بعد أيام من التوتر الحاد بين صنعاء والحوثيين حيال تنفيذ بنود اتفاق وقف النار الموقع بين الجانبين منتصف يونيو الجاري أعلنت اللجنة المكلفة بمراقبة وتنفيذ الاتفاق بدء الحوثيين عمليات إخلاء لمواقعهم الجبلية وتسليمها لقوات الجيش في أول إنجاز عملي يتحقق منذ توقيع صنعاء والحوثيين اتفاق المصالحة الذي انهي دوامة قتال بين الجانبين استمرت زهاء خمسة أشهر . وانتقد الحوثيون بشدة ما اعتبروه محاولات محمومة لافشال تطبيق اتفاق المصالحة واتهموا في بيان قيادات في الجيش ووجهاء قبائل موالية بالتكسب من الحرب ومحاولة اشعال الأزمة والتورط في قصف القرى والهجوم على تجمعات الحوثيين والاعتداء على أسرهم القاطنة في مخيمات النازحين بعد عملية الخطف التي طالت على حد قولهم 18 امرأة من أسر الحوثيين لاجبارهم على الاستسلام .كما طالب الحوثيون بسرعة «وقف الأعمال العسكرية وعودة الجيش إلى مقراته ومعسكراته وإطلاق سراح المعتقلين وكشف مصير المفقودين وتعو يض المتضريين قبل تسليمهم أسلحتهم المتوسطة وفق ما جاء في اتفاق المصالحة . اليوم ينتشر الجيش اليمني في ارجاء مديرية رازح الحدودية التي شهدت قتالا ضاريا بين قوات لواء العمالقة والحوثيين قبيل إعلان اتفاق وقف إطلاق النار. ومديرية رازح الجبلية تخضع حاليا لسيطرة الجيش من بين 11 مديرية شهدت موجة قتال عنيف على مدى خمسة أشهر .والطريق إلى رازح القريبة من خط الحدود اليمنية السعودية يبدو شاقا .فهذه المنطقة هي الأبعد بالنسبة لصنعاء كما لصعدة والوصول إليها يتطلب اجتياز مسافة طويلة عبر طريق جبلي ترابي متعرج يربطها بصعدة أو عبر طريق اسفلتي يربطها بمحافظة حجة. وتبدو المديرية أشبه بثكنة عسكرية بعد ان اصبحت تحت سيطرة قوات الجيش التي تنتشر عبر نقاط تفتيش ووحدات مراقبة وحراسة في التباب الجبلية والتقاطعات والطرق والمعابر الرئيسية والفرعية وعلى أسقف المرافق الحكومية والمدارس والقلاع الجبلية التي تحولت مقرات دائمة لقوات الجيش التي تحاول ضبط زمام الأمور بعدما طهرتها بالكامل من سيطرة الحوثيين . وتجوب الدوريات الخطوط الرئيسية والفرعية ليلا ونهارا وثمة مميزات خاصة لدى قوات الجيش التي زود أفرادها بهواتف جوالة مزودة بارقام خاصة وفرتها شركة يمن موبايل الحكومية المساهمة للجنود للتواصل خاصة وأن خدمات الاتصالات في المديرية لا تزال مقطوعة عدا الأرقام الخاصة التي حصرتها السلطات بضباط الجيش والجنود في دائرة الحرب. وعلى مدى أشهر أغلقت مديرية رازح تماما وقطعت عنها الاتصالات بعد سيطرة الحوثيين على المديرية كاملة ومنع تقدم قوات الجيش النظامي إليها .ويقول عبد الكريم جدبان النائب في البرلمان عن المنطقة «لم يكن بامكان المواطنين التنقل من قرية إلى أخرى في ظل سيطرة الحوثيين على رازح وكانوا في حالة خوف وقلق وأصيبت الحياة العامة والتجارية وحتى المدارس بشلل تام».ويضيف جدبان «الناس عاشوا في خوف ووجل لا يخرج احدهم من بيته و لا يستطيع صاحب البقالة أو المطعم العمل كل المرافق والخدمات عطلت تماما و شلت الحياة بشكل عام.» ويقول المواطنون إن رازح لم تكن يوما مقرا للحوثيين «فهم يقطنون مناطق بعيدة في ضحيان ، سحار ، النقعة وآل الصيفي وآل عمار وغيرها من المناطق القريبة من مدينة صعدة وليس لهم تواجد كبير هنا والمجاميع التي سيطرت على المديرية وقاتلت القوات الحكومية هم من المتعاطفين مع الحوثي . فيما عدا جمال الطبيعة ونقائها فان كل شيء في رازح يشير إلى قساوة الحياة وزهد العيش والناس .وكثير من سكان هذه المناطق لا يعرفون الكثير عن الدولة كما لا ينخرطون في تفاعلاتها اليومية فمعظم قراها صغيرة تنتشر فيها تجمعات سكانية متباعدة فيما يشبه التجمعات العائلية التي تعتمد على الزراعة على المدرجات الجبلية وسيلة للعيش باستخدام أدوات بدائية غالبا لكنهم اليوم يعرفون أن قراهم تحولت إلى مناطق حرب . وباستثناء القلعة مركز مديرية رازح حيث تتوفر الخدمات البسيطة فان الكثير من القرى والتجمعات البشرية الصغيرة تعاني من غياب الخدمات الأساسية فيما وسائل الاتصالات تكاد تكون معدومة ووسائل النقل عسيرة ومكلفة . وقال الشيخ ياسر العواضي الناطق الرسمي باسم اللجنة إن الحوثيين باشروا عمليات نزول من مواقعهم الجبلية وتسليم أسلحتهم منذ الأربعاء وأن قوات من الجيش بدأت تحل محلهم في هذه المواقع وفقا لبنود اتفاق المصالحة . ونسبت وزارة الدفاع اليمنية في موقعها على شبكة الانترنت إلى الناطق الرسمي للجنة قوله إن عمليات الإخلاء للمواقع الجبلية شملت مديريات مجز وباقم وقطابر بحضور أعضاء لجنة المراقبة التي تضم برلمانيين يمثلون الأحزاب السياسية إلى جانب ممثلين لدولة قطر راعية الاتفاق مشيرا إلى أن أعضاء اللجنة وصلوا يوم الخميس إلى مديريات الصفراء ، سحار ، كتاف للإشراف على عمليات إخلاء المواقع وتسليمها وتسليم الأسلحة إلى الجهات المختصة.