غادرنا الدكتور عبدالعزيز عبدالغني مبتسما هادئا كما اتى الينا , رحل رجل التحديث والشهادة عن عالمنا القصير نحو الامتداد اللامتناهي و الخلود الفسيح جدا , نحو طمانينة تحرسها السماء من كراهية وغدر الشياطين الموصدة هناك , حيث الصفاء الروحي والعدالة الربانية حاضرة دون سواها وحيث المضاهر المزيفة والشكليات تتلاشئ امام ظمير النوايا . ودعنا الاستاذ المثابر منذ عقود في ايجاد وطن ثقافي متسامح ومتماسك لا يقبل التشظي , وطن متعلم حداثي ديمقراطي خال من الارهاب الفكري والسياسي . ودعنا بعد ان بذر فينا اصرارنا على البقاء من اجل الوطن ومبادئه الانسانية السامية وعلى العمل بفدائية انتصارا لمبادئ واهداف الثورة والجمهورية والوحدة الوطنية والارث التاريخي الحضاري للانسان اليمني منذ الازل . ان الاغتيال الارهابي الغاشم الذي نفذته اياد اثمة ملطخة بدماء اليمنيين في جامع النهدين استهدف وبشكل مباشر المشروع الوطني في دولة مؤسسية مستقلة عادلة ووطن جمهوري يحكمه الدستور والقانون والاقتصاد المستقل , وديمقراطي متعدد الثقافات والمناهج الفكرية والسياسية ومبادئ التعايش السلمي والاعتدال الديني واحترام ثقافات الامم والشعوب . كما ان استشهاد الدكتور عبدالعزيز عبدالغني جراء الحادث الجبان والفاشل افقد العملية السياسية في اليمن بندولها وبوصلتها الرئيسية لما كان يمثله الرجل من اهمية في اعادة التوازن الى الحياة السياسية اليمنية باعتباره رجل الحوار الوطني الاول وصاحب المبادرات الدائمة الساعية الى الاصلاح السياسي وتقريب الروئ ووجهات النظر وبدافع وطني محظ . الواهمون دائما ارادوا اغتيال الوطن برمته وفي لحظة لسيت متوقعة باستهداف رئيس الجمهورية واعضاء الحكومة وقيادات وطنية كبيرة هي بمثابة مفكرة تاريخية للعملية السياسية والتنموية والبنائية اليمنية منذ عقود , وحتى يتسنى لهم الانقضاض على السلطة التي عجزوا في الوصول اليها عبر الطرق المشروعة والمتاحة ولا يهم بالنسبة لهم في ان يكون الوطن وامنه الاجتماعي ووحدة شعبه قربانا لتلك الغاية الرخيصة , لكن يد الله وقفت مانعا دون نجاح المخطط المقيت , فسقطت المؤامرة وانتصر الوطن وبقي المرجفون بلا عنوان او هوية ملعونون بخزيهم ايمنا ثقفوا .