تحول اليمن على خلفية النزاع الذي نشب بين الحوثيين والقوات اليمنية من جهة ومع الجيش السعودي من جهة اخرى الى منطقة صراع غير مباشر بين ايران التي تبحث عن نفوذ اكبر في الخليج والسعودية التي تحاول مواجهة المد الإيراني في المنطقة. تعيش كل من السعودية واليمن منذ عدة أيام حالة تأهب قصوى بسبب النزاع الحدودي الذي نشب بين متمردين حوثيين يتخذون من شمال اليمن مقر ا لهم، والقوات العسكرية السعودية. وفيما يبدو أنها المرة الأولى التي تقع فيها مثل هذه المواجهات الدامية، تخشى الرياض ودول المنطقة أن تكون بداية صراع عسكري وجيوسياسي غير مباشر مع إيران، التي يقول المحللون إنها تساند الحوثيين بصورة غير مباشرة. وبينما تدعو الصحف السعودية إلى مواجهة إيران في اليمن و"إشعال ألف حريق في بلاد فارس لأنهم لا يفهمون سوى هذه اللغة"، يعتقد الكاتب السعودي محمد الرطيان أن "الهلال الإيراني قد اكتمل وأصبح دائرة تتسع رقعتها يوم بعد يوم". "مسألة إقليمية خطيرة" المحلل السياسي عبد الرحمان الراشد كتب من جانبه في جريدة "الشرق الأوسط" أن ما حدث على الحدود اليمنية السعودية من مناوشات وقتال لا ينبغي النظر إليه كحادث منفصل وعابر، بل كمسألة إقليمية خطيرة ستدوم في الزمان، لأن ما تريده طهران في الحقيقية هو استنساخ حزب الله في اليمن لإيجاد نفوذ لها في منطقة الخليج حيث يعيش فيها أعداد كبيرة من المواطنين الشيعة". وفي تصريح لقناة فرا نس 24، أبدى الأستاذ في العلوم السياسية في باريس برهان غليون خشيته أن تتعقد الأوضاع أكثر في اليمن والسعودية وأن يتحول الصراع الديني الذي تغذيه حسب رأيه إسرائيل إلى صراع عسكري يجر المنطقة بأكملها إلى الهلاك. وللحيلولة دون تنامي النزاع، رأى غليون أن الوسيلة الوحيدة هو أن يتمسك اليمن بسياسة الحوار ويفتح مفاوضات مباشرة مع الحوثيين لإنهاء العنف، بغض النظر عن الخلافات الدينية والمذهبية القائمة بينهم. الحلّ لا يكمن في إقصاء الحوثيين من دوائر القرار... ونفى برهان غليون احتمال وقوع مواجهة عسكرية مباشرة بين السعودية وإيران، موضحا أن في حال قيامها، ستكون وخيمة النتائج لكل المنطقة. كما اعترف بالوضع غير الجيد الذي يعيش فيه المواطنون الشيعة في بلدان الخليج وكونهم ضحية الإبتزازات. وقال "الحل النهائي وطويل الأمد للأزمة يكمن في إدماج المواطنين الشيعيين في الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية لبلدان الخليج وليس إقصائهم من دوائر القرار، لأن ذلك سيدفعهم من دون شك إلى إيران"، مضيفا "يجب قطع الطريق أمام تدخلات إيران التي تحاول الاستفادة من التناقضات القائمة بين الشيعة والسنة". وبينما أعدت السعودية العدة لدحر المسلحين الحوثيين، رفضت الحكومة اليمنية أي وصاية على شعبها، كما رفضت أيضا فكرة التعاون التي اقترحتها طهران في خطوة لاستعادة الأمن في المنطقة وتسوية النزاع بين صنعاء والحوثيين. "صراع سياسي وأيديولوجي بين السعودية وإيران" وإلى ذلك، اعتبر اوسان القاطبي وهو صحفي ومحلل سياسي يمني في حوار هاتفي مع فرانس 24 أن ما يجري في اليمن، ما هو إلا صراع سياسي وأيديولوجي بين إيران والسعودية، منوها أن السعودية لا ترغب في الحقيقة في يمن مستقر خوفا من أن ينافسها في المجال الاقتصادي ولا تحلم بيمن هش الوضع لأن هذا سيجلب لها المخدرات والعنف والقاعدة إضافة إلى مشاكل الهجرة غير الشرعية". بالمقابل، اعترف اوسان القاطبي أن "اليمن يحاول الاستفادة من الحرب بين الحوثيين والسعودية لأسباب داخلية محضة ولصرف النظر عن الأزمة الاقتصادية الحادة التي تعاني منها البلاد وتنامي مستوى البطالة والفقر". أما إيران، "فمرادها هو إيجاد نفوذ جديد لبسط سيطرتها على المنطقة كما اعتادت القيام به في منطقة الشرق الأوسط عبر تأييد حركة حماس في الأراضي الفلسطينية وحزب الله في لبنان".