بدا واضحاً جدية الموقف التركي تجاه تحقيق المصالحة الفلسطينية وإنهاء الانقسام الفلسطيني وجمع أقطاب الخلاف الإقليمي والتشاور والتحاور معهم على كافة المستويات للتوصل الى توافق وطني يرضي أطراف الخلاف ينهي هذا الملف كخطوة أولى على طريق إنهاء الحصار المفروض والذي دفعت تركيا ثمناً باهظاً من دماء أبنائها في عرض وهم قادمين الى غزة لكسر الحصار حتى تحرك العالم ونظر بجدية لخطورة الحصار الإسرائيلي المفروض منذ أكثر من ثلاثة أعوام والذي اشتد بوتيرة أكثر وأصعب بعد الحرب الإسرائيلية على القطاع وصار يأخذ أشكالا متعددة طالت كافة سبل ومناحي الحياة وصار الناس جوعا في العراء وتحت الظلام كأنهم في سجن ، وهذا السجن ليس كباقي السجون بل له شكل مختلف وامتداد مختلف وله طريقة في العيش مختلفة. لقد غاب طويلاً الدور التركي عن المنطقة وخصوصاً تجاه القضية الفلسطينية ، القضية الأهم والأبرز ليس فقط في المنطقة بل على مستوى العالم الذي تطمح كل دولة فيه أن تمتلك أوراقاً في هذه القضية التي تزال تتصدر أوليات استقرار الشرق الأوسط ولا تزال تحافظ على كونها القضية المركزية في المنطقة رغم كل ما تتعرض له ورغم كل ما أصابها وما علق بها طوال السنوات الماضية ، كونها قضية عادلة لشعب يتمسك بحقوقه ويرفض المساومة عليها . إنها بداية جيده ربما تحمل إلينا نهاية حقبة سوداء وبداية وفاق واتفاق ووحدة وطنية وان تنجح الجهود التركية في ملف المصالحة مثلما نجحت في فرض غزة من جديد على طاولة العالم وإعادة الحياة لها بعدما ظن الجميع أن الحصار مستمر لا محالة وكأنة قدر غزة ، وان الصورة المشوهة التي تنشرها إسرائيل سيبقى العلم كله مضللا بها ، لكن ذلك الأسطول الذي حمل على ظهره أحراراً من العديد من دول العالم وتلك الدماء التي امتزجت ومياه البحر أثبتت أن غزة حاضرة وان قضيتها العادلة ستنتصر في وجه أعداء الحياة والحرية ، أعداء الإنسانية الذين يستبيحون الدماء في البر والبحر بدون وجه حق وبدون ذنب . تركيا ليست دولة عابرة أو دولة عادية في المنطقة بل هي دولة لها وزنها وثقلها السياسي والعسكري والاقتصادي ولها حلفائها وبالتالي لها أجندتها الخاصة بها ، لكنها ومنذ وقت طويل غاب هذا الدور الطبيعي الذي ساد طويلاً ولم يعد في الآونة الأخيرة لها أي دور حقيقي خاصة في القضية الفلسطينية الذي ظل هامشياً ودون تأثير حتى بدا انه يلازم إسرائيل في الكثير من المواقف ، وقد خسرنا نحن دولة من أهم الدول التي يمكن أن تساندنا وان تقف الى جانب حقوقنا ربما بفعل تغيير حدث في سنوات سابقة في السياسة التركية وربما لأننا نحن من خسر هذا الدور بفعل إخفاقاً سياسياً فينا ولم نلتفت لأهمية الموقف التركي ولما قد يمنحنا إياه وما يمكن أن يوفره لنا خاصة ونحن في أمس الحاجة لكل المواقف الداعمة والمساندة لحقوقنا الوطنية. إن الجهد التركي المبذول سواء كان على في ملف المصالحة الوطنية أو في ملف كسر الحصار عن قطاع غزة هو جهد عظيم نتأمل أن يكلل بالنجاح وان تستطيع تركيا من أن تحقق ما عجز العرب عن تحقيقه ، لعودة الصف الفلسطيني موحداً ومتحداً ولإنهاء ملف الانقسام الذي اضر كثيراً بالقضية الوطنية خاصة في هذا الوقت الذي تسعى فيه إسرائيل الى تنفيذ مخططاتها من جانب واحد وتتفرد في فرض الخطط على الأرض من خلال بناء المستوطنات وسياسات تهويد القدس وتهجير سكانها الأصليين ، ضاربةً بعرض الحائط كل القوانين الدولية التي تدعوها الى الالتزام بالعملية السلمية ، ولكن ودون انصياع لكل الدعوات تحاول إسرائيل فرض رؤيتها الاستيطانية بالقوة دون أن تبدي تجاوباً ايجابياً بل تمارس عربدةً لأنها لا تجد أي رادع حقيقي ولا تهديد جدي يجعلها تعيد حساباتها من جديد. الدور التركي في المنطقة وبخاصة في القضية الفلسطينية، دور هام ودور افتقدناه كثيراً وغاب عن المشهد حتى عاد حاضراً بقوة يحمل همَ حصار غزة والانقسام الفلسطيني الحاصل عله يستطيع أن يحقق ما عجز عنه الكثيرين ويفك الحصار عن غزة التي أرهقها الحصار الظالم المفروض عليها منذ وقت طويل وبدد سبل الحياة الكريمة فيها ويعيد الى الشعب الفلسطيني وحدة الوطنية وقراره المستقل .