يفترض ان يؤسس الاحتفال بيوم الفلسفة العالمي بتراكم معتبر وان على مدى زمني غير محدد المنتهى والسرعة، اسسا تقوم عليها كيانات التقارب والتعاون والتضامن والسلام العالمي، عبر آلية الحوار في عموم ميادين الحياة مستبعدًا كل ما من شأنه ان يرسخ العنف وانتهاك حقوق الانسان لحسم الصراعات البينية العالمية والمحلية على مختلف انواعها ومن بينها الصراعات الفكرية والثقافية والسياسية، وبالتالي فان آلية الحوار هذه تبعد القسر الذي لن يقود الا الى الانتهاكات والديكتاتوريات والاستبداد، والخطاب الفلسفي هو الخطاب الوحيد الذي يمكن ان يتشاركه العالم على هذه المواصفات، واهم ما يمكن ان ينبع من عيونه حوار الثقافات والاديان والفكر، وهو ما اوضحته المنظمة الدولية (اليونسكو) عند ابتداء تقليد هذا الاحتفال وهو سر انسحابها من فعاليات هذا اليوم في طهران التي من المقرر ان تبدأ في 21 تشرين الثاني الجاري. فقد أعلنت منظمة اليونيسكو انها انسحبت من الفعاليات التي تنظم في طهران احتفالاً بيوم الفلسفة العالمي، معتبرة ان «الشروط الضرورية» لحسن سير مؤتمر تعقده الاممالمتحدة غير متوافرة في ايران. وكان يفترض بايران أن تستضيف، بدعم من منظمة اليونيسكو، الفعاليات الرئيسية لهذا اليوم، الذي يتمحور موضوعه حول «الفلسفة والتنوع الثقافي والتقريب بين الثقافات». وكان قرار الاحتفال بيوم الفلسفة العالمي في طهران قد اثار احتجاجات في الاوساط الجامعية وفي صفوف المدافعين عن حقوق الانسان في العالم. وجاء في بيان المديرة العامة ايرينا بوكوفا انها «قررت الانسحاب من تنظيم النشاطات المقررة من 21 الى 23نوفمبر». وتقام الفعاليات الرئيسية احتفالا بهذا اليوم العالمي في مقر اليونيسكو، حيث سيعقد منتدى دولي فضلاً عن سلسلة ندوات وطاولات مستديرة «بمشاركة فلاسفة وشخصيات سياسية معروفة عالميا». وجاء فى بيان المديرة العامة للمنظمة "ايرينا بوكوفا" انها تعتبر أن الشروط الضرورية لضمان حسن سير المؤتمر الدولى للأمم المتحدة غير متوفرة، مضيفاً أن "بوكوفا" قررت بالتالى الانسحاب من تنظيم النشاطات المقررة من 21 إلى 23 نوفمبر فى جمهورية إيران الإسلامية". وأوضحت ناطقة باسم المنظمة أن المعهد الإيرانى للفلسفة اقترح عام 2008 استضافة الاحتفالات بيوم الفلسفة العالمى فى 2010، وقد وافقت المنظمة على ذلك يومها. ومنذ العام 2008، تغيرت إدارة المنظمة فضلاً عن ترتيبات تنظيم هذا اليوم الذى بات يحتفل به، خصوصاً فى مقر المنظمة فى باريس، وليس بطريقة لا مركزية فى بلد عضو مختلف فى كل سنة على ما أضافت الناطقة. وتقام الفعاليات الرئيسية احتفالا بهذا اليوم العالمى فى 18 نوفمبر فى مقر المنظمة، حيث سيعقد منتدى دولى فضلاً عن سلسلة ندوات وطاولات مستديرة "بمشاركة فلاسفة وشخصيات سياسية معروفة عالميا" على ما جاء فى البرنامج الرسمى. ورحبت فرنسا بقرار اليونيسكو معتبرة ان "ظروف القمع القائمة في الوقت الراهن في ايران" ولا سيما "حيال اوساط البحث والتعليم لا تتماشى مع قيم الثقافة والانسانية والتسامح التي ترمز اليها اليونيسكو" على ما قال الناطق باسم وزارة الخارجية برنار فاليرو. واضاف ان باريس تدعو "السلطات الايرانية الى تقييم معنى هذا القرار ووقف سياسة التهويل والقمع". ان موقف اليونسكو لم يتم لاسباب سياسية، وانما لاسباب حضارية انسانية وفكرية وثقافية اولاً وان لم تخل من ابعاد سياسية ذلك انه لا يمكن فصل انتهاكات النظام الايراني لحقوق الانسان عن بعدها السياسي، وفي الحقيقة فان صفعة اليونسكو هذه ابرزت وجه طهران البشع وهي بذلك توجه دعوة قوية لاعادة تقييم طبيعة التعاملات الدولية وتعاملات المجتمع الدولي والانساني مع هذا النظام الخارج من كهوف القرون الوسطى، والفلسفة التي نفهمها على انها حب الحكمة تناقض بفهمها هذا ومعناها طبيعة النظام الايراني الذي يعد الحكمة هي فقط ما يصدر من تحت عمامة خامنئي (الولي الفقيه) وما عداه فانما تنطبق عليه مادة الحرابة (وهي المادة الاساس في القمع الدستوري الايراني حيث تنص على ان من يحاربون النظام وافكاره وقوانينه وفلسفته فانما يحاربون الله والنبي والامام المعصوم الذي يمثله النائب عنه الولي الفقيه، وعقوبتها الاعدام، ومحاربة الله بدعة لم يات بها اي نظام مستبد من قبل) وهو بذلك يلغي النشاط الفكري الانساني بعامة منذ بدء التاريخ والى يوم يبعثون؟؟ وعليه فان سعي النظام الايراني لتولي فعاليات الاحتفال بيوم الفلسفة العالمي هو نوع من الخداع ومحاولة حرف الهدف من هذا الاحتفال الذي يمكن تلخيصه في تسييد الخطاب الفلسفي الذي يجمع بدلاً من الخطاب الديني الطائفي والخطاب القومي والسياسي وكل خطابات التفريق واضعة اسس التناحر والعداء والحروب التي يؤمن بها ويفعلها في كل سلوكياته نظام طهران، ومع ان صفعة اليونسكو وباريس على وجه طهران البشع دوت في اصقاع العالم وسجلت للتاريخ والحق والحضارة والفكر الانساني ولنضال الشعوب الايرانية صفحة انتصار عادل يمكن اعتمادها لتدعيم نضالات طلائع الشعوب الايرانية المتمثلة في مقاومته الشعبية الجدية المنظمة، كما ان هذه الصفحة في حقيقتها شكلت كشفًا لكل تزييفات النظام التي كان يروج من خلالها لما يسمى بحوار الاديان في حين يسعى ما وسعه السعي لتنفيذ مشروعه التفريقي الطائفي للهيمنة على الشرق الذي يسميه المشرق الجديد وهو صفحة من مشروعه الاكبر الاممي الذي وضعه الدجال خميني والذي يسميه اممية أم القرى وقواعدها الفلسفية التي تقوم على التبشير الطائفي والترويج لبدعة ولاية الفقيه، مع كل هذا .. فان العالم مطالب بجهد اكبر لمحاربة فلسفة البطش والاستبداد التي تقوم عليها جمهورية ولاية الفقيه الخمينية. اما على صعيد عراقنا المحتل فقد مرت المناسبة في العام الماضي دون ان يحفل او حتى يعرف بها احد وستمر هذا العام ايضًا بنفس الصورة على وقع التفجيرات الدموية والتناحرات الطائفية والعقائدية التي تحكم ساستنا وحكومتنا ودولتنا الجديدة، مع وجود وزارة ثقافة عراقية كان يفترض بها ان تنبه لها وان تشد من ازر المثقفين والمفكرين والفلاسفة العراقيين للمساهمة العالمية فيها، بدلا من الانشغال بفلسفة الطائفة والعرق. كما لم تعبا بها دار الحكمة "دار الحكمة" البغدادية ولا دار الشؤون الثقافية ولا اتحاد الكتاب والادباء العراقيين وكان الفلسفة لا علاقة لها بهم، ولا لوم عليهم فامثال هؤلاء وعموم المسؤولين عن هذه الدوائر باتت فلسفتهم مقصورة على التثقيف بالسلب والنهب والفساد والافساد الاخلاقي والمالي والفكري ونسي هؤلاء من يكون بن رشد والفارابي والغزالي ومحي الدين بن عربي ومحمد الباقر واخوان الصفا والاشاعره والمتصوفة الذين اعتمدت فلسفتهم قوى فكر عصر النهضة الاوربية بعد ان نشر اسسها الفيلسوف الكاتب فرانسيس بيكون في انكلترا وديكارت في فرنسا وبعدهما فلاسفة عصر التنوير من أمثال فولتير وجان جاك روسو ومونتسكيو الذين نقلوا اوربا من عصر الظلمات الى عصر النور، ام انهم يبررون جهلهم بالدرس الافتتاحي لموريس ميرلو بونتي الذي القاه في الكوليج دو فرانس عام 1952 بعنوان فلسفة اللافلسفة والذي لا اظن انهم يعرفونه هو الاخر، فهم لا فلسفة لهم الا فلسفة النظام، يقول كارل ماركس بتشخيص واقعي معترف به ان الفلسفة السائدة هي فلسفة النظام السائد، وفلسفة النظام السائد في عراقنا اليوم هي طائفية طهران التي يعرف الجميع ان اول مبادئها، الجهل وخيانة الامانة والفساد والافساد [email protected]