اليوم اعلنت لجنة الاقاليم تقسيم اليمن الى ستة اقاليم بناء على رغبات القوى الدولية والاقليمية و وفق ما ينسجم مع مصالح تلك القوى التي هيمنت على اليمن ووضعته تحت وصايتها بموجب قرارات صادرة من مجلس الامن الدولي لكي تتمكن تلك القوى من تنفيذ سياستها ومخططاتها في اليمن عن طريق تهديد كل من يعترض تلك المخططات الجهنمية بفرض عقوبات عليه بحجة انه يعيق مسار التسوية السياسية في اليمن. وعلى الرغم من الحديث في وسائل الاعلام السمعية والمرئية والمقرؤة والانترنت عن الانتقال السلمي للسلطة في اليمن ، الا ان رائحة الدم المسفوح لم تتوقف يوما واحد في بلد الايمان والحكمة، وبرغم تصريحات جمال بن عمر والزياني والامين العام للامم المتحدة وغيرهم من الدبلوماسيين والسياسيين الدوليين عن الانتقال السلمي للسلطة والتسوية السياسية وترك اليمنيين العنف وانتهاج الحوار سبيلا لحل خلافاتهم ومشاكلهم الوطنية، الا ان العنف يضرب اليمن من شرقها الى غربها ومن شمالها الى جنوبها ويندر ان يمر يوما واحدا دون ان نسمع باغتيال ظابط او مسؤل او ازهاق ارواح عدد من الجنود او من المواطنين الابرياء. انه لشيء عجيب فعلا ان يتغنى كل اولئك المسؤولون عن المسار السلمي في اليمن ويكيلون المديح لليمنيين باعتبارهم سطروا تجربة حضارية نادرة في الوجود تستحق ان تعمم على شعوب المعمورة، الا وهي تجربة الحوار الوطني وتجنيب بلادهم ويلات الحرب والعنف والاقتتال الداخلي، لدرجة ان من يتابع تلك التصريحات والانشودات والمدائح لليمنيين وهو لا يعرف حقيقة ما يجري على الارض اليمنية وما يحدث في الواقع من ويلات واغتيالات وتفجيرات وحروب هنا وهناك يتصور ان اليمن قد تفوق على كل شعوب العالم الاوربية والاسيوية والامريكية بالتمدن والتحضر والتسامح والرقي والديمقراطية والامن والاستقرار والرخاء والحياة الحرة الكريمة بحيث اصبح المجتمع اليمني اكثر المجتمعات العالمية سلما و وعيا وثقافة وتعليما واحتراما لحقوق الانسان. ان اكبر اضحوكة واكبر اكذوبة هي تلك التي تصدر من افواه عرابي ما يسمونه بالتسوية السياسية والانتقال السلمي للسلطة والحوار الوطني، كون اولئك العرابون يدوشون مسامعنا ليل نهار بتصريحاتهم وقصائدهم واغانيهم عن التجربة الحضارية الرائدة التي تجري في اليمن والتي جنبت اليمنيين الحرب والاقتتال الداخلي والعنف، بحيث يتخيل السامع ان اليمن بلدا ينعم بالامن والاستقرار لدرجة ان المسافر يسير من صنعاء الى حضرموت ولا يخشى الا من بنشرة تاير سيارتة او ارتفاع درجة حرارة محرك مركبته نظرا لطول الطريق، في حين ان الذي يجري على الارض شيء مخيف ومرعب فالجريمة اصحبت شيئا معتادا بل مظهرا من مظاهر الحياة اليومية وقطع الطرقات صار وسيلة من وسائل حل الخلافات بين القبائل، والاغتيالات السياسية مشهد يومي من مشاهد الحياة الاجتماعية، والتفجيرات اصبحت روتين يومي معتاد، والحروب بين المواطنين والجيش في الضالع وحضرموت وابين والبيضاء وغيرها من المناطق امرا مالوفا، وكذلك الحروب السياسية بين القوى المختلفة في كتاف ودماج ودنان وخيوان والخمري والجوف وارحب لم تتوقف لحظة واحدة، فعن أي تجربة سلمية حضارية فريدة في المنطقة والعالم يتحدثون اولئك النفر ابواق القوى الاستعمارية. ان اولئك المتاجرون والمزايدون بتصريحاتهم الجنونية المضللة عن ما يسمونه الحوار الوطني تجعلني اجزم ان اولئك الاشخاص مجرد ادوات للقوى الدولية والاقليمية التي تتحكم برسم المشهد السياسي اليمني وتشكيل اليمن الجديد وتقسيمه الى كنتونات يسمونها اقاليم خدمة لمصالح القوى الدولية والاقليمية التي باتت تنظر الى اليمن باعتباره كعكة يتم تقاسمها بين تلك القوى، فتم تقسيم اليمن الى كنتونات بحيث يسهل عليهم السيطرة عليها والانفراد بكل كنتون على حدة وفق مصالح تلك القوى واجندتها السياسية، ولذلك سوف نلاحظ مستقبلا ان تقسيم اليمن الى اقاليم لن يجلب الامن والاستقرار والرخاء والحياة الكريمة كما يروج عربوا القوى الدولية، وانما سنشهد حالة طويلة الامد من عدم الاستقرار والصراعات بين الاقاليم والحروب داخل كل اقليم وسيجد الشعب اليمني نفسه في نهاية المطاف ضحية الاكاذيب والاضاليل والخدع الاعلامية لتصريحات عرابوا المصالح والاطماع الدولية في بلادنا حينها سيلعن الشعب اليمني تلك الوجوه وسيلعن التاريخ تلك الادوات الرخيصة والشخصيات العميلة التي باعت وطنها للاطماع الخارجية تحت شعارات الارادة الشعبية والفدرالية والديمقراطية والعدالة والمساواة وغيرها من الشعارات الوهمية الخداعة.