تتواصل في اليمن لليوم السادس على التوالي فعاليات معرض صنعاء الدولي الثالث والعشرين للكتاب الذي يُقام هذا العام في ظل حصار خانق تعيشه لبنان أكبر الدول المشاركة في دوراته الاثنتين والعشرين الماضية، وفي وقت يعيش اليمن موجة سياسية طاغية على ما عداها، بفعل ما يعتريه منذ أسابيع من حمى انتخابية لا تشبه سابقاتها الخمس.مع هذا فإن معرض صنعاء الدولي للكتاب حظي برعاية سياسية وحضور ثقافي وإقبال عام لافتين في هذه الدورة المكرسة أنشطتها الثقافية والأدبية والفكرية والفنية المصاحبة لدعم الأشقاء في لبنان وفلسطين والتعبير عن تضامن اليمن شعباً وحكومةً مع إخوانهم وأشقائهم الذين يتعرضون للعدوان “الإسرائيلي” حسب تأكيد رئيس الهيئة العامة للكتاب في اليمن الجهة المنظمة للمعرض هذا العام. حلت مصر في المرتبة الأولى بين العارضين المشاركين بواقع (109) دور نشر،وجاء لبنان في المرتبة الثانية بواقع (65) داراً ومؤسسة،ثم سوريا وتوكيلاتها (52) عارضاً، ثم اليمن (30) عارضاً، ثم الأردن (28)، فسلطنة عُمان (8)، فالسعودية (7)، ثم ليبيا (4)، فالإمارات العربية المتحدة والكويت بواقع (3) عارضين من كل دولة، ثم السودان (2)، ودار نشر واحدة عن كل مَنْ: قطر، تونس، بريطانيا، ألمانيا، وفرنسا. وبين الفعاليات المميزة المصاحبة لمعرض صنعاء في دورته الحالية، حفل توقيع اتفاقية طباعة “موسوعة أعلام اليمن ومؤلفيه” الصادرة عن هيئة الكتاب اليمنية بالتعاون بين منتدى أصدقاء الكتاب ومؤسسة الإبداع للفنون والآداب في 17 مجلداً، بطباعة راقية تتولاها مؤسسة أطلس المصرية للطباعة والنشر، المتخصصة في طباعة القواميس والموسوعات والمعاجم. وقد وصف المندوب الدائم لليمن في الجامعة العربية رئيس مؤسسة إبداع للفنون والآداب د.عبد الولي الشميري هذه الموسوعة بأنها “تعريف بجغرافية الإنسان اليمني”. وقال: “إن موسوعة أعلام اليمن ومؤلفيه هي تعريف بجغرافية الإنسان اليمني من أول التاريخ في تاريخ النهضة منذ أول من سكن الجزيرة العربية (سبأ) وحتى يومنا هذا من مشاهير المعاصرين ومن الذين إذا ذكروا ذكرت أسماؤهم وعرفهم المجتمع”. ومن بين الفعاليات المميزة للمعرض هذا العام، وفقاً للدكتور فارس السقاف الذي يرأس لجنة عليا لمعرض صنعاء للكتاب جرى تأسيسها في مايو/ أيار الماضي تنفيذاً لتوجيهات رئيس الوزراء بتخويل هيئة الكتاب الاضطلاع بمهمة تنظيم معارض الكتاب بدءاً من هذه الدورة وإضافة موازنة المعرض إلى موازنة الهيئة؛ “انعقاد المؤتمر التأسيسي لاتحاد الناشرين اليمنيين بالإضافة إلى مشروع تأسيس اتحاد الناشرين العرب واتحاد هيئات الكتاب العربية”. وفي هذا السياق قال السقاف: “إن المعرض سيشهد ترجمة مساعٍ جادة تبذلها الهيئة منذ فترة لإيجاد كيان عربي واحد يؤسس لعمل مشترك في مجال الكتاب وصناعته يضم مختلف هيئات الكتاب في الوطن العربي”. مُؤكداً على “ضرورة وجود تنسيق بين مختلف الأقطار العربية للوصول إلى عمل جماعي يرتقي بصناعة الكتاب وتوسيع مساحة انتشاره في أوساط المجتمع المحلي والعربي”. وأضاف د. فارس السقاف: “لقد دعونا العديد من هيئات الكتاب والمؤسسات ذات الاختصاص في مختلف الدول العربية بحيث يعقد المؤتمر التأسيسي الأول في صنعاء ضمن فعاليات معرض الكتاب”. مُوضحاً أن الهيئة اليمنية العامة للكتاب “ستُعلِن في هذه المناسبة مشروع الهيئة لتأسيس اتحاد الناشرين العرب الذي سيضم مختلف دور النشر العاملة في الوطن العربي”. كما لفت د. السقاف إلى ان معرض صنعاء للكتاب هذا العام “سيشهد ولأول مرة مشاركة باللغات الحية الإنجليزية والفرنسية والألمانية واليابانية، إضافة لمشاركة خليجية كبيرة تهدف إلى تعزيز التماهي الثقافي بين اليمن والخليج في إطار ترسيخ العلاقات اليمنية الخليجية المتنامية”. في إشارة إلى محاضرة تستعرض تجربة الوحدة الألمانية مقارنة بالوحدة اليمنية، وفعاليات ألمانية أخرى ثقافية وأدبية وفنية مصاحبة يتضمنها البرنامج. وعلى صعيد ضيوف تشريف المعرض، يشارك في إحياء فعاليات معرض صنعاء الدولي للكتاب في دورته الثالثة والعشرين، نخبة من المفكرين والشعراء اليمنيين والعرب والأجانب، أبرزهم: احمد عبد المعطي حجازي هارون هاشم رشيد، والدكتور محمد سليم العوا الأمين العام للاتحاد العالمي للعلماء المسلمين. ومن بين الذين تعذر عليهم تلبية دعوة المشاركة حسبما أوضح رئيس اللجنة العليا للمعرض الروائي العالمي الألماني الحاصل على جائزة نوبل غونتر غراس، والشاعر الفلسطيني محمود درويش والدكتور محمد جابر الأنصاري والدكتور محمد الرميحي، والفنان الكبير مارسيل خليفة الذي كانت لجنة المعرض قد نسقت له حفلاً بالتعاون مع جمعية كنعان وجمعية الإخاء اليمنية اللبنانية.أ ما نصيب “السرد” من فعاليات المعرض فجاء تالياً، ممثلاً في ندوة عقدت يوم الثلاثاء حول “السرد النسوي في اليمن”، حاضر فيها الناقد العراقي د.صبري مسلم وأدارتها الناقدة العراقية د.وجدان الصائغ، واستعرضت تجارب الأديبات اليمنيات:نادية الكوكباني، نبيلة الزبير، هدى العطاس، أروى عبده عثمان. الأكثر حضوراً على المستوى المحلي والعربي والدولي، وخصائص كل تجربة من تجارب المبدعات اليمنيات في عالم الرواية والقصة. وفي مداخلات الندوة أثار الشاعر العربي أحمد عبد المعطي حجازي قضية تجنيس الأدب، فتساءل عن “مدى إمكانية الحديث عن موضوعات تهم المرأة وأخرى تهم الرجل؟”. وتساءل “إن كانت هناك لغة نسوية ولغة رجولية؟ أو تقنية نسوية وأخرى رجولية”.. لافتاً إلى ان “فن القصة مرتبط بطور من أطوار التقدم الاجتماعي والثقافي الذي يحتاج بحثاً كبيراً لتفنيد قراءاته”. وفي حين عرضت أصغر روائية يمنية هند هيثم قراءة ذاتية لروايتها قبل الأخيرة “حرب الخشب”، جرى في المقابل الاحتفال بتوقيع وإشهار مجموعة قصصية بعنوان “في مكان ما” للطفلة القاصة سلمى عبد الغني (11 عاماً) التي قرأت إحدى قصصها بعنوان “سالي”، قبل أن يقوم رئيس الهيئة العامة للكتاب في اليمن د. فارس السقاف، الذي كرم في الندوة الشاعر الكبير حجازي، بتكريم القاصة “سلمى” ومنحها مُجسماً “لشعار معرض صنعاء الدولي ال23 للكتاب”. بينما ألقى الباحث والناقد في الأدب العربي د. جونتر أورث الذي ترجم لكبار الشخصيات العربية السياسية الأدبية، محاضرة نقدية في الأدب العربي وكتابة السيرة، وأحيا وزير الإعلام اليمني الشاعر والأديب حسن أحمد اللوزي (الأربعاء) صباحية شعرية، انتخب خلالها عدداً من قصائد ديوانه الأخير “مختارات من البرزخ”، لاقت إعجاب حضور جمع لافت قياساً بتوقيت الصباحية في العاشرة. ومن المقرر أن تشهد أيام المعرض محاضرات فكرية وثقافية يلقي إحداها الأمين العام للمجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب في دولة الكويت بدر سيد عبد الوهاب الرفاعي، وأخرى للمحامي والمحكم الدولي د.محمد سليم العوا الأمين العام للاتحاد العالمي للعلماء المسلمين، يلقيها حول التلاحم العربي الإسلامي وتوثيق عرى الأخوة والنصرة العربية والإسلامية.إضافة إلى معرض للفن التشكيلي يشارك فيه عدد من ألمع الفنانين التشكيليين في اليمن وعدد من أقطار الوطن العربي وبخاصة دول الخليج، ومعرض صور فوتوغرافية بعنوان “اليمن في عيون يابانية”. وغيرها من الفعاليات الثقافية والفنية والفكرية المصاحبة لأيام معرض صنعاء الدولي للكتاب في دورته الحالية المستمرة حتى الثاني عشر من سبتمبر/ أيلول الجاري.
