من أراد أن يعرف أين يتجسد الحب المحمدي فليقم بزيارة إلى ثنايا التاريخ اليمني وإلى عاداته وتقاليده ، ليرى كيف حُفِر حب الرسول الأعظم في قلوب من وصفهم صلى الله عليه وآله وسلم بأنهم (أرق قلوب وألين أفئدة) لم يُحفر ذلك الحب في القلوب فقط بل حُفِر في كل مناسبات تمر على اليمانيين ، بدءً بالأعراس ومروراً بالمواليد وانتهاءً بمراسيم العزاء ، ولن ينسوا الاحتفال بمولده الشريف والذي ظلت صوامع الجامع الكبير بصنعاء_ والذي أمر ببناءه الرسول صلى الله عليه وآله وسلم_ ظلت تصدح بذكرى مولده في كل عام وعلى مدى أعوام متعاقبه تلهج فيها الألسنة بالصلاة على محمد وآله ، ذاكرين في ثنايا ذلك سيرته الشريفة من صبره وجهاده وحكمته ومحاكاة القرآن الكريم قولاًً وعملاً . لقد ظل اليمنيون على مدى قرون تلت الرسالة المحمدية يكتنزون بداخلهم تلك الرسالة التي غيرت عالمهم وأخرجتهم من الظلمات إلى النور فإذا حضرت أعراسهم ستجدها لا تخلو من الصلاة على محمد وآله في مقيلهم وفي زفة العريس مرددين : ( صلي يارب على طه الحبيب ، سيدكم سيد كل الناس…. ) وكذلك : ( مرحبا يانور عيني… مرحبا جد الحسينِ ) والكثير الكثير من الأناشيد وكأنهم به يحتفل بهم وبينهم . وإذا حضرت مناسبة لارتزاقهم بمولود ستجدهم يقيمون الموالد التي تحيي سيرة الرسول العطرة والصلاة عليه وعلى آله الأطهار تيمنا بأن ينبت الله ذلك المولود النبات الحسن الذي يجعله يسير على خطى النبي وآل بيته الأطهار . وفي عزائهم ستجد الأناشيد المرددة لذكر رسول الله والصلاة عليه وعلى آل بيته ، وفي نذورهم ستجد نذورهم تشترط إقامة مولد لإحياء سيرة الرسول العطرة ، وإذا دخلوا بيتاً جديدا لم يدخلوه قبل أن يقيموا مولدا تيمنا بأن يبارك الله لهم في سكناهم وبأن تحل الصلاة على محمد وآله في كل زوايا المنزل . هكذا في كل خطاهم وسكناتهم لا يكادون ينسون ذكره والصلاة عليه وعلى آله ، فإذا نسيوا شيئا قالوا صلوا على رسول الله وآله وستجدونه ، يقين منهم بأن ذكر رسول الله يزيح غشاوة النسيان ، وإذا اعتراهم الهم قالوا صلوا على رسول الله والهم سوف يزيل ويتبدل عوضا عنه الراحة والطمأنينة، وإذا أرادوا درأ العين والحسد قالوا صلي على النبي وآله وكأن ذكره درع يصد عين الحاقدين والحاسدين . هذا ماتوارثه اليمانيون منذ الأزل عن أجدادهم وأكثر ، فكيف ستقنعونهم بأن إحياء ذكرى مولده بدعة ؟ وكيف ستجتثون حبه من قلوبهم ومن ثنايا مناسباتهم وعاداتهم وتقاليدهم ؟ هيهات لمن حاول ذلك أن يستطيع ولو وجد له بعض المطبلين الغافلين ، لكن أولوا الحكمة والإيمان قد غُرس حب المصطفى محمد وحب آل بيته في أوردتهم وأثمر شجرة طيبة أصلها ثابت وفرعها في السماء تؤتي أكلها كل حين بإذن ربها ، فصلاة ربي وسلامه عليك ياخير خلق الله وعلى آل بيتك الطاهرين . #اتحاد_كاتبات_اليمن