لقاءان لقبائل الغيل والعنان في الجوف وفاءً للشهداء وإعلانًا للجاهزية    الأمم المتحدة: اليمن من بين ست دول مهددة بتفاقم انعدام الأمن الغذائي    الحديدة.. المؤتمر العلمي الأول للشباب يؤكد على ترجمة مخرجاته إلى برامج عملية    لابورتا يُقفِل الباب أمام عودة ميسي إلى برشلونة    شبوة تودّع صوتها الرياضي.. فعالية تأبينية للفقيد فائز عوض المحروق    فعاليات وإذاعات مدرسية وزيارة معارض ورياض الشهداء في عمران    بكين تتهم واشنطن: "اختراق على مستوى دولة" وسرقة 13 مليار دولار من البيتكوين    مناقشة جوانب ترميم وتأهيل قلعة القاهرة وحصن نعمان بحجة    شليل يحرز لقب فردي الرمح في انطلاق بطولة 30 نوفمبر لالتقاط الأوتاد بصنعاء    افتتاح مركز الصادرات الزراعية بمديرية تريم بتمويل من الاتحاد الأوروبي    قراءة تحليلية لنص "اسحقوا مخاوفكم" ل"أحمد سيف حاشد"    القرود تتوحش في البيضاء وتفترس أكثر من مائة رأس من الأغنام    من المرشح لخلافة محمد صلاح في ليفربول؟    مفتاح: مسيرة التغيير التي يتطلع اليها شعبنا ماضية للامام    منتسبوا وزارة الكهرباء والمياه تبارك الإنجاز الأمني في ضبط خلية التجسس    تألق عدني في جدة.. لاعبو نادي التنس العدني يواصلون النجاح في البطولة الآسيوية    تركيا تعلن مقتل 20 من جنودها بتحطم طائرة شحن عسكرية في جورجيا    المنتصر يدعوا لإعادة ترتيب بيت الإعلام الرياضي بعدن قبل موعد الانتخابات المرتقبة    دربحة وفواز إلى النهائي الكبير بعد منافسات حماسية في كأس دوري الملوك – الشرق الأوسط    عالميا..ارتفاع أسعار الذهب مدعوما بتراجع الدولار    الإخوان والقاعدة يهاجمان الإمارات لأنها تمثل نموذج الدولة الحديثة والعقلانية    جنود في أبين يقطعون الطريق الدولي احتجاجًا على انقطاع المرتبات"    إيفانكا ترامب في أحضان الجولاني    حضرموت.. تُسرق في وضح النهار باسم "اليمن"!    خبير في الطقس: برد شتاء هذا العام لن يكون كله صقيع.. وأمطار متوقعة على نطاق محدود من البلاد    زيارة ومناورة ومبادرة مؤامرات سعودية جديدة على اليمن    عين الوطن الساهرة (2)..الوعي.. الشريك الصامت في خندق الأمن    احتجاج على تهميش الثقافة: كيف تُقوِّض "أيديولوجيا النجاة العاجلة" بناء المجتمعات المرنة في الوطن العربي    اليوم انطلاق بطولة الشركات تحت شعار "شهداء على طريق القدس"    وزير الإعلام الإرياني متهم بتهريب مخطوطات عبرية نادرة    عسل شبوة يغزو معارض الصين التجارية في شنغهاي    تمرد إخواني في مأرب يضع مجلس القيادة أمام امتحان مصيري    حلّ القضية الجنوبية يسهل حلّ المشكلة اليمنية يا عرب    أبين.. الأمن يتهاوى بين فوهات البنادق وصراع الجبايات وصمت السلطات    30 نوفمبر...ثمن لا ينتهي!    الواقع الثقافي اليمني في ظل حالة "اللاسلم واللاحرب"    تغاريد حرة .. انكشاف يكبر واحتقان يتوسع قبل ان يتحول إلى غضب    كلمة الحق هي المغامرة الأكثر خطورة    "فيديو" جسم مجهول قبالة سواحل اليمن يتحدى صاروخ أمريكي ويحدث صدمة في الكونغرس    قاضٍ يوجه رسالة مفتوحة للحوثي مطالباً بالإفراج عن المخفيين قسرياً في صنعاء    قرار جديد في تعز لضبط رسوم المدارس الأهلية وإعفاء أبناء الشهداء والجرحى من الدفع    مشاريع نوعية تنهض بشبكة الطرق في أمانة العاصمة    ارشادات صحية حول اسباب جلطات الشتاء؟    النفط يتجاوز 65 دولارا للبرميل للمرة الأولى منذ 3 نوفمبر    انتقالي الطلح يقدم كمية من الكتب المدرسية لإدارة مكتب التربية والتعليم بالمديرية    مواطنون يعثرون على جثة مواطن قتيلا في إب بظروف غامضة    اليونيسيف: إسرائيل تمنع وصول اللقاحات وحليب الأطفال الى غزة    قيمة الجواسيس والعملاء وعقوبتهم في قوانين الأرض والسماء    عدن في قلب وذكريات الملكة إليزابيث الثانية: زيارة خلدتها الذاكرة البريطانية والعربية    5 عناصر تعزّز المناعة في الشتاء!    الدوري الاسباني: برشلونة يعود من ملعب سلتا فيغو بانتصار كبير ويقلص الفارق مع ريال مدريد    الشهادة .. بين التقديس الإنساني والمفهوم القرآني    الزعوري: العلاقات اليمنية السعودية تتجاوز حدود الجغرافيا والدين واللغة لتصل إلى درجة النسيج الاجتماعي الواحد    كم خطوة تحتاج يوميا لتؤخر شيخوخة دماغك؟    مأرب.. تسجيل 61 حالة وفاة وإصابة بمرض الدفتيريا منذ بداية العام    كما تدين تدان .. في الخير قبل الشر    الزكاة تدشن تحصيل وصرف زكاة الحبوب في جبل المحويت    "جنوب يتناحر.. بعد أن كان جسداً واحداً"    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الثورة المصرية في خطر
نشر في حشد يوم 24 - 11 - 2012

اكد الرئيس محمد مرسي مساء امس الجمعة ان الاعلان الدستوري المؤقت الذي اصدره لتعزيز صلاحياته التشريعية والتنفيذية جاء من اجل تحقيق الاستقرار وزيادة الانتاج وتداول السلطة، ووضع حد لأعمال البلطجة وقطع الطرق، ولكن ردود الفعل التي رأيناها، في قلب القاهرة ومدن مصرية اخرى، تقول بعكس ذلك تماما.
الثورة المصرية باتت مهددة، وانجازاتها العظيمة في توحيد الشعب المصري تواجه اختبارا خطيرا، والاستقرار الذي يعتبر عاملا حتميا وضروريا للخروج من الأزمة الاقتصادية الطاحنة اصبح على كفّ عفريت.
مصر منقسمة حاليا الى معسكرين متحاربين، الاول طابعه اسلامي يضم حركة الإخوان المسلمين والتيار السلفي المتحالف معها، والثاني علماني الطابع يتكون من الليبراليين والقوميين واليساريين والاقباط، ويختبئ خلفه انصار النظام الديكتاتوري السابق.
هذا الانقسام المرعب تجلى في المظاهرات، والمظاهرات المضادة، التي كان مسرحها اكثر من ميدان في القاهرة والمدن الأخرى، فبينما ذهب المعارضون لحكم الرئيس مرسي بعشرات الآلاف الى ميدان التحرير للتعبير عن غضبهم، ورفضهم للإعلان الدستوري الجديد، فضّل انصاره التوجه الى باحة قصر الرئاسة لإظهار ولائهم للحكم، ومساندتهم لمراسيمه الجديدة.
في الماضي القريب كانت الصدامات الدموية تقع بين ابناء الثورة وأنصار النظام الديكتاتوري القمعي الفاسد، الآن تقع المواجهات بين ابناء الثورة انفسهم، بين التيار الديني والتيار العلماني الليبرالي، وهنا تكمن الكارثة.
حالة الاحتقان في اوساط التيار العلماني تضخّمت منذ اشهر، وبدأت بوادر الصدام تطفو على السطح من خلال انسحاب شخصيات بارزة من اللجنة التأسيسية للدستور مثل عمرو موسى، ووحيد عبد المجيد وجورج اسحق وايمن نور، علاوة على ممثلي الكنيسة والنقابات والأحزاب اليسارية والقومية والليبرالية، وجاء الاعلان الدستوري بمثابة عود الثقاب الذي اشعل فتيل الانفجار الذي شاهدنا بعض مظاهره في ميدان التحرير مساء الجمعة.
' ' '
هناك جوانب ايجابية في هذا الإعلان لا يجب تجاهلها، لأنها تتماهى مع مطالب الشعب في محاسبة انصار النظام السابق الذين برأتهم العدالة لغياب الأدلة، خاصة الضباط الاربعة الكبار في وزارة الداخلية الذين اعطوا الأوامر بإطلاق النار على المتظاهرين، وقتل ما يقرب من الألف منهم بالتالي، فعزل النائب العام الذي ينتمي الى عهد الرئيس السابق، وكان خلف احكام البراءة هذه، كان مطلبا شعبيا، والشيء نفسه يقال عن اعادة محاكمة رموز النظام السابق، ونجلي الرئيس مبارك على وجه الخصوص اللذين لم يدانا مطلقا بأي تهمة رغم ما ارتكباه من فساد مالي وإداري.
الاعتراض انصبّ على تكريس جميع الصلاحيات التشريعية والقضائية والتنفيذية في يدّ الرئيس، ويقول اصحابه ان النص في الاعلان الدستوري على حصانة قرارات الرئيس من اي طعن ومن اي جهة كانت، غير مسبوق في تاريخ مصر الحديث، لانه يعني عمليا تقويض السلطة القضائية، وتجاوز المحكمة الدستورية العليا، وخلق حكم اكثر شمولية.
ولا يستطيع احد ان يجادل في الكثير من هذه النقاط، ولكن ما يمكن الجدل فيه، ان هذا الاعلان الدستوري مؤقت، وينتهي العمل به فور الفروغ من كتابة الدستور الجديد، وعرضه على الاستفتاء الشعبي لاقراره وانتخاب برلمان جديد.
النقطة الغامضة التي يتمترس خلفها المعارضون هي الخوف من ان يتحول المؤقت الى دائم، وهذا ما دفع الدكتور محمد البرادعي الى وصف الرئيس مرسي بأنه 'الحاكم بأمره' في اول رد فعل له على الإعلان الدستوري.
لا نعرف ما هي الاسباب التي دفعت الرئيس مرسي الى اختيار هذا التوقيت لإصدار مراسيمه هذه، وعدم ترّيثه بالتالي لتحقيق نوع من التوافق في حده الادنى تجاهها. فالرئيس فاجأ الجميع بقراراته المدروسة التي حظيت بدعم شعبي واسع، مثل إقالة المجلس العسكري الحاكم، وإحالة معظم قادة الجيوش وكبار الضباط المحسوبين على نظام الرئيس مبارك الى التقاعد، واستبدالهم بمجموعة من القادة والرتب العسكرية الأقرب الى فكر الثورة وقيمها، والشيء نفسه يقال ايضا عن القيادات الأمنية العليا، مما اثار اعجاب الكثيرين، ونحن منهم، فهل اخطأ الحساب هذه المرة، ام انه يملك معطيات اخرى فرضت عليه التحرك بسرعة في الاتجاه الذي اثار عليه قطاعا لا بأس به من الشعب؟
الأزمة الحالية يمكن ان تتطور الى نتائج خطيرة على مصر واستقرارها اذا لم يتم تطويقها بسرعة، من خلال الحوار المسؤول وعلى وجه السرعة، للحفاظ على مكتسبات الثورة، وابرزها استعادة مصر لدورها الاقليمي، وسيادتها الوطنية، وقرارها المستقل، والتخلص من حكم الفساد والإذعان.
فإذا كانت قرارات الرئيس مرسي هذه تجاوزا لروح الديمقراطية وخروجا عن قيمها، فإن الاعتداء على مقرات حزب الحرية والعدالة واحراقها في اكثر من مدينة، هو ايضا عمل غير ديمقراطي وغير حضاري يجب ان يدان من قبل كل القوى المعارضة.
' ' '
الرئيس مرسي تراجع في مرات سابقة عن قرارات اتخذها، وابرزها ابقاء النائب العام في محله، وإلغاء قرار فصله، وكذلك القبول بحكم المحكمة الدستورية بعدم شرعية قراره بإعادة البرلمان المنحل الى الانعقاد، مما يعكس براغماتية شجاعة تقدم مصلحة مصر العليا على ما عداها، والمأمول ان يفعل الشيء نفسه اذا ما تطلب الحوار والتوافق مع الآخرين المعارضين بعض التنازلات هنا او هناك.
مصر، وفي هذه اللحظة الحرجة، تحتاج الى كل الحكمة والحكماء، لتجنب الفتنة التي تحاك خيوطها حاليا لضرب وحدتها الوطنية واجهاض ثورتها، وادخالها في نفق مظلم من الانقسامات والاستقطابات، وربما المواجهات الدموية ايضا.
انهيار الثورة المصرية، لو حصل لا قدر الله، هو انهيار ثورات التغيير الديمقراطي، والعودة بالمنطقة الى المربع الاول، مربع الديكتاتورية والفساد والقمع والتبعية للخارج، وهذا ما تريده امريكا واسرائيل، وحكومات عربية عملت وما زالت تعمل، في العلن والخفاء، لوأد هذه الثورة المصرية الأم، الرافعة الأهم في الحراك الديمقراطي العربي.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.