان يؤمن بنظرية التدمير وإعادة البناء.. وهي نظرية تدعو لتدمير كل شيء بناه نظام الرئيس علي عبدالله صالح.. لأنه- حسب وصفه- بناء هش.. ومن ثم إعادة بنائه كما حدث في ليبيا.. أو كما يحدث في سورية بصورة بطيئة.. هذا الصديق اللدود.. أعلن لي بكل صراحة في مركز الانتخاب.. أنه مستعد لملء صناديق الاقتراع بكل البطائق لصالح مرشح التوافق..!!. • يا صديقي.. كيف أغضب على قناعاتك المتطرفة.. حين تكره فأنت تنسف كل أخلاقي.. وحين تعشق تُمزق أضلعي بين حنايا صدرك الغاصب.. وهذا ما عنيناه وعانيناه.. ولكن ماذا بعد ؟! • لا أعتقد أن الإصلاحيين يؤمنون بالرئيس الجديد.. فرحيل النظام بصورة حادة ومفاجئة.. سيجعلهم في مواجهة مصيرية مع قوى مسلحة يمكنها أن تنطلق إلى خاصرة الحزب الإسلامي الوحيد.. فتقصم ظهره.. وتسحل بقايا أفكاره المتناقضة والمكشوفة لدى الشعب الذي تفاجأ بقدرة هذا الحزب على الخداع والقتال والكذب.. وتكفير شركائه في آن واحد، وذلك ما دعاهم إلى التقدم نحو الأمام، والكف عن عبثية إسقاط النظام لأنه يعني إسقاط الحياة، ونفخ الصور إيذاناً بالموت..!! • لقاء أصدقاء "فيس بوك" الذين لم تكن تعرفهم جيداً.. يوفر فرصة لمعرفة القناعات المباشرة لهؤلاء.. ومستوى ثقافتهم.. وسبر أغوارهم.. ولكن لم يكن هناك شيء.. سوى الأمير.. وهم أتباعه. • وإلى لقاء يتجدد. [email protected] * صحيفة (اليمن)