مليشيات الحوثي تغلق مسجدا شمالي صنعاء بسبب رفض المصلين لخطيبها    شاهد كيف ظهر كريستيانو رونالدو بلحية .. صور تثير الجدل والكشف عن حقيقتها!    قيادي حوثي يواصل احتجاز طفل صحفي ويشترط مبادلته بأسرى حوثيين    وفاة وإصابة خمسة أشخاص في حجة وصعدة جراء الصواعق الرعدية    ما هو شرط زيدان لتدريب فريق بايرن ميونيخ؟    الارياني: الأسلحة الإيرانية المُهربة للحوثيين تهدد الأمن والسلم الدوليين ومصالح العالم    أكاديمي: العداء للانتقالي هو العداء للمشروع الوطني الجنوبي    إيران وإسرائيل.. نهاية لمرحلة الردع أم دورة جديدة من التصعيد؟    الكشف عن تصعيد وشيك للحوثيين سيتسبب في مضاعفة معاناة السكان في مناطق سيطرة الميلشيا    صمت "الرئاسي" و"الحكومة" يفاقم أزمة الكهرباء في عدن    ثمن باخرة نفط من شبوة كفيلة بانشاء محطة كهربا استراتيجية    السيول الغزيرة تقطع الخط الدولي وتجرف سيارة في حضرموت    مصرع وإصابة عدد من عناصر المليشيات الحوثية الإرهابية غربي تعز    أسعار صرف العملات الأجنبية أمام الريال اليمني    غارات عنيفة على مناطق قطاع غزة والاحتلال أكبر مصنع للأدوية    وفاة الاديب والكاتب الصحفي محمد المساح    شاب يقتل شقيقه جنوبي اليمن ووالده يتنازل عن دمه فورًا    بالصور .. العثور على جثة شاب مقتول وعليه علامات تعذيب في محافظة إب    محمد المساح..وداعا يا صاحبنا الجميل!    صورة ..الحوثيون يهدّون الناشط السعودي حصان الرئيس الراحل "صالح" في الحديدة    آية في القرآن تجلب الرزق وفضل سورة فيه تبعد الفقر    العليمي يكرّر كذبات سيّده عفاش بالحديث عن مشاريع غير موجودة على الأرض    رفع جاهزية اللواء الخامس دفاع شبوة لإغاثة المواطنين من السيول    مقتل مغترب يمني من تعز طعناً على أيدي رفاقه في السكن    انهيار منزل بمدينة شبام التأريخية بوادي حضرموت    ما هي قصة شحنة الأدوية التي أحدثت ضجةً في ميناء عدن؟(وثيقة)    العليمي يتحدث صادقآ عن آلآف المشاريع في المناطق المحررة    وفاة الكاتب والصحفي اليمني محمد المساح عن عمر ناهز 75 عامًا    نصيب تهامة من المناصب العليا للشرعية مستشار لا يستشار    عاجل: انفجارات عنيفة تهز مدينة عربية وحرائق كبيرة تتصاعد من قاعدة عسكرية قصفتها اسرائيل "فيديو"    صورة تُثير الجدل: هل ترك اللواء هيثم قاسم طاهر العسكرية واتجه للزراعة؟...اليك الحقيقة(صورة)    وزير سابق يكشف عن الشخص الذي يمتلك رؤية متكاملة لحل مشاكل اليمن...من هو؟    نادي المعلمين اليمنيين يطالب بإطلاق سراح أربعة معلمين معتقلين لدى الحوثيين    الدوري الايطالي: يوفنتوس يتعثر خارج أرضه ضد كالياري    مبنى تاريخي يودع شبام حضرموت بصمت تحت تأثير الامطار!    رئيس الاتحاد العربي للهجن يصل باريس للمشاركة في عرض الإبل    شروط استفزازية تعرقل عودة بث إذاعة وتلفزيون عدن من العاصمة    لماذا يموتون والغيث يهمي؟    الممثل صلاح الوافي : أزمة اليمن أثرت إيجابًا على الدراما (حوار)    - بنك اليمن الدولي يقيم دورتين حول الجودة والتهديد الأمني السيبراني وعمر راشد يؤكد علي تطوير الموظفين بما يساهم في حماية حسابات العملاء    بن بريك يدعو الحكومة لتحمل مسؤوليتها في تجاوز آثار الكوارث والسيول    المانيا تقرب من حجز مقعد خامس في دوري الابطال    الحوثيون يفتحون مركز العزل للكوليرا في ذمار ويلزمون المرضى بدفع تكاليف باهظة للعلاج    تشافي وأنشيلوتي.. مؤتمر صحفي يفسد علاقة الاحترام    سورة الكهف ليلة الجمعة.. 3 آيات مجربة تجلب راحة البال يغفل عنها الكثير    عملة مزورة للابتزاز وليس التبادل النقدي!    مولر: نحن نتطلع لمواجهة ريال مدريد في دوري الابطال    الفلكي الجوبي: حدث في الأيام القادمة سيجعل اليمن تشهد أعلى درجات الحرارة    رغم وجود صلاح...ليفربول يودّع يوروبا ليغ وتأهل ليفركوزن وروما لنصف النهائي    بمناسبة الذكرى (63) على تأسيس العلاقات الدبلوماسية بين اليمن والأردن: مسارات نحو المستقبل و السلام    وفاة مواطن وجرف سيارات وطرقات جراء المنخفض الجوي في حضرموت    دراسة حديثة تحذر من مسكن آلام شائع يمكن أن يلحق الضرر بالقلب    تصحيح التراث الشرعي (24).. ماذا فعلت المذاهب الفقهية وأتباعها؟    السيد الحبيب ابوبكر بن شهاب... ايقونة الحضارم بالشرق الأقصى والهند    ظهر بطريقة مثيرة.. الوباء القاتل يجتاح اليمن والأمم المتحدة تدق ناقوس الخطر.. ومطالبات بتدخل عاجل    وزارة الأوقاف تعلن صدور أول تأشيرة لحجاج اليمن لموسم 1445ه    تأتأة بن مبارك في الكلام وتقاطع الذراعين تعكس عقد ومرض نفسي (صور)    النائب حاشد: التغييرات الجذرية فقدت بريقها والصبر وصل منتهاه    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



نبيل الصوفي يحلل.. انتصار المؤتمر وهزيمة المشترك لماذا؟
نشر في 26 سبتمبر يوم 28 - 09 - 2006

أسفاً، ولأسباب موضوعية لم أعمل مع المعارضة خلال الانتخابات الأخيرة إلا من حيث نشر هذا الموقع الذي أتولى مسؤوليته مناشطها بمالايقل عن مافعلت وسائلها، ولكني مهتم بحالها بذات مستوى اهتمامي بالمؤتمر الشعبي العام لذا أحاول (وقد فض رمضان مولد التنافس) أن أقف في مربع مختلف من حيث كونه متخففا من التشكي المعارض، والفرح والابتهاج الحاكم. لذا سأكتفي بتتبع الإيجابيات التي رأيتها خلال أكبر عملية تسييس شهدتها اليمن (والوصف لبن غالب رئيس تحرير صحيفة النداء).
ولكني استسمج القارئ بمقدمة صغيرة لتمرير قليل من الغضب. إذ أشعر بالأسى –كمواطن- من لجنة عليا تدافع عن صورتنا السلبية حتى ضد طموحاتنا أن نبدو مختلفين. ماضر رئيسها لو تريث قليلا في التعبير عن فرحه بمؤشرات الصناديق الأولى. فإعلانات اللجنة العليا ليست مؤشرات.
وأشعر بأسى أكبر –كمتابع- من حزب حاكم يريد أكثر حتى ممايعطيه الخلق لربهم، أظن أن نسبة من يعبدون الله حقا من خلقه هي أقل من النسبة التي يريد المؤتمر حصدها من أصوات الناخبين.
وسأحاول أن لا أقول شيئا عن المعارضة. وسأكتفي بما سأمرره بين سطور الإيجابيات التالية. إذ ليس لدى المعارضة قدرة على احترامنا حين نقول رأيا يختلف عما تريد أو عما كنا نقول.
بالتأكيد ليست هي الآن كأميركا ظهيرة ال11 من سبتمبر من حيث حجم الفجيعة والغضب، ولكنها معارضة من شارعنا العام الذي يرفض منح الإصلاحيين والاشتراكيين صك قبول تغير حال العلاقة بينهما، ولذا فالمعارضة أيضا ترفض قبول أي معطيات وراء تغير مواقف البعض خاصة من لاتسبق أسماءهم ألقاب من قبيل "الشيخ".
فللشيخ "سواء شيخ عمامة أو شيخ دسمال" مبرراته ولنا ماتبقى من (ضعف الولاء الوطني، وبيع الذمة، وقليل من خواء روحي....).
فوز مؤتمري بجدارة وبخروقات
للمرة الأولى يمكن القول إننا شاهدنا مؤتمرا شعبيا عاما مختلفا. المؤتمر الذي اختار الأستاذ المناضل حسين المسوري ممثلا عنه في معركة؛ الخطاب العام هو سيدها كما في انتخابات 2003، هو الذي قدم وجوها مختلفة للمجالس المحلية من وديان حضرموت وحتى جبال صنعاء. ليس هذا مطلقا لكنه غالب بحيث يمكن مشاهدته.
المؤتمر، نعم بدا عاجزا عن أن يظهر كوحدة قادرة على التنظيم، حتى أن رئيسه ومرشحه للانتخابات الرئاسية لم يظهر ولا مرة في إحدى مقراته، وحتى مؤتمره الصحفي بعيد إعلان فوزهالمعارضة ليست كأميركا ظهيرة ال11 من سبتمبر من حيث حجم الفجيعة والغضب، ولكنها عاجزة عن احترام من يقول رأيا يختلف عمَّا تريد خاصة حين لايكون شيخا، بدسمال أو عمامة
كمرشح للمؤتمر عقده في بهو دار الرئاسة وليس في اللجنة الدائمة. كما أنه (رئيس المؤتمر) ظل يشكر كل الفعاليات السياسية في كل المهرجانات.
لكن هذا المؤتمر كان هو وسيلة الحشد الأولى. وبدا كحزب جديد، استخدم أدوات لطالما كانت حكرا على خصومه. تجاه المسجد كان خطيبا، وفي شارع الفن كان حاضرا (أناشيد أو أغاني)، وحتى في مقرات اللجان الانتخابية شعرت بالامتنان لشباب ظننتهم من أعضاء التجمع اليمني للإصلاح وهم يساعدوني على الوصول لصندوقي الانتخابي بحماسة، قبل أن يهمسوا في أذني وأنا أدلف غرفة اللجنة الانتخابية "المؤتمر ياطيب". –هكذا كنا نفعل أيام النشاط التنظيمي من لجان الاستقبال الطلابية إلى الانتخابات-.
ومقابل تطور معارض تجاه الإعلام إذ تتالت مؤتمرات اللقاء المشترك الصحفية وهو مكسب إيجابي للإعلام، فإن المؤتمر لم يعقد مؤتمرا صحفيا واحدا متفرغا للعمل الميداني المطلق.
رئيسه بدا في كامل لياقاته. رافقته كصحفي في غالب مهرجاناته وكنت دوما أبحث عن معالم الأزمة التي يتحدث معارضوه أنه يعيشها فلم أجد لها أثرا.
وبحدود علمي وما رأيت، مع اعتراف أنه قليل، فلم أر صورة لمنافسه فيصل بن شملان استفزته. حيا شبابا رأيت التوتر في وجوههم وهم يستقبلون موكبه في كحلان حجة رافعين صور منافسه. والأمر ذاته فعله في شعيب الضالع. (وعلى العكس كان موقفه إيجابيا حين أدان فعلا ترك صورة كبيرة للمهندس فيصل بن شملان مقصوصة الوجه على أحد منازل سيؤون).
المنطقة الوحيدة التي لمست فيها قلقا من تأثير معارض هي محافظة تعز. غير أن حشود صالح مطالب بحماية تحالفه مع البسطاء ضد الوسطاء، والمعارضة معنية بحماية مشروعها الوطني الديمقراطي من خصوم صالح، وتشديد مطالباته بالإنجازات خلال 7 سنوات وليس الطعن في شرعية الفوز



مهرجانها أظهر نشوة في وجه الرئيس. والمرة الوحيدة التي رأيته فيها مرتبكا يعيد الكلمة مرة ومرات كان في مهرجان عدن. وإلا فقد كان يتحدث بسهولة ولطالما عذب الورقة التي يعدها قبيل المهرجان، فلايلتزم بالقراءة منها إلا قليلا كما كنا نراه.
والأهم أنه عمل دون قيود عكس خصومه، فقد كان يستمع لخطاب سلفي يحرم التعددية والديمقراطية في مهرجاناته، ويكتفي منه أنه يدعو له سواء كولي للأمر، أو صاحب أفضال، ليقوم بعد ذلك مفاخرا بالديمقراطية التي أسسها، داعيا ناخبيه إلى صندوق الاقتراع.
يهاجم أحزاب "الحقد" المشترك، ويلهب بالحديث عن "غياب الشمس" حماس خصوم كثيرين لها، ويذكر بمآسي عهد الاشتراكيين، ثم يوجه شكره ل"الشرفاء في الاشتراكي، والمخلصين في الإصلاح". ويعتبر اللقاء المشترك أحد إنجازات عهده. ويترحم في أبين على حسين عثمان عشال، وفي تعز يفاخر بعبدالفتاح إسماعيل.
يوافق للأستاذ عبدالرحمن الجفري على العودة، ويرحب بترشيح رئيس الهيئة العليا للتجمع اليمني للإصلاح له، ولكنه يصر على الوصول إلى أي تجمع للناخبين؛ قيل له إن عليه الراحة صبيحة يوم السبت، فالتفت قائلا "ومتى سقطرى؟"، وهي لم تكن في بال فريقه.
قيل له إن ناخبي "حوث"، ولست أدري إن كانت تتبع صنعاء أو صعدة، يمزقون صوره، وأن شبابا في جنح الليل "يقلعون" لوحات تدعو لانتخابه. فوصل محافظة صعدة داعيا "أتباع الرزامي والحوثي" الى تأسيس حزب.
لست أريد القول إن المؤتمر ومرشحه للرئاسة فاز في هذه الانتخابات بدون خروقات. ولكنه أولا فعلها بجدارة ثم للأسف الشديد دعم هذه الجدارة بكمية من الخروقات ليس اقلها الاستخدام الخطر لورقة الإرهاب، وهي التي جعلت رئيس الهيئة التنفيذية للقاء المشترك والدائرة السياسية للتجمع اليمني للإصلاح "محمد قحطان" يعاتب رفاقه في إدارة الحملة والحماية الأمنية بحصافة الاعتراف أن حادثة الذرحاني أفقدت المعارضة 15% من 40% هي حصتها في الشارع السياسي.
لكن الخروقات ليست هي جديد انتخاباتنا. كما أن ثمة عمقاً اجتماعياً وثقافياً وليس مجرد الإصلاح مطالب بشرعنة المراجعات لضمان استمرار مسيرة الحركة الإصلاحية اليمنية بدلا من وئد المراجعات، وتغليب منطق التبرير وحماية الأخطاء
توجيه إداري للكثير منها.
ونضال المعارضة السياسي ليس ضد هذه الخروقات فقط حتى تقف عندها، بل هي تنافس المؤتمر كحزب وقيادة، ومن ثم عليها ملاحظة ماكينات نجاحه وليس فقط الوقوف عن الحديث أنه "فوز يفتقد لرصيد حقيقي من التأييد الشعبي"، فمثل هذا الخطاب من خصم سياسي هو كاتهام المؤتمر للمشترك بالإرهاب. تهم بين الخصوم وليست تقييمات موضوعية من أطراف محايدة.
لقد استخدم المؤتمر–في الغالب- كل ماهو عام ولكن بذكاء افتقده في مرات سابقة، ولولا كمية الصور التي توزعت في الشوارع مظهرة عدم التكافؤ بين صالح وبن شملان لأتعب المراقبون في إدراك قصد المعارضة من حديثها عن الفرص غير المتكافئة.
وللناخب رسائل
وموازيا للمؤتمر ورسائله التي بعث بها مدللا أنه، وأخيرا، استشعر خطر المعارضة ميدانيا، فإن الناخب قدم خلال الانتخابات رسائل مهمة. ومثلما قال الأستاذ أحمد صوفان –وزير التخطيط السابق- في حواره مع أسبوعية الناس بعد الانتخابات فإن "التحولات التي حصلت في عقلية الناخب وتفكيره ليست بسيطة". حديث المشترك عن افتقاد الفوز المؤتمري لرصيد حقيقي من التأييد الشعبي، هو كاتهامات المؤتمر للمشترك بالإرهاب. خطاب من خصم سياسي وليست تقييمات موضوعية
لقد قالت النتائج أن بعض أعضاء الأحزاب صوتت لعلي عبدالله صالح ضد خيار قيادتها مع أن صالح كان سببا لكثير من مآسي هذه الأحزاب ومن ثم هؤلاء الأعضاء. ومع أن ترشيح بن شملان، وتحالف المشترك من القرارات الممتازة لقيادات الأحزاب، لكن ثمة تراكمات إدارية وتنظيمية وسياسية صوتت القواعد ضدها على طريقتها.
وعلى مقربة من ذلك فإن الوعي الذي صنعته هذه القيادات لسنوات طوال ضد بعضها البعض، عمل ضد تطورها ورشدها، لأنها لم تخدمه كما خدمت نقيضه، فنحن نعرف أن بعض المحاولات في المراجعات قد وئدت، وأن المناهج التنظيمية الجديدة لم تأخذ دورتها في صنع وعي جديد.
ولايعني هذا أن صالح حصد كل الأصوات، فالأصوات التي حصل عيها مرشح كياسين عبده سعيد، والنسبة الكبيرة للأصوات الباطلة تؤكد أن هناك مواطنين لم يثقوا بالمعارضة لكنهم لم يقتنعوا بكل ما اعتبروه مجرد خطاب انتخابي للرئيس.
لقد منح مرشح المؤتمر الشعبي العام من صناديق صوتت لمرشحي ذات الحزب للانتخابات المحلية على "صفر"، وفي مناطق أخرى حصل صالح على أقل من 1 من عشرة في المائة.
وأعطت مناطق القيادات المنتفعة من صالح للأخير لاشيئ، فالناخب يريد مصلحة تخصه كفرد وليس مجرد غرام.
* التصويت لصالح كرسائل سياسية
وباعتقادي، والفكرة هنا للأستاذ عبده سالم، أن مناطق يمنية صوتت ضد خطاب سياسي عالي، هو عادل ولكنه لايمثل مصالحها المباشرة. أبناء صعدة صوتوا لصالح للتعبير عن رفضهم محاولة حشرهم وكأنهم مجرد أتباع مذهب مضطهد في دولة الأغلبية بعض أعضاء الأحزاب صوتت لعلي عبدالله صالح ضد خيار قيادتها، ليس رفضا لبن شملان ولكن احتجاجا على تراكمات إدارية وتنظيمية وسياسية
السلفية.
وأبناء المحافظات الجنوبية والشرقية غاضبين من استغلال مآسيهم تحت عنوان المشكلة الجنوبية.
إنهم هنا وهناك يمنيون وحدويون ومشكلتهم مع الفساد وليس مع الوحدة، ومع الفقر وليس مع صنعاء أو سنحان.
وأزيد من عندي، أن عمران التي صوتت لعلي عبدالله صالح كانت تؤكد أن نشاط حميد الأحمر هو نشاط حزبي وليس قبلي، ديمقراطي وليس جهوي.
كما أن النسبة العالية التي حصدها صالح في غالبها رفض لأدلجة المعارضة، أو بمعنى أدق لتحويلها لعمل عقائدي. لنقل أنه معاقبة للخطاب الإعلامي المعارض الذي كان يعتبر ترشيح صالح مجرد فساد، وقلة ولاء وطني، وبيع ذمة. وأن اختيار المهندس فيصل بن شملان هو التغيير.
لقد كان الناخب أكثر إدراكا أن التغيير ليس مجرد سوط ضد الرئيس صالح. إنه منهج لايصح أن يطالب به طرف لحماية نفسه من ذات المطالب. وهو لم يعرف تغيرا داخل مؤسسات المعارضة التنظيمية (وبخاصة التجمع اليمني للإصلاح) لا في الخطاب ولا في الأشخاص حتى يغريه رفعها التغيير كشعار في معركتها ضد صالح.
كما أن من صوت لصالح كان يحمي المعارضة من وعي بدت بعض مؤشراته واضحة من خلال التصريحات. إن المعارضة في بعض توجهات قادتها بدت معتقدة أن حصول صالح على أقل من 60% كان يعني هز شرعيته، وهذا وعي كارثي. غير ديمقراطي ولا قانوني. ويضر أول مايضر المعارضة التي عليها النضال في سبيل الأغلبية التغيير ليس مجرد سوط ضد الرئيس صالح. إنه منهج تنتظر مصداقية رفعه تغييرا في خطاب وداخل مؤسسات المعارضة
الدستورية وليس القناعة بالأغلبية الظنية.
أعتقد أنه من الممكن هنا التنبيه إلى أن تنظيم القاعدة وهو يدافع عن الأمة، ويتصدى لمعاركها دون تفويض منها ينطلق من كون قناعته أنه لايحتاج تفويضا فنيا من هذه الأمة. فهو أعلم بالحق واقدر على الفعل بدلا عن هذه الشعوب الخانعة الذليلة، أو التي تقع فريسة نظمها الحاكمة. وهذا نفسه منطق الجماعات السياسية والفكرية اليسارية أو اليمينية التي كانت تلجأ لمثل هذا الخطاب للتعويض اللغوي والنفسي مع كل هزيمة سياسية تتعرض لها. وهو ماكان يعمق إقصائها من الحياة العامة.
لذا أعتقد أن على المعارضة التنبه لمثل هذا المأزق. إن غالب الرؤساء في البلدان الديمقراطية لايصلون نسبة (60%). فالشرعية تعني أن يفوز أحد المتنافسين بالأغلبية البسيطة. وهذا لايختلف على تحققه لصالح اثنان. والخلاف هو حول مابعد ذلك، وهي مقتضيات للنضال السياسي وليس للعبث الخطابي.
ومن هنا فإن الواجب الوطني على المعارضة أن ترفض أي تشكيك في شرعية حكم صالح بل وتتصدى لتأمين هذه المشروعية، مقابل ضغوط كبرى عليه لينجز برنامجه الذي لايختلف كثيرا عن برنامج مرشحها المهندس فيصل بن شملان.
* قضايا الناخبين
كما أن الناخب بتصويته لصالح رئيسا، وحزبه حاكما محليا، قال للمعارضة إنه لايعرف اهتمامها بتفاصيل حياته. لست اشهد للمؤتمر هنا فالأخير في وعي الناخب هو المدير العام وليس الناشط السياسي. والبيان الذي هو بضاعة المعارضة لاينتقل من مقايل صنعاء إلا إلى صحفها عكس بيانات الزمان الغابر.
لقد عاتب صالح أجهزته قبل الوحدة لأن صفارة من قيادة الإخوان الشارع الذي يتعامل مع المؤتمر كمدير عام وليس كناشط سياسي، ينتظر معارضة تعيش معه تفاصيل حياته، وإلا فإن إدعائها تمثيله أشبه بخطاب تنظيم القاعدة عن مآسي الأمة.. حق يستخدم في سياق باطل
حركت مساجد اليمن، رغم فوراق الإمكانيات فيما قرارات الحكومة لاتصل إلا وقد أتخذ عكسها. فأين ذهبت هذه الصفارة رغم أن أحدا لاينكر التطور الكمي والنوعي لقاعدة حزب الإصلاح –وريث حركة الإخوان تلك.
إن ثمة دعوة من الناخب للإصلاح ليحدث مراجعة كبرى بشرعية تنظيمية، وليس من خارج هذه الشرعية، لضمان استمرار مسيرة الحركة الإصلاحية اليمنية وعدم دخولها مناطق التنازع.
أتذكر أني في آخر اجتماع لهيئة الشورى المحلية للتجمع اليمني للإصلاح بأمانة العاصمة، انتقدت في خطة الحزب السنوية غياب الحديث عن الأرامل والمطلقات، والناجحين والراسبين في الاختبارات، وسائقي التاكسيات، وملاك البناشر والورش، والمهمشين والرياضيين، ومشكلات الحارات من مياه وكهرباء ونظافة. لقد كانت الخطة تظهر بوضوح أنه مقابل إهمال هذه القضايا فإن كل دائرة يأتي في صدارة اهتماماتها "العلماء" وكأننا في دار العلوم وليس في حزب سياسي يريد التصدي للحكم وعبر الانتخابات.
ليس هذا نقدا للاهتممام بالعلماء حفظ الله كل صاحب علم وأنار به دروبنا، غير أننا أننا نريد وضوحا إصلاحيا ينهي هذا الارتباك الذي لايخدم العلماء ولا يحقق مصالح العامة. ومن ثم فإما أن ينتقل للشارع فيهتم به، أو يبقى نخبويا فيتوجب عليه فعليا خدمة نخبته.
ومع فوارق إيجابية في المدن نتيجة اتساع قاعدة الإصلاح النوعية، فإن الأخير في الريف لايزال فقط إمام مسجد، فيما الاشتراكي أصبح مجرد ناقم على المقرات المنهوبة. وهذه وظائف وقضايا مهمة، لكن الناخب لايعتقد أن أصحاب هذه الوظائف بحاجة ليكونوا ممثلين له في المحليات أو غيرها، إنه يمكنهم الخطابة والشكوى وهم خارج هذه المؤسسات. بل إن الأفضل لهم أن لاينشغلو عن الخطابة والشكوى بالفوز في المحليات فضلا عن الرئاسة.
* ثقافة الماضي
ومقابل التماسك الممتاز للمشترك قبل الانتخابات، فإن هذا التماسك لم يعبر به عن مشروع للمستقبل. فمنذ إعلان مشروع الإصلاح السياسي للقاء المشترك فإن قواعد الأحزاب لم تقم أي فعاليات مشتركة.
قلت لقواعد المشترك في بعض المناطق الريفية قبيل الانتخابات:تعطلت صفارة الإخوان، واحتكرت الشكوى جهود الاشتراكيين، والفارق الشاسع بين المؤسسة التنظيمية والخطاب السياسي للأحزاب أحد أسباب العلاقة المختلة بين القضايا العادلة التي تتصدى لها، والنتائج الكارثية التي تحصدها
اعملوا معا، فأنتم الجديد الذي يمكنه تحقيق الفوز لكن هذا لم يحدث. إذ ستفرض اجتماعات للتخطيط والمتابعة والنقاش على كل طرف داخل أحزاب المشترك أن يغير من طريقة أدائه للافضل، وهذا هو الجديد الحقيقي الذي تحتاجه اليمن. بل سيقود لأكبر عملية تغيير سياسي وثقافي.
وليت أن قيادة المعارضة تأخذ كلامي هذا محمل الجد وتعالج هذه الإختلالات. إنا نريدها عملاقة في انتخابات هي على الأبواب: 2009م. ولسنا نشمت بها هنا أو نعرض كما سيصور بعض ممن يتناقضون معا في الرؤية جذريا، ولكنهم بدلا من النقاش الصريح سيضطرون للدفاع عن الكارثة التي هم وكلاؤها واهم أدوات صنعها، بتوجيه النقاش صوب الخروقات المؤتمرية والخروقات وبس، وكأن المؤتمر هو الفاعل الوحيد في هذه الساحة، وأنه على مايشاء قدير.
كما أن الناخب اسقط الخطاب الكلي والقضايا التي كنا نعتقدها مفاصل كبرى. هو احتشد في مهرجانات المهندس فيصل بن شملان ليستمع له، ويشعر بالاعتزاز أن يمنيا يخطب على الملأ ضد الرئيس، لكن هذا المستمع لم يكن معنيا بقضايا الإصلاح السياسي والنظام البرلماني. كان البائع المتجول، أو سائق البيجو مشغول وهو يستمع لبيان معارض عن موارد النفط بقيمة صواميل، ومساحات الزجاج، ومشكلات الفرزات، ومطبات الطرقات وهو لايسمع عن هذه لا في المسجد ولا عبر الثوري، ولا في الصحوة. فضلا عن بيانات الأحزاب.
صوت الناخب.. خيار المستقبل
ومن هنا فإن التصويت هذا بقدر مايوجب على المعارضة الكف عن التشكيك في استحقاق صالح الرئاسة، بل يوجب عليها الدفاع عنه في مواجهة أي انتقاص باعتباره خيار الشارع حتى بالنسبة التي تعتقدها المعارضة (60%). فإنه يحمل صالح احترام التحالفات، القيادات التنظيمية محمية بولاء قاعدي غير سياسي، مستعد أن يحمل الجن والأنس المسؤوليات، ويطالب علي عبدالله صالح بأن يقبل سعي معارضيه لأن يتهموه كل التهم، ولكنه لايفكر مجرد التفكير في رفع رمشا مؤدبا ليقول للقيادة: لو سمحتي ممكن تشوفي دورك في الخلل؟
فهو نال ثقة البسطاء وليس توكيلا من الوسطاء.
كما أن بديل الفرز الخطر على الديمقراطية ليس العودة لتحالفات ماقبل الانتخابات. المطلوب عدم تحول العلاقة بين المؤتمر والمعارضة لا إلى مصدر قلق للسكينة الاجتماعية عبر سياسات الإقصاء أو عبر الرد عليها، ولكن أيضا ليس بديلا للإنجازات. صالح يتوجب عليه العمل لمصلحة ناخبيه، ولكن بأفق ديمقراطي يحترم مواطنة ناخبي خصمه لأنهم معا يمثلون الشرعية اليمنية.
وللأحزاب نصيب من الإنجاز
ومع سلبيات عدة، يتوجب علينا أن نقول أن المعارضة كانت هي علامة هذه الانتخابات. لست أدري لماذا تغرق في التذمر وكأنها فعلا كانت مستعدة لدخول القصر الجمهوري؟. إلا إن كان الأمر في حقيقته استجابة لإعلان اللجنة العليا للانتخابات التي بدت حريصة على إرباك المعارضة وإشغالها خارج السياق الديمقراطي.
خاضت المعارضة أول عمل سياسي في اليمن. نعم أول عمل سياسي التشكيك في نصر المؤتمر يبهت تحدي المعارضة التي خاضت أول عمل سياسي لايبحث عن المدخل الخلفي لدار الرئاسة بل البوابة الرئيسية، ومن صوت لبن شملان كان يصوت لشرعنة وحماية التعددية
لايبحث عن المدخل الخلفي لدار الرئاسة بل البوابة الرئيسية. وهو مايعني انها ستبني نضالا قادرا على فرض رؤى وطنية على القرار الحاكم خوفا أو طمعا. بالنضال المعلن والواضح سيصبح الخوف والطمع شغلا للحاكم وليس بضاعة للمعارضة، وهذا هو جدوى النضال الديمقراطي في كل العالم.
محليا أحيل الكارثة إلى "عجز عن إدارة الأهداف". فقد ظللنا ننبه المعارضة للمحليات، ولكنهم كانوا يقولون إن الرئاسية أهم. ولذا ليس عليها التفجع الآن. فهذا ما أرادته، خاصة حين ندرك أنها نافست بأقل مما فعلت في انتخابات 2001م، ثم إن كل حزب من أحزاب المشترك نافس في المحليات منفردا. لم أر ملصقا واحدا يجمع مرشحي أحزاب المشترك للمحليات. وخلافا للدعم الذي تلقاه مرشحي المؤتمر للمحليات من مرشحهم للرئاسة، فإن حملة المشترك الواضحة في الرئاسية لم تعضد حملته المحلية.
يمكن القبول بأن المشترك لم يكن يمكنه أن يعطي للناخب أي إشارة أنه يقبل منه التصويت لصالح رئيسا ولمرشح المشترك محليا، إذ كانت هذه ستفجر الاتهامات التي بالكاد خفتت بين الفرقاء. ويمكن القول أن تحدي إدارة حملة من أجل الرئاسة جعلها تبذل قصارى جهدها لذلك. ولكن فلنعلن إذا أن طموحاتنا المحلية كانت اقل، ولندع وهج مشاركتنا في الرئاسية عاليا لاتخدشه النتائج إلا من حيث أنها تدعو لتعديل استراتيجيات العمل استعدادا لجولة 2009 وهي قريبة وقريبة جدا. بدلا من محاولة خدش فوز المؤتمر وتحويله إلى تهم تكال للناخب اليمني وتسخيفا لتحالف الرئيس معه.
* تطور يستحق الإشادة
كما أن الأحزاب التي نتهمها بالأيدلوجية، لم تكتف بتسليم قواعدها للمستقل فيصل بن شملان، بل حشدتهم بكل مالديها من قدرة، مع مخاوف أن تكون مهمة الحشد قد توقفت عند حضور المهرجانات واقعة تحت تأثير النشوة. يعتقد الناخب أن الأفضل للإصلاحيين والاشتراكيين –حسب اهتماماتهم التي يراها- أن لاينشغلو عن الخطابة والشكوى بالفوز في المحليات فضلا عن الرئاسة
وكم أشعر بالامتنان والتقدير لشباب حملوا أمانيهم التي ليس منها شيء شخصي، بل هي لليمن، للفقراء والمتسولين، للحزبية وانتصارا للذات الجمعية، لمشروع الإصلاح السياسي، للقاء المشترك.
وكم هم بؤساء من كل حزب الذين سيعتقدون أنه يمكن لهم تبادل الاتهامات، أو إشاعة الشكوك بين أحزاب اللقاء المشترك.
نعم كانت الشمس غالبة في مهرجانات مرشح اللقاء المشترك، ولكنها لم تفعل لتعلن حضورها بل لتؤكد للقاء المشترك أنها معه وبه ولليمن.
وماكان قصورا، فليس هناك أحد أحسن من حد. ويمكننا استغراب موقف الشيخين عبدالله بن حسين الأحمر، وعبدالمجيد الزنداني، ولكنهما تركا الإصلاح الحزب وهو الأهم للمشترك.
كما أننا سنشاهد –في المقابل- أحمد الشامي ورموزا مهمة في مختلف الأحزاب ليس في البيوت محايدين، بل في منصات مهرجانات الرئيس الصالح.
ويمكن تتبع إصلاحيا لم يعمل للمشترك هنا، ولم ينتخب ناصريا أو اشتراكيا هناك. لكن ثمة أمثاله في كل حزب، مع أغلبية كانت الشمس غالبة في مهرجانات مرشح اللقاء المشترك، غير أن الاعتقاد أن الاشتراكي أو الناصري افقد الإصلاح شعبيته خطأ قاتل، فالأخطاء هي التي أفقدت الجميع نتائج مضمونة وهي أكثر بكثير من أي مضاعفات سلبية للتحالفات الجديدة
عددية إصلاحية ستحصد الإيجابيات.
غير أن الاعتقاد –في المقابل- أن الاشتراكي أو الناصري افقد الإصلاح شعبيته خطأ قاتل، ومثله الندم على المشاركة. تلقيت رسالة بعثها إصلاحي لأمين العام الإصلاح الأستاذ محمد اليدومي، يقول له إن الإصلاحيين بعد هذه النتيجة سيكتشفون حكمته حين رشح صالح قبل المؤتمر في 1999م. غير أن هذا المنطق غير صحيح.
أولا الأخطاء هي التي أفقدت الجميع نتائج مضمونة. وثانيا: الأخطاء أكثر بكثير من أي مضاعفات سلبية للتحالفات الجديدة. وثالثا ثمة عوامل يتوجب على قيادة وقواعد المشترك أن تؤمن بقدرتها. عوامل في عمق الثقافة.
إن الماضي هو الذي هزم فينا ادعاء التحول نحو المستقبل، لأننا نعمل بأدوات الماضي ووعيه وفكره وطموحاته.
* وللريف كلمة
إن المهرجانات الانتخابية، ونتائج المحليات الكارثية على التعددية أظهرت هشاشة النشاط الحزبي في الريف الذي يسكنه غالب اليمنيين. مع أن هذا الريف في غالبه لايعرف استبدادا ولا ماتقوله المعارضة عن سيطرة مشائخية إلا في القليل منه.
إنه وباستثناء حميد الأحمر –وهو من نجوم صنعاء ولكن نقبل به عمرانيا لأسباب عدة- فإن المعارضة أظهرت فقرا محليا من القيادات، ويمكن أن تتذكر قيادات المعارضة أنه حتى الفريق الصحفي المرافق لها كان يسألها عن اسم من ألقى كلمتها في كل مهرجان محلي، إذ نحن لانعرف إلا محمد اليدومي، وعلي الصراري، ومحمد الصبري، أما محمد عقلان، وحسن يغنم، ومحمد زين، واحمدصعدة رفضت بالتصويت لصالح حشرها وراء الصراع المذهبي، وأغلب المصوتين قالوا إنهم غير معنيين بالخطابات الفوقية، والانتخابات ليست مبيتات ولا رحلات ولا نقاشات تنظيمية
صلح، وناصر البجيري، (كلهم إصلاح لأني لا أعرف عن قيادات غير هذا الحزب في المحافظات)، هؤلاء مجهولون إلا داخل مجتمعهم التنظيمي، إما بتقصير منهم أو من أحزابهم أو من وسائل إعلامها، والانتخابات ليست مبيتات ولا رحلات ولا نقاشات تنظيمية.
ليس المطلوب أن يكون للمعارضة مشائخ وعقال حارات، ولكن لنتذكر كيف لمع نجم عبده محمد المخلافي أيام لا تلفزيون ولاصحافة، كيف عرفنا عبدالفتاح اسماعيل، كيف يعرف عبدالله صعتر قرى اليمن. إن هناك عشرات الوسائل ليت أن المعارضة تراجعها قليلا.
* المعارضة دعوة للمستقبل، وليست نقمة على الماضي
كما إن النقمة وحدها لاتكفي. وهذه من الأخطاء التي تسبق الالتفات لتأثيرات مشتركة متعمدة من أعضاء المشترك. إن النقمة ليست هي سلاح المعارضات في الدنيا. المعارضة دوما تكسب من تبنيها الدعوة للمستقبل وليس البكاء على الماضي. كان المشترك يستحق خطابا يقول لعلي عبدالله صالح إننا نسعى لحماية إنجازاتك التي نراها تتآكل بفعل أخطائك. لا أن نقول له إنك صنم، وانك مستبد، وانك استوليت على ثروات البلد، وتتجه بنا نحو الصوملة. ونحن شركاؤه حتى ماقبل سبع سنوات. ونحن نعرف انه "بالكاد اليمن صارت دولة وطنية بدلا عن العشيرة" كما هو توصيف الأستاذ العظيم محمد قحطان. ليس لناكان على المشترك أن يبشر بدولة سينال المؤتمر فيها وضعا لايعاني فيه مما تعانيه أحزاب المعارضة تحت حكم المؤتمر، ويقول لصالح إننا نسعى لحماية إنجازاتك التي نراها تتآكل بفعل أخطائك. لا أن نقول له إنك صنم، وانك مستبد، وانك استوليت على ثروات البلد، وتتجه بنا نحو الصوملة
دولة، أو أننا نخاف على دولتنا الفشل فكيف إذا نتحدث عن الاستبداد والسطوة.
أخاف اللقاء المشترك أنصار علي عبدالله صالح، وحقرهم –عكس مافعل صالح-، وكان أولى به وهو يعلم أنه ينافس لحماية الديمقراطية وتأكيد أن الشعب مالك كرسي الحكم، أن يطمئن هذا النصير، ليس بأن يقول له "ولايهمك نحن بس نتنافس ليفوز صالح"، ولكن عبر خطاب يعلي شأن التعددية ويبشر بدولة سينال المؤتمر فيها وضعا لايعاني فيه مما تعانيه أحزاب المعارضة تحت حكم المؤتمر الآن.
أضاع المشترك فرصة كبرى للترويج للتعددية، لا لمهاجمة الفردية. ولم يروج لمؤشرات التنمية: حرية التعبير، العلاقات الدولية، منظمات المجتمع، الإصطفافات الوطنية.
عفوا ليس لدى المشترك نقص في النصائح، لذا اقطع حديثي هنا، وأقول إن التشكيك في نصر المؤتمر يبهت كم مثلت المعارضة له من تحد فاستثارت فيه كل كوامن القدرة وهو حزب يزخر بالقدرات التي كانت ذات يوم رموزا في أحزاب المعارضة التي لم تتعايش معها في جو طبيعي فكان الفراق، ومع الأسف فإن الطرفين تحولا إلى خصمين ضد بعض تحت ضغط خطاب تحقيري من المعارضة، وعقدة تسعى للتطهر من الراحلين منها.
البديل أن تدرك المعارضة أنها خطت الخطوة الأولى نحو الديمقراطية، وإذا كانت هزيمتها في كل انتخابات ستكون مدخلا لإنجازات يتودد عبرها المؤتمر للمواطن فإن تلك الهزائم تصبح مكارم وطنية. وإنها منحت اليمنيين فرصة التصويت للتعددية، عبر خيارين أحدهما مرشح المؤتمر والآخر مرشح المشترك، وباعتقادي أن من صوت من عمران وحضرموت وأبين ولحج وتعز لفيصل بن شملان، كان يصوت لشرعنة وحماية التعددية وليس ضد الدولة، ولليمن وليس لمجرد ولاء تنظيمي للقاء المشترك أو لأي من أحزابه.
* كلمة ختام
ليت أن المؤسسة التنظيمية في الأحزاب تدرك أن الفارق الشاسع بينها وبين الخطاب السياسي لذات الأحزاب أحد أسباب العلاقة المختلة بين القضايا العادلة التي تحملها، والنتائج الكارثية التي تحصدها. وأنه مالم يتم معالجة هذا الخلل فسيكون الطرفان في الحزب الواحد سبب هزيمة تضعف الحزب، ولاتقوي أيا من الطرفين. لن تكسب الأوطان تحولا سياسيا كما أنها مع التحول السياسي للإصلاح فإن خطط دوائره مهتمة ب"العلماء"، أكثر من مشكلات الناخبين.. ولذا لا حمى دار العلوم، ولا انتقل لحزب سياسي يريد التصدي للحكم وعبر الانتخابات
لن تحافظ على قوة تنظيمية. لذا لابد من نقاش عميق وجاد، في أعلى المستويات. أقول أعلى المستويات لأن القيادات التنظيمية في بلادنا محمية بولاء قاعدي غير سياسي، مستعد أن يحمل الجن والأنس المسؤوليات، ويطالب علي عبدالله صالح بأن يقبل سعي معارضيه لأن يتهموه كل التهم، ولكنه لايفكر مجرد التفكير في رفع رمشا مؤدبا ليقول للقيادة: لو سمحتي ممكن تشوفي دورك في الخلل؟.
المستويات القيادية وفيها رجال عظماء يتوجب عليهم أن يتصدوا لهذا النقاش لنخرج من طريق تجعلنا –مهما حسنت نوايانا، وكانت أهدافنا سامية- مجرد حماة للتحولات غير الديمقراطية.
* خصوم صالح لا مناصريه
كما أن المعارضة مطالبة بأن تحمي مشروعها من خصوم الرئيس صالح أكثر من حمايته من صالح وأنصاره. المعارضة مشروع مدني معارض وفقا لقواعد عمل سياسية وقانونية –وهذا ما أكد عليه بيان قبولها النتائج "تحت فرض الأمر الواقع".
كثير من خصوم صالح يمارسون كل ماتنتقده المعارضة على الأخير، ومن هنا يتوجب على المعارضة رفض جرها إلى قبول الأخطاء تحت ضغط الشراكة، سواء من حيث التحالفات خارج الملعب الديمقراطي، أو اختراق القانون، أو تحويل المعركة إلى انتصارات وهزائم شخصية.
أثق في عظمة قيادات المعارضة ولكن المسألة أيضا تحتاج لجهد لحماية وعي الميدان، حتى لايكون أنصار الأحزاب وسيلة لضرب انجازات أسهمت المعارضة أيام شراكتها في إنجازها.

الخديري والغباري
ليت أننا نرى التنظيمات وقد رفضت الكارثة التي ستثمرها نتائج المحليات، إذ بأغلبية كاسحة للمؤتمر ستتعطل طاقات وقدرات عظيمة مشكلتها الوحيدة أنها في صفوف المعارضة.
هل يمكن أن تقنعنا المعارضة أنها تثق فعلا بكوادرها، فنرى من يتناقضون معنا في الرؤية جذريا، وبدلا من نقاش صريح حول هذه الرؤى سيفرون للدفاع عن الكارثة التي هم وكلاؤها واهم أدوات صنعها، بتوجيه النقاش صوب الخروقات المؤتمرية والخروقات وبس، وكأن المؤتمر هو الفاعل الوحيد في هذه الساحة، وأنه على مايشاء قدير
عبدالسلام الخديري مسؤولا عن الدائرة الاجتماعية في الأمانة العامة للإصلاح، وعبدالله الغباري لدائرة التعليم؟
لاتقولوا لي الانتخابات التنظيمية، لأني سأذكركم أن المؤتمر لم يقصهم بل الناخبون هم من فعلوا، وليس هذا تعجيزا، بل مجرد لفتة نحو التغيير: الشعار الكبير الذي جذرته المعارضة في حياة اليمنيين حتى من صوتوا لمن يحكمنا أكثر من ربع قرن.
المهندس فيصل بن شملان.. مؤسس الديمقراطية اليمنية
إذا كان التاريخ سيحسب للرئيس علي عبدالله صالح أنه أول زعيم عربي تنازل عن حماية الكرسي بالقوة المادية، وجعل التنافس عليها محميا بقرار الناخب ونص الدستور، حسب الشيخ عبدالله بن حسين الأحمر، فإن المهندس فيصل بن شملان فتح لنا أصعب أبواب التاريخ الديمقراطي.
فتحية تقدير وإجلال لهذا الرجل العظيم القادم من بيئة تعلي من شأن المجموع، وتشجع المبادرات، وتعلي من شأن المعرفة، وتصبر على الأذى، وتحتقر الخصومة وتنتصر للحق.
أيها الرجل القدير.. لك ألف شكر على جهدك وجهادك. وعذرا إن لم تجد بجانبك كثيرين من المستفيدين من دورك. فهي معطيات للعمل العام في مجتمع مرهق بالتحديات. مجتمع يتبادل فيه القادرون إقصاء الأقل مكانة، ومن ثم تحقيرهم، مجتمع تعمل فيه المقدمات ضد النتائج.
وبالتأكيد أن مافعلته لن يذهب سدى. وسيكون تأسيسا داعما لشركاء كثر في بلد طموح للتغيير، تغيير الممارسات أيا كان مصدرها.
والله لايضيع اجر من أحسن عملا.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.