حُلة جديدة يرتديها المهاجم الكاميروني صامويل ايتو في انتر ميلان الإيطالي منذ انتقاله إليه في صيف عام 2009 قادماً من برشلونة الإسباني في صفقة عدّها الكثيرون خسارة فادحة للفريق الكتالوني ومكسباً لل "نيراتزوري". ورغم أن ايتو (29 عاماً) كان نجماً مبدعاً في "كامب نو" في المواسم الخمسة التي لعبها هناك - أحرز 130 هدفاً في 200 مباراة لعبها في مختلف البطولات -، فإن قائد منتخب "الأسود غير المروّضة" عانى كثيراً مع المديريْن الفنييْن اللذيْن تتابعا على تدريبه في برشلونة الهولندي فرانك ريكارد ثم الإسباني جوسيب غوارديولا. ولم يكن الاضطهاد الذي عاناه ايتو في "كامب نو" من الأجهزة الفنية مُمثلاً في إبقائه على مقاعد البدلاء أو عدم منحه الفرصة الكافية للعب، إنما في الحرب النفسية التي شنّها عليه ريكارد وغوارديولا بتصريحاتهما الدائمة بأن رحيله عن كتالونيا سيكون قريباً، وكثرة حديث الاثنين بشكل سلبي عن الأسد الكاميروني.
هل هي رواسب العنصرية؟ ورأى البعض في الهجوم الذي تعرض له ايتو في سنواته الأخيرة امتداداً لرواسب العنصرية التي عكّرت صفو تألقه في ال "ليغا" أكثر من مرة وأثرت سلباً على حالته المعنوية، لكنها - في الوقت ذاته - أعطته شحنات فنية وبدنية إيجابية فكان يرد دائماً على العنصرية بلغة الأهداف. وعندما رحل ايتو عن ال "بلوغرانا"، ترك فراغاً كبيراً عجز عن شغله بديله السويدي زلاتان ابراهيموفيتش الذي يتكلم أكثر ما يفعل وينتقد أكثر ما يمدح، ولعب موسماً وحيداً بقميص ال "بارسا" دون أن يتمكن من إثبات ذاته وجدارته بملء مناطق جزاء المنافسين. وذهب "ابرا" عن برشلونة غير مأسوف عليه ليأتي المهاجم الإسباني المجتهد دايفيد فيا وصاحب المهارات التهديفية المتعددة، لكن ماكينة الأهداف الخاصة به لم تعمل بعد بحمولتها الكاملة، ما فتح باب المقارنة بين ابراهيموفيتش وفيا من ناحية، وايتو من ناحية أخرى.
ايتو يبقى الأنسب لبرشلونة طريقة اللعب التي يعتمد عليها برشلونة في الخط الأمامي - المثلث المعتدل - تعني أن هناك مهاجماً صريحاً وحيداً، لذلك يجب أن يكون هذا المهاجم صاحب قدرات خاصة أهمها سرعة الانطلاقات والتحركات بالكرة وبدون كرة، علاوة على سرعة التصرف بالكرة وإسكانها الشباك، وإذا بحثت عن أكثر مهاجمي العالم امتلاكاً لهذه القدرات مجتمعة فلن تجد أفضل من ايتو. ويتمتع كلٌّ من ابراهيموفيتش وفيا بمهارات فذة وقدرات تهديفية مميزة، لكن طريقة لعب كل منهما لا تبدو ملائمة لبرشلونة، فالأول يجيد الاحتفاظ بالكرة لوقت طويل وبإمكانه التسجيل من أوضاع صعبة، لكن يعيبه البطء في التحركات والتصرف، أما الثاني فيعرف طريق المرمى تماماً، لكن تنقصه القدرة على خلق الفرص لنفسه مثلما يفعل ايتو. وعندما ارتدى صامويل القميص الأزرق والأسود، اتضح للجماهير أنه يمتلك قدرات أخرى لم تكن ظاهرة من قبل هي المرونة التكتيكية، وإجادة اللعب في المركز الذي يطلبه منه المدير الفني، فعلى سبيل المثال كان ايتو مُقنعًا العام الماضي، عندما لعب ب "فرمان" البرتغالي جوزيه مورينيو في مركز الجناح الأيمن، وأسهم بشكل فعال في فوز انتر ميلان بثلاثية تاريخية، قوامها الدوري والكأس المحليين ودوري أبطال أوروبا. وفي الموسم الحالي، استعاد ايتو توهجه عندما عاد إلى مكانه المفضل كمهاجمٍ صريحٍ برحيل مورينيو ومجيء الإسباني رافايل بينيتيز، وسجل حتى الآن 13 هدفاً في مختلف المسابقات. كل هذه الأسباب تجعل جماهير برشلونة تجيب - عن اقتناع ودون تردد - على سؤال: هل كان رحيل ايتو عن كتالونيا خطيئة؟ بإجابة واضحة وصريحة: نعم.. بكل تأكيد.