يواجه الزعيم الليبي معمر القذافي واحدا من أشد التحديات في تاريخ قيادته للجماهيرية العربية الليبية منذ اربعة عقود بعدما أشارت تقارير منظمة العفو الدولية إلى أن قوات الأمن قتلت أكثر من 40 شخصا خلال احتجاج الآلاف في بنغازي، وهي ثاني اكبر مدن ليبيا. ويصف متابعون للتظاهرات التي نظمت أمس ضد حكم القذافي، الذي بدأ قبل أربعة عقود، "بغير المسبوقة"، ومن المرجح أن تثير أي جنازات جديدة لمحتجين قتلوا تظاهرات أخرى شجعتها الانتفاضتان في تونس ومصر المجاورتين واللتين أطاحتا برئيسيين حكما البلدين لفترات طويلة. وعلى الرغم من توسع رقعة المظاهرات التي لم يشهد لها مثيل في ليبيا، اعتبر عدد من المراقبين أن الوضع في ليبيا يختلف عن مصر، ذلك أن القذافي يملك سيولة نقدية نفطية تسمح له بالتغلب على المشكلات الاجتماعية. هذا الأمر، لم ينفه المعارض الليبي السابق نعمان بن عثمان الذي يعيش في بريطانيا والموجود حاليا في طرابلس، حيث أكّد أنه "لا توجد انتفاضة عامة، ولا يمكن المقارنة بين ليبيا ومصر أو تونس"، مشيرا إلى أن القذافي "سيقاتل حتى آخر لحظة". وكما الحال في معظم أنظمة الدول العربية، أدت السيطرة الحكومية الصارمة والقيود المفروضة على وسائل الإعلام إلى الحد من كم المعلومات الواردة بشأن الاحتجاجات. في هذا الإطار، ذكرت قناة "الجزيرة" انه تم التشويش على إشارة بثها على عدة ترددات، كما أغلق موقعها على الانترنت في ليبيا. من جهة أخرى، أعلنت منظمة العفو الدولية عن مصادر في مستشفى الجلاء في بنغازي أن معظم الضحايا مصابون بطلقات في الرأس والصدر والرقبة. وحذرت المنظمة من ازدياد عدد القتلى، ولفتت إلى أن "هذه الزيادة المثيرة للقلق إضافة إلى ما ذكر عن طبيعة إصابات الضحايا تظهران بقوة هامش الحرية الذي أعطي لقوات الأمن باستخدام القوة القاتلة ضد المحتجين العزل المطالبين بالتغيير السياسي". كما دعت المنظمة السلطات الليبية إلى كبح جماح قوات أمنها على الفور"، مشددة على ضرورة "تحديد المسؤولين عن عمليات القتل غير القانونية والقوة المفرطة وتقديمهم للعدالة". وفي حين لم يتطرق أي مسؤول إلى عدد القتلى، ولم يعلقوا بشكل مباشر على الاضطرابات، قالت صحيفة "قورينا" الليبية الخاصة أن آلاف السكان تجمعوا في بنغازي لحضور تشييع جنازات 14 محتجا قتلوا في اشتباكات وقعت في المدينة، كما تجمع الآلاف أمام مبنى محكمة بنغازي. وقال ناشطون معارضون أن المحتجين "قاتلوا قوات الجيش من اجل السيطرة على بلدة البيضا القريبة والتي شهدت بعضا من أسوأ أعمال العنف خلال اليومين الماضيين". وبحسب سكان المنطقة، فإن الشوارع كانت هادئة بحلول المساء، ولم يعرف ما إذا كان الناشطون في المعارضة أم قوات الأمن هم الذين يسيطرون على البلدة. وقال الصحافي الليبي المقيم في لندن عاشور الشامس أن المحتجين "اقتحموا سجن الكويفية المركزي في بنغازي أمس وأطلقوا سراح عشرات المسجونين السياسيين". وأشارت الصحيفة إلى أن 1000 سجين فروا، وأعيد القبض على 150 منهم. رغم ذلك، لا تزال الاضطرابات تنحصر في نطاق محدد، حيث تتركز معظم الاحتجاجات في الشرق حول بنغازي التي تعرف بمناهضتها للقذافي. ولم تشر أي تقارير موثوقة إلى وقوع احتجاجات كبيرة في مناطق أخرى، باستثناء وسائل الإعلام الرسمية التي ذكرت أن هناك تجمعات مؤيدة للقذافي في العاصمة. ودعت خطبة الجمعة في طرابلس والتي نقلها التلفزيون الحكومي المواطنين إلى تجاهل "تقارير وسائل الإعلام الأجنبية" واتهمتها "بأنها لا تريد السلام لليبيا وتريد تقسيمها تحقيقا لأهداف الصهيونية والاستعمار". ووجهت رسائل نصية قصيرة وصلت إلى مستخدمي الهواتف المحمولة لشكر المواطنين لمن تجاهلوا الدعوة للمشاركة في الاحتجاجات. وقال شخصان في بنغازي التي تقع على بعد نحو الف كيلومتر إلى الشرق من طرابلس لوكالة "رويترز" أن الساعدي القذافي، وهو نجل الزعيم الليبي ولاعب الكرة السابق الذي كان محترفا في ايطاليا، قد تولى السيطرة على المدينة. ونقلت الصحيفة عن مصادر لم يتم الكشف عنها قولها أن "مؤتمر الشعب العام أو البرلمان سيقر "تغييرا كبيرا" في سياسة الحكومة بما في ذلك تعيين أشخاص جدد في مناصب رفيعة".