القدس العربي : أجواء الحرب الباردة بدأت تعود بقوة هذه الايام بين طرفيها السابقين، اي امريكا وروسيا، خاصة بعد الانتخابات البرلمانية الروسية الاخيرة. فالولاياتالمتحدة ساندت بقوة الحركات الاحتجاجية التي اتهمت فلاديمير بوتين ونظامه بتزويرها، فرد الاخير بان هذا تدخل سافر في الشؤون الداخلية الروسية وحذر الادارة الامريكية من تبعاته. فلاديمير بوتين قرر التصعيد بالامس عندما انتقد بشدة الديمقراطية الامريكية التي تسمح بان تعرض على العالم صور قتل الزعيم الليبي معمر القذافي، متهما واشنطن بالاقدام على جريمة مقتله من خلال طائرة بدون طيار. هجمات رئيس الوزراء الروسي الذي سيصبح قريبا رئيسا للجمهورية في تبادل للادوار مع صديقه وحليفه ديمتري ميدفيديف، قال في حوار في برنامج تلفزيوني ان طائرة امريكية قتلت القذافي وهو مضرج بالدماء عندما هاجمت قافلته اثناء مغادرته مدينة سرت التي كان يتحصن فيها. الادارة الامريكية وصفت هذه الاتهامات بانها 'سخيفة' على لسان احد المتحدثين باسم وزارة الدفاع (البنتاغون)، ولكن هذا النفي لا يستطيع اخفاء حقيقة معروفة للجميع وهي ان طائرات حلف الناتو هاجمت فعلا موكب الزعيم الليبي الراحل ودمرت السيارات جميعا، مما دفعه، اي العقيد القذافي الى الاحتماء باحد انفاق مياه المجاري، ليتم القبض عليه بعد ذلك من قبل مجموعة من كتائب مصراتة، وبقية القصة معروفة. الجدل حول حقيقة ان امريكا هي التي قتلت القذافي او طائرات الناتو لا يعفي رئيس الوزراء الروسي من تحمل الكثير من اللوم، لانه وهو الحليف الرئيسي للزعيم الليبي لم يتدخل مطلقا لحمايته، ومنع هذه النهاية المأساوية ولاسرته، وذلك عندما صوت لصالح قرار في مجلس الامن الدولي يعطي حلف الناتو الحق في التدخل العسكري، وحماية المدنيين بكل الوسائل الممكنة، وهي المحاولة التي تحولت من اقامة مناطق حظر جوي في بنغازي الى حرب كاملة لاطاحة نظام القذافي ثم قتله بالطريقة البشعة التي شاهدناها. روسيا بوتين تعرضت لخديعة بشعة من قبل الامريكيين في مجلس الامن الدولي اظهرتها بمظهر من يتخلى عن حلفائه، ولا يهرع لمساعدتهم في اللحظات الحرجة، خاصة ان من اسباب غضب المثلث الامريكي الفرنسي البريطاني على العقيد القذافي انه منح كلا من روسيا والصين عقود نفط واعمار ضخمة جدا تقدر بعشرات المليارات، وهي عقود من المفترض ان تعود اليه اي المثلث الغربي المذكور. الحرب الباردة ظاهرة جيدة نفضل عودتها نحن الذين اكتوينا من انعدام التوازن في سقف العالم، وهيمنة الولاياتالمتحدةالامريكية كقوة عظمى تخوض حروبا وتحتل اراضي وتغير انظمة وتستخدم الاممالمتحدة كغطاء شرعي في كل هذه الامور، شريطة ان تكون روسيا بوتين جادة فيها، ومستعدة للتصدي لمثل هذا التغول الامريكي بشجاعة، وليس فقط عندما تتدخل امريكا في شؤونها الداخلية وتتهم حكومتها بتزوير الانتخابات.