"لا مؤاخذة" سلسلة مقالات نشرت منذ فترة قصيرة للكاتب الكبير الأستاذ " محمود الكردوسي" تحدث فيها عن بعض الشخصيات التي ظهرت إبان ثورة 25 يناير و استطاعت بمكر و دهاء استثمار هذا الفعل الثوري لتحقيق مكاسب و منافع شخصية بمساعدة الآلة الإعلامية التي صنعت منهم نجوما و قدمتهم للشعب علي أنهم صانعي الثورة و حماتها و المتحدثين باسمها رغم أنهم في حقيقة الأمر هم أحد الأسباب الرئيسية لفساد المشهد الثوري بعد أن جعلوا من مصر حلبة للصراع يمارسون فيها مراهقتهم السياسية و يطبقون علي الشعب نظرياتهم الفاشلة التي تنم عن تفاهة الأفكار و ضحالة الثقافة وسذاجة تعاطيهم مع الأحداث و الإسهاب في النقاشات البيزنطية و المناكفات السفسطائية و الانشغال بقضايا فرعيه جدلية و عدم تقديم أطروحات تتوافق و تتناسب مع طبيعة المرحلة مما مهد لطائر النهضة الطريق للانقضاض علي الثورة وخطفها ليعيش المواطن عاما حالك السواد بين سندان نخبه سياسية و ثورية ضعيفة مهترئة و مطرقة تيار يميني فاشي فاشل. الأستاذ "الكردوسي" وهو القامة الصحفية المحترمة _الذي إن قرأت كتاباته وغصت في أعماقها ستعلم يقينا أنك أمام كاتب من الزمن الجميل الذي كان فيه شرف الرجل الكلمة_ قد كشف النقاب عن شلة المنتفعين الثوريين حيث قدم للقارئ الكثير من الحقائق عن هذه الشخصيات التي تحصنت و تسترت خلف مسميات و القاب و أحزاب و ائتلافات حيث نجح في تعرية هؤلاء و اسقط عنهم ورقة التوت الأخيرة و نزع من علي وجوههم الأقنعة التي خدعوا بها المصريين.
و من خلال متابعتي للتعليقات علي سلسلة مقالات " لا مؤاخذة" و ردود الأفعال العصبية التي جاءت علي هيئة مقالات مضادة كتبها البعض للرد علي الأستاذ " الكردوسي" اكتشفت أننا إزاء خلل مجتمعي ناتج عن إصرار شريحة كبيرة علي " تأليه" ثورة 25 يناير _ أي اتخاذها إلهاً _ و تنصيب أنفسهم سدنة لمعبدها يرفضون كل الكتابات و التحليلات التي تسلط الضوء علي سلبياتها و كشف حقيقة بعض الشخصيات التي شاركت في فعاليتها و كأن ثورة 25 يناير فعل رباني لا يجوز نقده والمشاركين بالثورة ملائكة منزهين عن كل خطأ و لم يتوقف الأمر عند هذا الحد بل وصل الأمر بهم إلي حد إنكار ثورة 30 يونيو_ التي خرج فيها ما يقرب من أربعة أضعاف الذين خرجوا في 25 يناير _ و التقليل من أهميتها و نعتها ب ثورة "الفلول والعسكر" هذا الإنكار يدلل علي حالة الخوف المرضي من الزخم الشعبي الذي صاحب 30 يونيو و الذي أزاح شلة المنتفعين خارج المشهد و أدي إلي أفول نجمهم نتيجة ازدياد الوعي الشعبي وحركة الفرز المجتمعي ,علي أي حال يجب أن ينتبه الجميع أن ثورتي 25 يناير و 30 يونيو أفعال ثورية عظيمة و علامات مضيئة في تاريخ مصر و المصريين ليست حصرية علي على فئة أو تيار و علينا ألا نصل في تعظيمهما إلي درجة التقديس فكل الأفعال الثورية مهما عظمت لن ترتقي بأي حال من الأحوال إلي حد الكمال, لذا لا داعي لهذا التعصب الأعمى لثورة دون أخري ف الثورتين توأم قد أنجبته مصر. د. اوعاد الدسوقي