الإبداع كحالة عقلية بشرية تتوجه في الأساس الأول نحو إيجاد تلك الأفكار و الطرق و الوسائل التي تتميز في غايتها بالجدة والتفرد بحيث تشكل إضافة حقيقية ونقلة نوعية لمجموع النتاج الإنساني ، كما تكون ذات فائدة حقيقية على أرض الواقع اذا كان الموضوع يرتبط بموضوع تطبيقي يستدعي من الانسان أثبات نفسه في هذا المضمار أيا كانت تعقيداته ، وصعوبة الوصول لمثل هذا المراد المحفوف بالمخاطر والمشقة . لو توقفنا عند هذه الحقيقة فلن نجانب الصواب لو قلنا أن الإنسان العربي بطبعه الذي عهد عنه إنسان مبدع ،وصاحب عقلية مفكرة ، ومن يدقق النظر بشيء من التمحيص من المنصفين سيدرك كم الإبداعات التي أبدعها العرب وشهد بها الغرب فكرم الكثير من هؤلاء المبدعين الذي كان لهم فضل في كثير من العلوم والمعارف التطبيقية التي أخذ بها الغرب وما زال . قبل اسبوع فقط تناقلت وسائل الإعلام وبهامش كبير من نشراتها الإخبارية، وتغطية من جميع الزوايا خبر قراصنة عرب استطاعوا ان يخترقوا مواقع إسرائيلية حيوية ليس أقلها مواقع الموساد والجيش والشرطة، في حادثة اختراق تعيد للأذهان ما قام به مقاومون فلسطينيون من قطاع غزة استطاعوا ان يخترقوا الخط الناري الالكتروني لإحدى القنوات الاسرائيلية التي كانت تؤدي دور المشرعن والمقنن للإجرام الصهيوني ، واستطاعوا عبر هذه الاختراق وهذه القرصنة أن يبثوا رسائل للشعب الاسرائيلي كان لها غاية الاثر على المجتمع الإسرائيلي للضغط على حكومتهم لوقف الحرب التي حشرتهم في الملاجئ ، في بادرة عدت حينها بأنها دليل خارق على إبداع العقل العربي الذي انطبعت في الأذهان عنه صورة استهلاكية سلبية بأنه متخلف لا يقدر على شيء من أمور الدنيا فضلا عن امورالتقنية الحديثة التي أخترع كثير منها الرجل الغربي كما يرون . اليوم ورغم الإمكانيات الشحيحة والمتواضعة التي بين يدي العقل العربي المبدع استطاع ان يبتكر أساليب تقنية لمواجهة الصلف الصهيوني ، فقد شنت مجموعة القرصنة الإلكترونية الشهيرة «أنونيموس» Anonymous، بالتعاون مع مجموعة من قراصنة الإنترنت المؤيدين للقضية الفلسطينية من العرب ، هجوماً على العديد من المواقع الإسرائيلية و19 ألف حساب لإسرائيليين على موقع التواصل الاجتماعى «فيس بوك»، وذلك فى إطار عملية «إسرائيل 2» التى وعدت مجموعة القراصنة بتنفيذها فى وقت سابق، اعتراضًا على سياسات إسرائيل تجاه الفلسطينيين. وذكرت صحيفة «هاآرتس» الإسرائيلية أن الهجوم الإلكترونى، جاء فى إطار خطة «القراصنة» المعلنة لإزالة إسرائيل من خريطة الإنترنت العالمية يوم 7 إبريل. وأكدت الصحيفة أن الهجوم أسفر عن إسقاط موقع ديوان رئيس الوزراء الإسرائيلى بنيامين نتنياهو، ومواقع وزارات «الدفاع، والتعليم، والبيئة»، بالإضافة إلى موقع هيئة الصناعات العسكرية، والمكتب المركزى للإحصاء، وموقع «والا» الإخبارى، فضلا عن اختراق أكثر من 19 ألف حساب فيسبوك لإسرائيليين. وأضافت القناة العاشرة بالتليفزيون الإسرائيلى، إلى قائمة المواقع المخترقة، «سوق الأوراق المالية، والمحاكم الإسرائيلية، ووزارة الاستيعاب والهجرة، وجامعة بار إيلان، التى تعد من أكبر الجامعات الإسرائيلية». وأشارت القناة إلى أن صورة الأسير الفلسطينى سامر العيساوى، ظهرت على بعض المواقع المخترقة. من جانبها، أعلنت «أنونيموس» على حسابها بموقع «تويتر»، أنها أسقطت موقع الاستخبارات الإسرائيلية (الموساد)، ونشرت بيانات تفصيلية قالت إنها تخص عملاء الموساد. كما أعلنت اختراق موقع الشرطة الإسرائيلية أيضا، وحصولها على معلومات سرية. وبررت «أنونيموس» هجومها على المواقع الإسرائيلية، ب«عدم توقف حكومة إسرائيل عن انتهاك حقوق الإنسان. وقال بيان صادر عن وزارة المالية إنه «اعتبارا من بعد ظهر أمس توقف موقع وزارة الخارجية لوقت قصير قبل أن يستأنف عمله فى شكل طبيعى»، ولم تستبعد حصول «تباطؤ أو انقطاع محدود لبعض المواقع الرسمية». حقا إنه دليل دامغ آخر يثبت وبما لا يدع مجالا للشك عقلية المبدع العربي الذي تناولتها الكثير من المقالات والدراسات بالتحليل والغوص عميقا في شخصيته المبدعة التي توصلوا فيما توصلوا إليه أنها مستهلكة أكثر من معطية أو مبتكرة مبدعة ، ولكن هذه الشخصية أبت إلا أن تخيب ظنهم ، وتطيش بسهامهم ، لتخرج علينا اليوم بابتكار إبداعي صنعه العقل العربي الذي كان ومازال وسيبقى يعيد لنا الثقة بأنفسنا ، والروح إلى اجسادنا التي أنهكها الآخرون وقام بجلدها بعض أبناء ملتنا ممن استمرأوا العيش في ظلال غربية ، كرها في العرب الذي يرون فيهم مشاريع تخلف وتقدم إلى الوراء . إنني على يقين أن مثل هذا لابداع الابتكاري سيجعل العدو الصهيوني يعيد تفكيره بماهية العقل العربي المبدع الذي لم يخيب ظن من عقدوا الآمال عليه ، ورسالتنا التي نوجهها لمن يملك مثل هذا العقل نقول له إن شعوبكم تنتظرا لمزيد منكم وكلها أمل في أن يعود لها حاضرها المشرق بأصحاب المسؤولية من أمثالكم ودمتم لأوطانكم الذخر والعدة