اليمن.. في ضرورة إعادة ضبط إعدادات المصنع    لا تجعلوا الانتقالي كيانا مغلقا    الفاسدون الجنوبيون يقفون ضد فك إرتباط الجنوب باليمن    عيدروس الزبيدي في مهمة تركيع الحوثيين    قيادة السلطة المحلية في مارب تستقبل وفد موكب السلام بحفاوة "شاهد"    إنهيار منزل من 3 طوابق على رؤوس ساكنيه بالعاصمة عدن    مقتل جندي في وادي حضرموت برصاص مسلحين مجهولين    رئيس موكب السلام ومبادرة سفراء الراية البيضاء لفتح الطريق يزف بشرى سارة من مارب    فيديو جديد وصادم يوثق تعرض شاب يمني للتعذيب الوحشي في سلطنة عمان "شاهد"    دي بروين يفتح الباب أمام الانتقال إلى الدوري السعودي    قيادي في الحراك الثوري يهاجم الانتقالي الجنوبي و يدعو إلى انتفاضة    مع اقتراب موسم الاضاحي ..10 دول عربية ضمن الأكثر امتلاكا للأغنام في العالم وهذا هو ترتيب اليمن    الاتحاد السعودي معروض للبيع!.. تحرك عاجل يصدم جمهور العميد    غرق طفل في حضرموت : العثور على جثته بعد ساعات من البحث المكثف    ضربة قاصمة جديدة للحوثيين: عدن تستقبل المزيد من المنظمات الدولية    عدن وحضرموت على صفيح ساخن والغضب الشعبي يتزايد    عاجل: إعلان عسكري أمريكي بشأن هجوم صاروخي للحوثيين بالبحر الأحمر    الرئيس اليمني الاسبق علي ناصر يكشف عن مشروع للسلام في اليمن واسباب عدم اعلان نتائج لقاءات مسقط    إصابة امرأة و4 أطفال جراء حريق في مخيم للنازحين بمارب    رئيس تنفيذية انتقالي لحج الحالمي يُعزّي في وفاة المناضل العميد شعفل عبدالله العبادي    545 مستفيدا من القافلة الطبية والدورة التدريبية في الإنعاش القلبي بمستشفى حريضة    تشيلسي مهتم بمدافع بايرن ميونيخ    ارسنال الاقرب لخطف مهاجم لايبزيغ سيسكو    كاين يطالب ساوثغايت بالابقاء على كول بالمر ليورو 2024    المنتخب الوطني الأول يغادر للمنامة لمواجهة نظيره البحريني في تصفيات المونديال    بطارية طاقة شمسية تدمر منزل في المهرة وسقوط قتلى وجرحى    منظمات المجتمع المدني في حضرموت ترفض تواجد قوات العليمي في الساحل الحضرمي    الودُّ عامرٌ بين الحوثي و«القاعدة» في اليمن    75 مليون دولار يلحسها وزير الداخلية "إبراهيم حيدان" قيمة بطاقة شخصية    ارحموا الريال    الحكومة الشرعية تعلن إطلاق سراح عدد من السجناء بمارب و3 محافظات أخرى    مشروع كويتي ضخم في مارب    بعد إعلان الريال التعاقد معه.. مبابي: "فخور بالانضمام إلى نادي أحلامي"    كريستيانو: أشعر بالفخر الشديد بعد موسمي مع النصر    لم تستطع أداء الحج او العمرة ...اليك أعمال تعادل ثوابهما    ارتفاع حالات الكوليرا في اليمن إلى 59 ألف إصابة هذا العام: اليونيسيف تحذر    مسار السلام في اليمن .. اتجاه نحو العودة إلى نقطة الصفر واخر يفتح بصيص تفاؤل وبينهما مشكاة ضوء خافت    وثيقة تكشف عن مديونية كبيرة للبنوك التجارية والإسلامية لدى البنك المركزي    - 17مليار دولار ارتفاع ثروة أغنى أغنياء روسيا خلال السته الأشهر من 2024    الرئيس الزُبيدي يوجه بمخاطبة واستكمال إجراءات نقل مقرات المنظمات إلى عدن    - توقعات ما سيحدث لك وفق برجك اليوم الثلاثاء 4يونيو    يكتبها عميد المصورين اليمنيين الاغبري    نهب وتدمير للاقتصاد الوطني.. كيف يعبث الحوثيون بالقطاع الزراعي؟    سلام الله على زمن تمنح فيه الأسماك إجازة عيد من قبل أبناء عدن    من جرائم الجبهة القومية ومحسن الشرجبي.. قتل الأديب العدني "فؤاد حاتم"    أغلبها بمناطق المليشيا.. الأمم المتحدة تعلن ارتفاع حالات الإصابة بالكوليرا في اليمن    عودة التيار الكهربائي إلى مدينة مأرب بعد انقطاعه لساعات إثر خلل فني    وكالة المسافر للحج والعمرة والسياحة بحضرموت تفوج 141 حاجاً إلى بيت الله    خبير آثار: ثور يمني يباع في لندن مطلع الشهر القادم    وفاة ضابط في الجيش الوطني خلال استعداده لأداء صلاة الظهر    إعلان قطري عن دعم كبير لليمن    عن الشباب وأهمية النموذج الحسن    5 آلاف عبر مطار صنعاء.. وصول 14 ألف حاج يمني إلى السعودية    من لطائف تشابه الأسماء .. محمود شاكر    صلاة الضحى: مفتاحٌ لبركة الله ونعمه في حياتك    خراب    الوجه الأسود للعولمة    ثالث حادثة خلال أيام.. وفاة مواطن جراء خطأ طبي في محافظة إب    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مناطيدُ إعلاميّة فوقَ براكين وطنجيّة!
نشر في لحج نيوز يوم 04 - 11 - 2011

حين تكتظُّ نفسي بمواجع الواقع الدّامي، يسبقني الهروبُ إلى حقل الزيتون بعيدًا عن كلّ ما يكتنفُ هذه العيون مِن دمعٍ عيلَ صبرُهُ، بات يتحجّر في المُقلِ مكلومًا، عاجزًا عن ترجمةِ الألم والإفصاح عن سرائر صمتِهِ المأزوم!
هذا الصّمتُ الدّامع المتأجِّجُ بضجيج الضّمير المُتحدّي، ما انفكّ يُدمي القلبَ نشيجُهُ الذي يمزجُ العواصفَ بالعواطف، ولا يسعُهُ إلاّ أن يَكسرَ عظامَ الغطرسة والتكبّر والهيمنة، ليجعلَ منها سُلّمًا تصعدُ به درجاتُ العزة والكرامةِ نحوَ قمّةِ النجاح، لتُظلّلَهُ مظلّةُ المجدِ المُكلّلةِ بهالة الإنسانيّةِ العادلة!
لكن؛ كيف يكون للشعب ذلك؟ هل ذلك ممكنٌ أم مستحيل؟
وبينَ الممكن والمستحيل وقفتُ وجهًا لوجهٍ في مناكفةٍ مُحبّبةٍ مع صديقتي الرّوائيّة فاطمة ذياب، حين كنّا نتردّدُ أيّامَ الإجازة على كرم الزيتون، نحادث أشجارَ الكرم ونحاورُها، نبثّها همومَنا ونرويها بمياهِ مواجعِنا، فتتستفيضُ دموعُها الخضراء زيتيّة تُواسينا بحِكَم ٍقالَها العربُ قديمًا:
مَن أحبّ الشّجرة أحبّ أغصانَها، والشجرةُ هي الوطن.
قالت فاطمة: ياه.. كم في البساتين مِن أشجارٍ نحبّها ونعشقها، ولكن البساتين الجميلة لا تخلو من الأفاعي!
وما أن أتمّت جُملتها، حتّى هرولَ الممكنُ باتّجاهِ المستحيل مذعورًا قائلا:
أفاعي؟ مستحيل.
خرج المستحيل من قمقمِهِ صارخًا:
نعم.. ممكن.. أفاعي وزواحف وحشرات.
صاحَ الممكن:
يا المستحيل.. أنا أخافُ من الأفاعي والزّواحف والحشرات، بالله عليك.. أعطني مفتاحَ بابي لأقفلَ بيتي وأنام!
قال المستحيل:
مِن المستحيل أن يغمضَ لك جفن.. عليك أن تحترسَ مِن بابك الذي لهُ مفاتيح كثيرة.
قال الممكن:
صحيح أنّ المفاتيحَ كثيرة، لكن ليس لديّ واحدٌ منها، فدعني آتي لأقطنَ معك إذن.
ردّ المستحيل:
مِن المستحيل أن تقطنَ معي، لأنّي أقطن فقط في أحلام العاجزين.
سأل الممكن: أرجوكَ عرّفني بأولئك العاجزين!
انتفضَ المستحيلُ غاضبًا مُزمجِرًا ومضى مسرعًا، وظلّ الممكنُ واقفًا متجهّمًا أمامَ مرآةٍ يحملُها بيدِه، يتأمّلُ تقاطيعَ وجهِهِ الملوّنةِ بالخوف!
وأنا.. وقفتُ أمامَ صديقتي الرّوائيّة فاطمة ذياب في كرم الزّيتون، نختلسُ السّمعَ إلى هذا الحوار الخاطف.
ومع أنفاس سيجارة تتقطّعُ ألمًا وسناجًا ضبابيّا، جعلتْ فاطمة تُعاقرُ خيالَها الجامحَ في سخريتِهِ، وأنا بهدوءٍ سارحٍ أداعبُ أفنانَ الزيتون بمشطِ القطفِ، وقهقهاتُ فاطمة المتحشرجة كأنّما تغفو وتصحو بين الحين والحين، تجولُ بين الأشجار تتبعّرُ، وتجولُ عن الأرض بعضَ حبّاتِ زيتون شاكستني هاربةً نافرةً مِن ثرثرتِنا اللزجة الممزوجةِ بالوجع العربيّ!
قالت فاطمة فجأة: القضاءُ على العدوّ ليس بإعدامِه، وإنّما بإبطالِ مبدئِه!
قلتُ: الضّرباتُ القويّة تُهشّمُ الزّجاج، لكنّها تصقلُ الحديد، وإرادةُ الشعب حديديّة!
قالت: مهمّ جدًّا أن نعرفَ المعادن التي نتعاملُ معها، كي لا نُهشّمَ بعضَها بجهلٍ وعدم دراية. فالموز الذي يتغاوى بسطوعِهِ، سرعانَ ما ينقلبُ إلى أسودَ داكن!
تدخّلَ الممكنُ هاتفًا:
"لتكن فيكم طبيعةُ الماءِ الذي يُحطّمُ الصّخرة بينما ينسابُ قطرةً قطرة"!
قالت فاطمة: قولٌ مأثورٌ يتسامى عطرُهُ في قواريرِ الرّوح كلّما هاجَها الغضبُ استياءً ممّا يُعكّرُ مزاجَها، وما أكثرَها المُعكِّرات، وما أحوجَ المزاجَ أن يروقَ قليلا، فلا يُريق جامَ سُخطِهِ على مُمثّلي الرّأي العامّ؟
قلت: وهل هناك حقّا رأيٌ عامّ لا يخضعُ لمِشرطِ الإعلام، ومَن ينضوي تحتَ جناح الإعلام الخاصّ والحزبيّ والطائفيّ والوطنجيّ وإلخ؟
وإذا بصوت وديع مراد يُطلّ مازحًا: "خلّيلي مزاجَك رايق وحياتك لا تفقسنا"!
قلت: كيف يظلّ المزاجُ رائقًا دونَ تعكير، ومسؤولون كُثرُ في الإعلام يتجبّرون ولا يعتبرون مِن أخطاءِ الماضي كي يسيروا في طريق الصّواب، بل ويُغالون في حَجْب مَن لا يتفق وطريقهم، ويُعْلون شأنَ مَن يُناصرُهم؟! أين هو الرّأي العامّ المتذبذب على أمواج الإعلام السّطحيّ، والذي يهتمّ بالصّور والقشور، ويُسخّف ويُهمّش الرّأي العامّ ويتلاعبُ به؟
جُروحاتٌ تتراكمُ وتتكوّم، تؤلمُ مَن اعتقدَ أنّ ناصرَهُ هو شقيقه ابنُ البلد، وبإيمانٍ ساذج توخّى الحرّيّة الفكريّة لدى أولي الثقافة، وتوقّع النضوجَ الوطنيّ لدى مَن يتسلّمون زمامَ وسائلِ الإعلام المحلّيّة والعربيّة، وخاصّةً مَن يدّعون النّضال والوطنيّة!
فرحَت جماهيرُنا وتهلّلت بتوالدِ وتفاقسِ وسائل الإعلام المسموعة والمقروءة والإلكترونيّة، إذ توخّت وسائلَ إعلامٍ محليّة تكون منابرَ أساسيّة للمثقفين لينطلقوا من خلالها، كي نتسلّمَ زمامَ أمورِنا بأنفسِنا وبطاقاتِنا وأناسِنا، فلا بدّ من خلاصٍ آتٍ في هذا البحر المائج المتخبِّط بالاحتلال ومتاهاتِ الضّياع وخرائطِ الطّرق التائهة!
لا بدّ أن ننقشَ بأظافرنا دروبَ الحرّيّة وطاقاتِ النّور في هذه الجدران المحيطة بزنزانتِنا ال الثماني أربعينيّة!
فهل لنا أن نزحزحَ هذا النّيرَ الثقيلَ المُتعربشَ على أكتافِنا وأجسامِنا وأفكارنا وحياتِنا؟ كيف؟
هل بتشجيع الثقافةِ والارتقاء بالإبداع المَحلّيّ في شتى مجالاتِه، على اعتبار أنّ الثقافة والإبداع والفنون كلّها مجتمعة تُبلورُ مرآةَ الحضارة؟
هل بترسيخ تراثنا وتجذير الماضي الجميل في نفوس أجيالِنا الناشئة؟
كيف لنا أن نتغاضى عن عيوبٍ إعلاميّةٍ جليّة ونواقصَ تُداهمُنا يوميّا ونلامسُ خدوشَها، وتؤلمُنا ضرباتُها المتوالية، وفي كلّ مرّة نحاولُ أن نخلقَ الأعذارَ والتبريراتِ لمَن يقفُ خلفَ متاريس الإعلام، على أنّ تلك الأخطاء تصدرُ مِن أفراد وليس من مسؤولين!
الإدارة الإعلامية ومَن تموضعوا بأدوارِ مسؤولين، كيف يسمحونَ لأحدٍ مُمثّليها أو مُراسليها أو مُحرّريها أن يحذف اسمَ الكاتب أو يُلغي مقالته، ويُشوّهَ صورةَ هذا المنطاد الإعلاميّ المنفوخ بغاز الوطنيّة، وهو يُحَلّقُ فوقَ براكينَ وزلازلَ وطنجيّة؟
هل تشبّعوا بهيمنةِ الاحتلال والنظام، وليس لهم إلاّ أن يمارسوهُ مِن مواقعِهم الإداريّة؟


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.