قالت مصادر سياسية مطلعة في مسقط إن ضغوطا من دول مؤثرة عالميا مورست على الوفد الحوثي الموجود في العاصمة العمانية مسقط منذ فترة، وذلك لدفعه إلى العودة بجدية إلى مشاورات الحل السياسي، والتوقف عن أسلوب الهروب إلى الأمام، بعد الإعلان عن تشكيل مجلس سياسي لإدارة صنعاء وما حمله من مؤشر على سعي الجماعة المرتبطة بإيران إلى تقسيم اليمن بحسب ما ذكرته صحيفة العرب . وتراجعت الأممالمتحدة في اللحظات الأخيرة عن منح التصريح الخاص بالطائرة التي كان من المفترض أن تقل وفد الحوثيين العالق في مسقط منذ أكثر من أربعين يوما إلى العاصمة اليمنيةصنعاء. ويبدو أن السعودية لم تحصل بعد على الضمانات اللازمة كي تعطي الضوء الأخضر للسماح لوفد المؤتمر الشعبي العام الحوثي بالعودة إلى صنعاء. وهذا يعني أن هناك خطوطا عريضة للتسوية في اليمن انطلاقا مما طرحه وزير الخارجية الأميركي جون كيري، لكنّ تفاصيل كثيرة مازالت تعرقل مباشرة البدء في التنفيذ. وأضافت المصادر أن إرجاء عودة الوفد تزامن مع سلسلة من اللقاءات جمعت الوفد بدبلوماسيين غربيين رفيعي المستوى في ظل تسريبات عن مناقشة خطة وزير الخارجية الأميركي جون كيري مع الوفد الحوثي ووضع مقترحات بوساطة عمانية لاستئناف الهدنة والعودة إلى طاولة المشاورات. ويستند الطرح الأميركي إلى حل متزامن يقضي بانسحاب الحوثيين من المدن وتسليم أسلحتهم وذلك بعد تشكيل لجنة عسكرية محايدة من ضباط لم يشاركوا في الحرب. وستكون مهمة هذه اللجنة ضمان الانسحاب الحوثي من المدن وتسليم مؤسسات الدولة إلى السلطة الشرعية وتسليم الأسلحة، قبل البدء في مفاوضات لتشكيل حكومة وحدة وطنية. وفي الوقت الذي اتهمت فيه وكالة أنباء تابعة للرئيس السابق علي عبدالله صالح السعودية بمنع عودة الوفد والتهديد بإسقاط الطائرة، حمّل مهدي المشاط عضو الوفد الحوثي المفاوض في وقت سابق الخارجية الأميركية مسؤولية منع الوفد الحوثي من العودة إلى صنعاء. وفي مؤشر على تصاعد الضغوطات الدولية على الحوثيين والسعي إلى إجبارهم على العودة إلى المسار السياسي دعا القيادي الحوثي ورئيس الدائرة السياسية والعلاقات الخارجية في “المجلس السياسي” حسين العزي المجلس إلى سرعة إصدار قرار بإنهاء مهمة الوفد الموجود بمسقط. وحث على “تشكيل وفد يكون كل أعضائه من المقيمين في الداخل، وبهذه الطريقة سيكون الجميع قد تحولوا هنا إلى مجرد عالقين وعلى العالم حينها الذهاب إلى اليمن للتفاهم مع الفريق الجديد”. وكشفت مصادر ل”العرب” أن كلا من ألمانيا وروسيا وإيران قادت خلال الفترة الماضية مشاورات خلفية في مسقط بالتنسيق مع الأممالمتحدة في سبيل إقناع الحوثيين بالموافقة على خطة كيري واقتراح التعديلات المناسبة عليها. ووفقا للباحث في الشأن الخليجي والسياسة الإيرانية عدنان هاشم، فإن الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة انخرطا في وقت لاحق في المشاورات الخلفية التي احتضنتها مسقط من أجل التوصل إلى حل ينهي الأزمة. والتقى توماس شانون، مساعد وزير الخارجية الأميركية للشؤون السياسية، بفريق الحوثيين ومسؤولين من حزب المؤتمر الشعبي العام المتحالف معهم ووسيط عماني في مسقط في الثامن والتاسع من سبتمبر الجاري لبحث سبل إنجاح الحل السياسي ووقف الحرب. وأشارت أوساط متابعة لهذه اللقاءات إلى أن الدبلوماسيين الروس والألمان والأميركيين مارسوا هذه المرة ضغوطا أكثر وضوحا، لافتين إلى أن الوفد الحوثي تلقى تحذيرات جدية من أن هذه المبادرة ستكون الفرصة الأخيرة أمامهم للعب دور فعال في الانتقال السياسي. وكشفت عن أن الإيرانيين سعوا إلى التخفيف من غضب الدبلوماسيين الغربيين، متعهدين بأن يشارك الحوثيون بجدية أكبر. لكنهم سعوا بالتوازي إلى المطالبة بوقف السعودية لعملياتها في اليمن كشرط لاستئناف الحوار، وهو ما رفضه الدبلوماسيون الذين رفضوا أي شروط مسبقة من أي جهة.