يبدو أن استضافة الدوحة لمحادثات تكريس السلام المنشود في محافظة صعده اليمنية في المرحلة المقبلة باتت بحكم المؤكدة، وإن كان سقف ال 48 ساعة الذي تم التداول به في الأيام الماضية كموعد لعقد المباحثات غير صحيح، فقد أعلن السفير اليمني في قطر، عبد الملك سعيد عبده، في تصريحات خاصة ل «العرب» أن الطريق باتت ممهدة حاليا لعقد اجتماع في الدوحة، وفي أي لحظة، بين الحكومة اليمنية وجماعة الحوثي للبحث في نقاط اتفاق الدوحة العالقة، والالتزام بخيار السلام، مشدداً على أن استضافة قطر للمحادثات فكرة قائمة لكن موعدها لم يحدد بعد . وأوضح السفير اليمني ل «العرب»: «حتى الساعة ما من شيء محدد، لكن الدور القطري موجود ومقبول من قبل الجميع لإنهاء بعض النقاط التي ما زالت عالقة من اتفاق الدوحة». وأضاف «احتمال عقد اللقاء في الدوحة قائم في أي وقت، لكن المواعيد المتداول بها لا تحمل أي جانب من الدقة»، جازماً بأن الطريق باتت ممهدة حاليا لعقد لقاء في الدوحة في أي لحظة، لا سيما وأنها لن تكون المرة الأولى التي ستستضيف بها قطر لقاءات مماثلة. وفي حين يجزم السفير عبده أن سقف ال 48 ساعة الذي تم التداول به لعقد مباحثات السلام اليمنية في الدوحة غير صحيح، إلا أنه شدد على أن ما من شيء يمنع اللقاء بين الحكومة والحوثيين في أي وقت في الدوحة. وقال: «اللقاء مع الحوثيين دائم ومستمر، فهم بالنهاية مواطنون يمنيون، والاجتماعات مع مسؤوليهم تتم باستمرار، فهناك محافظ في صعدة وغالبا ما تعقد لقاءات بينه وبين مجموعة الحوثي». وأضاف «استضافة الدوحة للمحادثات فكرة مطروحة في المرحلة المقبلة، لكن موعدها لم يحدد بعد، علما أنه قد يُحدد في أي لحظة»، مشيرا إلى أن بعض المواقع الإخبارية تُسرب معلومات غير صحيحة في هذا الإطار. لكن السفير اليمني يلفت إلى أن الأهم من الموعد يبقى مضمون اللقاء، لا سيما وأن الدور القطري موجود بما يعكس اهتمام الدوحة بأهل اليمن وتنمية البلاد. إقناع الحوثيين ووفقا للسفير عبده، لم ينقطع الدور القطري المُسهم في حل الأزمة اليمنية منذ انطلاقته، مبديا في هذا الإطار تفاؤله إزاء إقناع جماعة الحوثي بتنفيذ ما تبقى من نقاط عالقة خاصة باتفاق الدوحة. وقال «اللقاء بين الطرفين ليس بمعضلة، خصوصا وأن اللقاءات مع الحوثيين مستمرة داخل اليمن، فالمشكلة تتعلق بالتزام الحوثي بما تم الاتفاق عليه في الدوحة». وأضاف «الدور القطري ما زال متواصلا ولم يتوقف في الواقع، وتفاؤلنا كبير لجهة إمكانية إقناع جماعة الحوثي بوساطة قطرية بتنفيذ ما تبقى من النقاط التي ما زالت عالقة، والجنوح مستقبلا نحو نبذ العنف والالتزام بخيار السلام الذي ترعاه الدولة وإطلاق عجلة التنمية في صعدة، لا سيما بعدما حرمتها الحرب فرصة البناء والتعمير، فخيار العنف بدوراته المتعاقبة، لم يحقق مكاسب تذكر للحوثي وأتباعه، ولم تجنِ منه المنطقة سوى الحرب والدمار»، مؤكدا أن دور الدوحة يُعد مدخلا مناسبا ومقبولا لإغلاق ملف الأزمة «المُلتبس» مع الحوثيين نهائيا. وإذ يؤكد السفير عبده أن اتفاق الدوحة قد قطع شوطا لا بأس به، إلا أنه حدد النقاط العالقة بالقضايا المتعلقة ب «النزول من بعض المناطق وتسليم الأسلحة»، معلنا في هذا الإطار أن الدولة اليمنية قد أطلقت سراح الأسرى كلهم، ولم يعد لديها أي أسير تابع لمجموعة الحوثي. الالتزام القطري لقد عكست زيارة حضرة صاحب السمو، الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني، أمير البلاد المفدى، التي قام بها مؤخرا لصنعاء، وما تلتها من زيارة مماثلة لمعالي رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية، الشيخ حمد بن جاسم بن جبر آل ثاني، اهتمام قطر بالشأن اليمني ووحدته واستقراره والتنمية فيه. ويشرح السفير عبده في السياق عينه أن الاهتمام المذكور ينبع من «إدراك استراتيجي مبكر لدى صاحب السمو بأن أحداث المنطقة تكاد تكون مترابطة ومتشابكة وتؤثر في بعضها البعض، وأن أمن المنطقة ومستقبلها واحد»، مؤكدا من المنطلق المذكور أن متابعة سموه للتطورات السياسية في الركن الجنوبي من الجزيرة العربية لم تنقطع منذ تسعينيات القرن الماضي. ويذكر السفير عبده بأن مواقف سموه السياسية كانت وما زالت متميزة وبارزة على مستوى المنطقة ككل، ولا سيما في ما يتعلق بدعم الوحدة اليمنية ورعاية مسيرتها حتى اليوم، بحيث أصبحت النخب السياسية بمختلف أطيافها ومنطلقاتها تعتبر سموه شريكا أساسيا في صنع ذلك المنجز التاريخي، ولما لسموه من مكانة في نفوس اليمنيين بصفة عامة قيادة وشعبا، مشددا على أن دور قطر في حل المعضلات العربية يلقى دوما تأييدا وترحيبا قل نظيره، فمن لبنان إلى السودان فاليمن وجيبوتي، تسعى الدبلوماسية القطرية إلى حل الخلافات العربية البينية والنزاعات الأهلية وإصلاح ذات البين، قائلا «إنه دور قومي تشكر عليه قطر أميرا وحكومة وشعبا». وكانت صحيفة «26 سبتمبر» اليمنية قد ذكرت في عددها الصادر يوم أمس الأول أن فريقا حكوميا يمنيا فنيا سيتوجه خلال الأيام المقبلة إلى العاصمة القطرية الدوحة لمناقشة تفاصيل تنفيذ النقاط الست وآليتها التنفيذية، لتعزيز الأمن والسلام في محافظة صعدة وما تضمنه اتفاق الدوحة بخصوص إحلال السلام في صعدة. ونقلت الصحيفة عن مصادر مطلعة تأكيدها أن الفريق سيلتقي برعاية قطرية مع ممثلين عن الحوثيين للبحث في الإجراءات التنفيذية والآليات العملية على الأرض، لتسريع وتيرة تنفيذ شروط وقف الحرب وبما يمنع حدوث أية خروقات، ويسهم في سرعة إعادة الإعمار في صعدة وبقية المناطق المتضررة. وأوضحت المصادر أن اجتماعات الدوحة تأتي في إطار المبادرات الأخوية والجهود التي تبذلها دولة قطر الشقيقة لإنجاز وتطبيق اتفاقيات السلام، وأيضاً في إطار حرص الدولة والحكومة على إغلاق هذا الملف نهائياً.