شن الجيش الأميركي غارة جوية على مسلحين في محافظة مأرب اليمنية في شهر مايو الماضي، وعلى الرغم من سريتها فإن أنباء العملية تسربت إلى الصحافة المحلية والدولية، لأن الهجوم خلّف العديد من الضحايا من المدنيين، كان من بينهم نائب حاكم المحافظة. وكان المسؤول، الذي يكن له أهالي المنطقة احتراماً كبيراً، في مهمة بالقرب من معسكر مسلحي تنظيم القاعدة المستهدفين، سعياً منه لإقناعهم بالتخلي عن السلاح والدخول في هدنة مع السلطة. وبعد تعبيره عن غضبه في اتصال سري مع حلفائه الأميركيين، تحمل الرئيس اليمني عبدالله صالح مسؤولية الحادث ودفع الدية لعشيرة المسؤول. ويبدو أن الرئيس الأميركي باراك أوباما، ليس بالسياسي الهادئ والناعم، كما يعتقد الكثيرون في أميركا وخارجها، حيث يقود حرباً سرية ضد القاعدة، موكلاً المهمة لوكالة الاستخبارات المركزية «سي آي إيه». يقول النائب الديمقراطي في الكونغرس الأميركي، أدم سميث، «لأول مرة في تاريخ الولاياتالمتحدة، تعلن منظمة مسلحة حرباً سرية علينا ونرد عليها المثل، من خلال استخدام أحدث الوسائل السرية التي تملكها الترسانة الأميركية». يشار على أن سميث، وهو كذلك رئيس لجنتي القوات المسلحة والاستعلامات في غرفة النواب، لديه صلاحية الاطلاع على الوثائق السرية المتعلقة بعمليات الجيش الخارجية. ويشرف المسؤول السابق في وكالة الاستخبارات المركزية، جون برينان، على متابعة العمليات السرية التي تقوم بها قوات خاصة في دول عديدة في الشرق الأوسط وإفريقيا. وأوضح برينان، الذي يعمل مستشاراً للرئيس الأميركي لشؤون مكافحة الإرهاب، أن «أميركا في حربها على الإرهاب انتقلت من مرحلة (المطرقة) إلى (المشرط)، لأن من إيجابيات هذا الأخير أنه لا يحدث ضجيجاً كبيراً مثل المطرقة، حسب برينان». وقد وجدت هذه الاستراتيجية ترحيباً لدى الجمهوريين والديمقراطيين الذين تخلوا عن فكر المحافظين الجدد القائم على تغيير الأنظمة واحتلال الدول من أجل القضاء على الإرهاب في البلدان الإسلامية. وتبنى أوباما منذ وصوله إلى البيت الأبيض سياسة الضربات المركزة في باكستان، حيث تقوم الاستخبارات الأميركية بهجمات على المناطق القبلية، مستخدمة الطائرات من دون طيار والقوات الخاصة. وبفضل التنسيق بين وزارة الدفاع الأميركية «البنتاغون» وقيادة الجيش الباكستاني، استطاعت القوات الأميركية أن تقضي على عدد كبير من المسلحين المناوئين للولايات المتحدة.