منذ اقدام الشاب التونسي محمد البوعزيزي باشعال النار في نفسه يوم 17 ديسمبر/كانون الاول الماضي، وهو الفتيل الذي فجر انتفاضة شعبية في تونس انتهت بسقوط الرئيس زين العابدين بن علي وفراره خارج البلاد يوم الجمعة الماضي، اتبع بعض الشباب في دول عربية مثل مصر والجزائر وموريتانيا واليمن نفس الطريقة احتجاجا على تدني مستوى المعيشة وفي الأردن أكد شهود عيان أن شابا "مختل عقليا" يدعى "محمد .ن . ش" ويبلغ من العمر 37 عاما حاول اليوم الأربعاء، الانتحار بتفجير اسطوانة غاز كان يحملها على سطح احدى عمارات حي الزغاتيت في منطقة الهاشمي الشمالي شرقي عمان. وتوجهت على الفور كوادر الدفاع المدني والاجهزة الامنية الى الموقع وسيطرت على الشاب وتم نقله الى احد المراكز الامنية القريبة . من جانبه قال المقدم محمد الخطيب الناطق الاعلامي باسم مديرية الامن العام : "إن الأجهزة الأمنية تعاملت اليوم الاربعاء، مع محاولة مختل عقليا الانتحار في الهاشمي الشمالي". ولدى توجه الفرق المعنية الى الموقع طلب الشاب مقابلة رئيس مركز الهاشمي الشمالي ولدى حضور رئيس المركز استطاع اقناعه بالنزول وتم التحفظ عليه في المركز الامني . وبين الخطيب أن محاولة انتحار المختل عقليا هي المحاولة الرابعة .. وكانت اليمن أيضا قد شهدت اليوم أول محاولة انتحار، حيث حاول شاب يمني الانتحار باضرام النار في نفسه امام منزله في البيضاء شمال العاصمة صنعاء احتجاجا على عدم تمكنه من الحصول على وظيفة. وذكرت قناة "الجزيرة" ان الشاب اليمني محمد صالح البالغ من العمر 25 عاما سكب البنزين على جسده امام منزله في البيضاء قبل ان يضرم النار فيها وتم نقله الى المستشفي الجمهوري ، ويرقد حاليا في العناية المركزة في حالة حرجة. وفي موريتانيا بدأت شظايا عملية الاحتراق التي نفذها شاب موريتاني ضد نفسه وسيارته تتطاير في جنبات الساحة السياسية مخلفة المزيد من الجدل السياسي وردات الفعل في بلد كان أصلا مهيأ لأمر من هذا القبيل بحكم حالة الاستقطاب السياسي، وشدة التجاذب بين طرفيه منذ الانقلاب الذي وضع حدا للنظام السابق في العام 2008. ورغم أن الشاب المحترق يعقوب ولد دحود لا يعرف له سابق انتماء سياسي، فإن رسالته التي أودعها مطالبه ونشرها في صفحته على فيسبوك لأقل من ساعة قبل احتراقه حملت جملة من المطالب السياسية والاجتماعية عنونها ب"كفى فسادا، كفى ظلما".
وطالب فيها بخفض الأسعار، ورفع الضرائب والرسوم عن المواد الغذائية، وإجراء تعديلات دستورية تمنع انتخاب العسكر لرئاسة الجمهورية من بين جملة مطالب ومقترحات، قبل أن يختم بالقول "إن نجحت فذلك من أجلك يا شعبي، وإن فشلت فعليك أن تحاول أنت يا شباب مستقبل موريتانيا أن تنجح في ما فشلت أنا فيه".
ولم تفوت منسقية المعارضة هذه الفرصة، حيث اعتبرت أن إضرام ولد دحود النار في نفسه "بعد أن ثارت حفيظته من ظلم النظام وحيفه الفادح"، بينما يهدد شاب آخر "بالعمد إلى نفس التصرف احتجاجا على البطالة وتردي المعيشة"، وفي الوقت نفسه الذي "يتضور فيه شباب آخرون جوعا في أحياء الصفيح، ويخرج التلاميذ في مظاهرات شبه يومية في نواكشوط تنديدا بارتفاع الأسعار وسوء تدبير النظام، فإن كل ذلك منبئ بأن الوضع أصبح "بالغ الخطورة".
ووصلت موجة الحرائق البشرية التي أطلقها الشاب التونسي بوعزيزي إلى فلسطين المحترقة أصلا بفعل الاحتلال والمعاناة والقهر الذي جوبه تاريخيا بإرادة صلبة وبعزيمة وأمل ولم يكن يوما من المعهود لشبابنا الذهاب لخيارات يائسة ومحبطة . ولئن لم يقدم أي من الشباب الفلسطينيين على مثل تلك الخطوة إلا إن شابا من مدينة بيت لحم قال " ان نفسه تحدثه بالسير على طريق البوعزيزي يأسا من متابعات ماراثونية لقضيته التي لم تصل الى حل حتى الان" . فقد هدد الشاب خلال برنامج إذاعي بإحراق نفسه أمام مجلس الوزراء الفلسطيني الأسبوع القادم. وعن السبب في تفكيره بهذه الطريقة يقول انه أصيب في الاجتياح الإسرائيلي لمدينة بيت لحم عام 2001 حيث (قطع كف يده اليمين من المعصم ويده اليسار فيها أوتار مقطعة) وفي عام 2002 هدم الاحتلال بيته خلال انتفاضة الأقصى وامضي حوالي 6 سنوات في المعتقلات الإسرائيلية وله أكثر من ثلاثة أعوام يحاول ان يطرق كافة الأبواب لمساعدته ويقول (كل الذي اريده يا عالم ان يركب لي طرف صناعي بدل الذي فقدته) . ويضيف الشاب لم يبق أمامي سوى خيار واحد وهو ان احرق نفسي أمام مجلس الوزراء برام الله لكي يكترث العالم للمصابين والأسرى المحررين.