فُجعتُ، وغيري كثيرون، بالوفاة الصادمة والرحيل المبكر لابن العم، الشاب عبدالناصر الجعادي، مساء الخميس 23/1/2020، جراء حادث سيرٍ في شارع الستين الغربي بالعاصمة صنعاء. كان وقع هذا الحدث الجلل، صادماً وفاجعاً وعصياً على الاستيعاب. ذلك أننا فقدنا من كان يفيض حيويةً ونشاطاً، وينشر البهجة والسعادة، وينثر التفاؤل والأمل، بكل ما أوتي من قدرةٍ، وما امتلك من وسيلةٍ، وما استطاع إلى ذلك من سبيلٍ. إننا ببالغ الحزن والألم، تلقينا الخبر الصاعق والمرعب وتناقلناه، وبكل الذهول والخوف والرهبه . عبدالناصر؛ الشاب المرح والاجتماعي والخدوم، المولود عام 1987، في قرية قشيبة، مديرية جبل حبشي، محافظة تعز، تلقى تعليمه الأساسي والثانوي في مدرسة الجيل الصاعد بقريته، وتخرج في كلية التجارة بجامعة صنعاء، في 2012، بعد جدٍّ واجتهادٍ ومثابرةٍ، وعمل محاسباً في شركةٍ خاصةٍ، بإخلاصٍ ومثاليةٍ. في حياته القصيرة، كان عبدالناصر مثالاً للكفاح والعصامية والتضحية والتفاني، لم يكفَّ عن السعي وبذل الجهد لتكوين نفسه، ولم يبخل بهما من أجل الآخرين. انخرط عبدالناصر في الفعاليات الاجتماعية والسياسية والثقافية المتنوعة، ونشط خلالها باقتدارٍ لافتٍ. ومن ذلك مشاركته، بفاعليةٍ وتميزٍ، في مخيم الشباب القومي العربي ال25، في 2012م وكان ناقداً شجاعاً إزاء الوضع العام في البلد، وظل يعبر عن آرائه ومواقفه تجاه الأطراف السياسية كافة، رغم ما كان يلقاه من معارضةٍ شرسةٍ من بعض المتعصبين لأحزابهم. واستطاع التوأمة بين الموقف الناقد والتعبير الساخر، بمكنة وحرفية المبدئي، ورسوخ وتجذر الثابت. الأمر الذي خلق له جمهوراً عريضاً، وصنع له شعبيةً واسعةً. غادر باكراً، ورحل عن أسرته ومجتمعه ومحيط علاقاته، الذي أحبه وكان محبوباً فيه، وعن وطنه الذي طالما حلم وأمّل أن يراه سعيداً، وعن عالمنا الذي تمنى أن يسوده السلام، وعن دنيانا التي كافح ليحيا فيها بكرامةٍ. انتقل عبدالناصر إلى جوار ربه، تاركاً ذكرى أليمةً في قلوبنا جميعاً، ومخلفاً زوجةً مكلومةً، وطفلةً تخطو نحو ربيعها الرابع. وبهذا المصاب العظيم، أعزي نفسي، وعمي علي، وجميع الأسرة، وأصدقاء الفقيد ومحبيه، ونسأل الله له الرحمة والمغفرة، ولنا الصبر على فراقه وفقدانه.