مصر ودول عربية ترحب باتفاق تبادل الأسرى وتعده خطوة إنسانية نحو السلام    في لقاء أممي.. اليمن يشدد على أولوية السيادة والأمن    السلطة المحلية بشبوة تؤكد دعمها للمجلس الانتقالي وخطوات استعادة دولة الجنوب العربي    "أهازيج البراعم".. إصدار شعري جديد للأطفال يصدر في صنعاء    الرئيس الزُبيدي يزور محافظة أبين ويضع حجر الأساس لمشروع محطة الطاقة الشمسية بقدرة 30 ميجاوات    هدوء في البورصات الأوروبية بمناسبة العطلات بعد سلسلة مستويات قياسية    رئيس مجلس الشورى يعزي في وفاة الدكتور "بامشموس"    دور الهيئة النسائية في ترسيخ قيم "جمعة رجب" وحماية المجتمع من طمس الهوية    تحذير طبي برودة القدمين المستمرة تنذر بأمراض خطيرة    سياسي عماني: خيبة أمل الشرعية من بيان مجلس الأمن.. بيان صحفي لا قرار ملزم ولا نصر سياسي    تضامن حضرموت يواجه مساء اليوم النهضة العماني في كأس الخليج للأندية    حوادث الطيران وضحاياها في 2025    اختتام دورة تدريبية لفرسان التنمية في مديريتي الملاجم وردمان في محافظة البيضاء    تونس تضرب أوغندا بثلاثية    الترب يبارك اتفاق الأسرى ويعتبره مفتاح لبقية القضايا الانسانية    بلجيكا تنضم لدعوى جنوب أفريقيا ضد إسرائيل بالعدل الدولية    أعضاء في سياسي أنصار الله: السعودية دمرت اليمن واستنزفت ميزانيتها بلا فائدة    مجلة أمريكية: اليمنيون غيروا موازين القوى الذي تهيمن عليها أمريكا وإسرائيل    البشارة بولد.. لكنه ولد ميت: مجلس الامن يحبط الشرعية اليمنية    الشرعية لمن يمثل الشعب    قراءة أدبية وسياسية لنص "الحب الخائب يكتب للريح" ل"أحمد سيف حاشد"    إغلاق مطار سقطرى وإلغاء رحلة قادمة من أبوظبي    وفاة رئيس الأركان الليبي ومرافقيه في تحطم طائرة في أنقرة    البنك المركزي يوقف تراخيص فروع شركات صرافة بعدن ومأرب    أسعار الذهب تلامس 4500 دولار متأثرة بالتوتر بين كراكاس وواشنطن    خطوة إنسانية تخفف المعاناة.. السعودية ترحب باتفاق تبادل الأسرى والمحتجزين    انعقاد اللقاء الأسبوعي الخامس بين الحكومة والقطاع الخاص    الفواكه المجففة تمنح الطاقة والدفء في الشتاء    هيئة الآثار: نقوش سبأ القديمة تتعرض للاقتلاع والتهريب    تكريم الفائزات ببطولة الرماية المفتوحة في صنعاء    مستشار الرئيس الاماراتي : حق تقرير المصير في الجنوب إرادة أهله وليس الإمارات    الرئيس الزُبيدي يشدد على أهمية تطوير البنى التحتية لمطار عدن الدولي    جامع الشعب.. تدشين أنشطة جمعة رجب وفعاليات الهوية الإيمانية بحضور علمائي ونخبوي واسع    فعاليات ثقافية بمديريات محافظة صنعاء احتفاءً بجمعة رجب وتأكيداً على الهوية الإيمانية    سفراء بريطانيا فرنسا ألمانيا هولندا والاتحاد الأوروبي يؤكدون التزامهم بوحدة اليمن وسيادته وسلامة أراضيه    البنك المركزي يوقف تراخيص عدد من شركات الصرافة المخالفة ويغلق مقراتها    فقيد الوطن و الساحه الفنية الشاعر سالم أحمد بامطرف    اتلاف 20 طنا بضائع منتهية الصلاحية في البيضاء    برنامج الأغذية العالمي يعلن استمرار تعليق أنشطته في مناطق سيطرة سلطات صنعاء    هيئة المواصفات والمقاييس تحذر من منتج حليب أطفال ملوث ببكتيريا خطرة    صلاح ومرموش يقودان منتخب مصر لإحباط مفاجأة زيمبابوي    نابولي بطلا للسوبر الإيطالي على حساب بولونيا    الخارجية الروسية: روسيا تؤكد تضامنها مع فنزويلا على خلفية التصعيد في البحر الكاريبي    فنان تشكيلي يتلقى إشعاراً بإخلاء مسكنه في صنعاء ويعرض لوحاته للبيع    الصحفي والناشط الحقوقي نشوان النظاري    تواصل منافسات بطولة الرماية المفتوحة للسيدات والناشئات    رشيد تعز يفوز على تضامن شبوة في دوري الدرجة الثانية    تحذيرات طبية من خطورة تجمعات مياه المجاري في عدد من الأحياء بمدينة إب    وقفة طلابية تندد باغتيال الاستاذ الشراعي بالتفجير الذي استهدف مقر الإصلاح بتعز    الإصلاح بحجة ينعى الشيخ مبخوت السعيدي ويذكّر بمواقفه الوطنية وتصديه للمشروع الحوثي    فيفا: السعودية معقل كرة القدم الجديد    الذهب يتجاوز 4400 دولار للأونصة والفضة عند مستوى تاريخي    خلال مراسم تشييع جثمان الصحفي الأميري.. المشيعون: الإعلام اليمني فقد أحد الأقلام الحرة التي حملت هموم الوطن    مرض الفشل الكلوي (33)    بنات الحاج أحمد عبدالله الشيباني يستصرخن القبائل والمشايخ وسلطات الدولة ووجاهات اليمن لرفع الظلم وإنصافهن من أخيهن عبدالكريم    بنات الحاج أحمد عبدالله الشيباني يستصرخن القبائل والمشايخ وسلطات الدولة ووجاهات اليمن لرفع الظلم وإنصافهن من أخيهن عبدالكريم    لملس والعاقل يدشنان مهرجان عدن الدولي للشعوب والتراث    تحرير حضرموت: اللطمة التي أفقدت قوى الاحتلال صوابها    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



عدن... مدينة فُرض على أبنائها حمل السلاح

"وهبته لأجل عدن"، هكذا ردت أم عبد الله عندما وصل إليها خبر مقتل أحد أبنائها الثلاثة، الذين طلبت منهم الخروج للدفاع عن مدينة عدن بعد أن بدأت قوات الحوثيين والرئيس المخلوع علي عبد الله صالح محاولة الاستيلاء عليها.
ويروي عبدالله، وهو أحد الأشقاء الثلاثة، تجربته في حمل السلاح قائلاً ل "العربي الجديد" لقد "طلبت منا والدتي الخروج للدفاع عن عدن ومدنيّتها، التي ناضل من أجلها والدي". ويضيف "خرجنا نحن الإخوة الثلاثة، فقُتل أخي الأوسط على يد قناصة الحوثيين، في أحد أحياء المدينة، وعندما علمت والدتي بالأمر، ردّت بالقول: وهبته لأجل عدن"، مشيراً إلى أن "كلام والدته زاد من معنوياتهم".
عبد الله وأخواه ليسوا الوحيدين الذين لجأوا إلى خيار حمل السلاح، فهذا ما بدت عليه الأجواء في عدن، بمناطقها وأحيائها على خلفية الحرب التي يشنّها الحوثيون والرئيس المخلوع، وحوّلا فيها حياة الناس إلى جحيم، اضطروا فيها لحمل السلاح.
المدينة التي كانت تُعرف ب"المدنيّة والتعايش"، وتنبذ حمل السلاح والعنف، باتت اليوم مهددة. ومع أن الإمكانات شحيحة والخبرة قليلة، وبعض الشباب يحمل السلاح للمرة الأولى، إلا أنهم يكبّدون الحوثيين وقوات صالح خسائر فادحة. لكن المشاركة لا تقتصر على الشباب.
محمد أمين، الذي دخل عقده السابع، وهو تربوي متقاعد، يقول إنه "يحمل السلاح للمرة الأولى في حياته، ليدافع عن مدنية عدن ومستقبلها، ومستقبل أبنائه". ويضيف "أبقيتهم داخل المنزل، وخرجت لأحميهم من الجهل والتخلّف والعنجهية الآتية". وكشف أنه "ذهب إلى بعض أفراد اللجان ليعلّموه كيفية استخدام السلاح، وطلب بعدها منهم سلاحاً ليشارك في حماية مدينته، في منطقة كريتر".
ومع دخول الحوثيين على الخط، يزداد الرفض الشعبي لهم، ويزداد التصدي لهم يوماً بعد آخر، وخصوصاً بعدما أظهر الحوثيون الجانب الأسوأ، وجرّوا الناس والبلد إلى حروب وإلى الهاوية فضلاً عن اعتمادهم أساليب انتقامية بحق الأهالي.
ويوضح الطالب في الجامعة، محمد قاسم، أن "الحوثيين جرّوا البلاد إلى صراع طائفي وحكم طبقي"، مضيفاً "لم أكن أتوقع في حياتي أن أرفع السلاح، غير سلاح القلم والعلم، لكن هذه العصابة وما تحمله من مشروع طائفي طبقي، وإصرارها على احتلال الجنوب، دفعتني للالتحاق بالمقاومة وحمل السلاح، أنا وعدد من زملائي". ويضيف قاسم لن "أترك السلاح حتى نطرد المحتلين من أرضنا وهذا عهد قطعناه على أنفسنا".
في ظل هذه التطورات، بات "الكلاشنكوف" عنصراً "ضرورياً" في المدينة، وأضحى حمله أمراً ملّحاً لدى الأهالي، خصوصاً بعد اختلاط مدنية عدن بدماء أبنائها. ويبدي كثر تخوّفهم من أن يؤدي حمل الشباب السلاح، إلى تعقيد الأمور في المدينة، وسط دعوات للحفاظ على تنوّعها الذي كان يميزها.
لكن تفلّت الأمر ليس وارداً بالنسبة لكثيرين. يقول قاسم محسن، وهو طالب سنة أولى، ل "العربي الجديد"، بأن الشباب خرجوا وتركوا قاعات الدراسة إلى حين، مضيفاً أن "هذا الحين مرتبط بانتصارنا على قوى لم تأتِ لنا بخيرٍ، بقدر ما جاءت لنا بالموت". ولفت إلى أنه "لم نكن ننوي حمل السلاح، ولم نفكر فيه أبداً، لكن القصف العشوائي، والتهمة الموجهة لنا كجنوبيين، بأننا دواعش وتكفيريون ووجب قتلنا، فاجأتنا". وذكر "وصلت إلى قناعة بأنه إذا لم أُدافع عن نفسي، فحتماً سيقتلونني بتلك التهمة، فهؤلاء لا يحملون معهم إلا الموت والمشاريع الخارجية، أما العلم والتحديث فلا مكان لهما بين قذائفهم".
ويتمظهر الأمر الأكثر حساسية لدى سكان مدينة عدن، باستهداف الحوثيين المساجد والكنائس، وضرب التنوّع وتجاوز كل المحظورات، بطريقة تُفرز التمايز المجتمعي والطائفي. وهو الأمر الذي يجعل سكان عدن، وأغلب المناطق المجاورة، يستبعدون إمكانية التعايش السلمي المجتمعي.
ويقول الشاب شهاب فرحان ل "العربي الجديد"، في معرض تفسيره سقوط مبدأ التعايش السلمي "اليوم أصبحت أحد المسلحين، وحمل السلاح يعني تدمير مستقبلي، فأنا ما زلت خريج جامعة في بداية مشواري، لكن هؤلاء (الحوثيين) أشعروني بأننا من مجتمع آخر". ويرى أن "ما يحدث الآن ليس صراعاً طبقياً مجتمعياً فقط، بقدر ما هو انقسام مجتمعي، ولم يعد هناك مكان حتى للتعايش مع بعض، فقد حدث الانقسام وأخرجونا عن سلميّتنا".
وتروي الحكايات في شوارع عدن خطورة الأوضاع. مدينة كريتر، التي لطالما مثّلت وجه التعايش السلمي والتنوع وتعدد الأديان، باتت اليوم في مرمى قذائف الهاون. كما تتعرّض مساجدها وكنائسها لعملية تدمير ممنهجة، وأبناؤها يحملون السلاح، بعد عقود طويلة من تركه، ففي ظلّ توجّه عدن إلى المدنية، كان هناك من يسعى إلى تحويلها إلى ساحة صراع.
لكن تصريحات أبناء عدن توضح أنهم لا يرغبون بالاستسلام لروحية الحروب المتناسخة، فهناك مشهد آخر تحيا فيه روحية المدينة، وتبرز ملامحه في حديث الطالب وسيم محمد، الذي يكشف "نمضي النهار مناوبين في عدد من الأحياء في المدينة، وفي المساء أعود إلى المنزل، لأقوم بمراجعة بعض دروس الجامعة، فيما يخرج والدي أو أخي ليناوب مع الشباب مكاني". ويتابع "وعندما تبدأ المواجهات نخرج جميعاً كل واحد منا إلى جبهة، ونمضي وقتنا بالتنقل بين أحياء المدينة، ونحاول تجنّب القنّاصة، فيما أصابعنا على الزناد تحت قصف الدبابات".
أما زميله في الجبهة عادل محمود، فيعتبر أن "المشهد الذي نعيشه اليوم مفروض علينا، ونحن نحمل السلاح بيدٍ وفي اليد الأخرى ما زلنا نحمل القلم. نمضي أيامنا على الجبهات وعلى مداخل أحياء مدننا، ونحن نراقب تقدم المليشيات الحوثية، وفي الوقت عينه نحاول توفير بعض الاحتياجات للناس، بينما تقوم مجموعات أخرى بتزويد الشباب بالطعام". ومع ذلك يتمنى عادل أن "تنتهي هذه الحرب لنعود إلى الدراسة".


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.