«دقّة القصف استثناء ميّز عمليات عاصفة الحزم»: عنوانٌ اختارته قناة «العربية» لأحد تقاريرها، وهو عنوانٌ يصلح أيضًا لاختزال المحور الأساسي لتغطية القناة للعملية العسكرية التي شنتها السعودية وحلفاؤها على اليمن. لعبت قناة «العربية» دور «العرّاب الإعلاميّ» للعملية العسكرية التي انطلقت منتصف ليل الأربعاء الماضي، وشكّلت القناة حتى صباح الخميس المصدر الأساسي، كاد أن يكون الحصري، لكلّ الأخبار المتعلّقة بالقصف الجوي على اليمن. حتى أن وكالة «رويترز» بثّت بعضًا من أخبار العملية نقلاً عن القناة السعودية وبفارق زمني يتجاوز عشر دقائق. انطلق البثّ المباشر والتحليلات السياسيّة على قناة «الحدث» التابعة ل «العربية» بعد إعلان السفير السعودي عادل الجبير، ومن مقرّ السفارة السعودية في واشنطن، انطلاق العمليّة العسكريّة. تميّزت تغطية الساعات الأولى بنبرة احتفاليّة، بدت واضحةً على وجه الإعلامية نجوى القاسم التي لم تتوانَ عن تبادل النكات مع ضيوفها في تغطية يُفترض أن تكون «جديّة» في الحدّ الأدنى. بعدها انتقلت القناة إلى المنحى الاستعراضي من العمليَّة العسكرية، فأعادت وبشكل متكرِّر بثّ فيديو تفقُّد وزير الدفاع السعودي الأمير محمد بن سلمان وولي ولي العهد الأمير محمد بن نايف، لمركز عمليات القوّات الجوية السعودية لقيادة عملية «عاصفة الحزم» شخصيّاً. كما نشرت القناة على «تويتر» صوراً تُظهر وزير الدفاع السعودي تارةً خلف مكتب يجري الاتصالات، وطوراً في إحدى الطائرات المقاتلة أو مع مجموعة من الجنود. أما الصورة التي أبرزتها القناة في خبر مستقلّ على موقعها الإلكتروني فكانت لشقيق الوزير الأمير خالد بن سلمان وهو يقبّل يد شقيقه قبل أن يشارك في العملية «تنفيذاً لتوجيهات الأمير محمد بن سلمان بأن يكون مرابطاً في الصف الأول»، بحسب الموقع. إظهار الطابع العائليّ الملكيّ للعملية تعزّز مع مجموعة من التقارير تناول أحدها «رمزيّة» قصر العوجا في الدرعية قرب الرياض الذي انطلقت العملية العسكرية، منه. فأعادنا التقرير إلى معركة البكيرية في العام 1904 مع إلقاء بعض الأبيات الشعرية، وختم التقرير بالخلاصة التالية: «في حروب الماضي استخدم السعوديون سيوفهم واليوم يحلّقون بطائراتهم الحربيّة الحديثة». تقريرٌ آخر أتى مصحوباً بموسيقى «ملحمية» عن التأييد الواسع في الشارع الخليجي للعمليّة العسكرية بقيادة السعودية. الموسيقى عينها تكرّرت في تقرير مختلف يحاول إعطاء بعدٍ تاريخي سعودي لتسمية «عاصفة الحزم» وهي بحسب التقرير «التسمية المعبّرة التي بات يرددها الكثيرون في إعجاب»، وتعود كما يروي التقرير لمقولة مؤسس المملكة الملك عبد العزيز «الحزم أبو العزم أبو الظفرات والترك أبو الفرك أبو الحسرات». للحوثيين حصتهم من تقارير «العربية»، أحدها بعنوان «الحوثيون يطلقون سراح القتلة والمجرمين من السجون»، ويرد فيه أنهم وفق مصادر «الحدث» يعتمدون على الكثير من «هؤلاء المجرمين في صفوفهم». مع كلّ هذه الإضافات المحيطة بالعمليّة بقي التركيز على «دقة» القصف الجوي. فعلى شاشة «العربية» لا ضحايا لا دمار ولا مهجرون. القصف يستهدف المواقع العسكريّة فقط. ولتأكيد فرضيتها هذه لجأت القناة إلى موقع «تويتر»، لتنقل عن بعض اليمنيين «إعجابهم بدقة الأهداف المركزة التي لم تخلّف أضراراً على المدنيين». وفي وقتٍ كانت قناة «العربية» تنقل تظاهرات «الفرحة» التي تشيد بالتدخل العسكري في اليمن، كان موقع قناة «سي أن أن» الأميركية ينشر تقريراً لمراسله في اليمن يتحدّث فيه عن تحوّل صنعاء إلى مدينة أشباح وينقل شهادات العائلات المهجّرة، ويروي عن ستة مدنيين من عائلة واحدة قضوا نتيجة القصف في صعدة. يبدو التسويق لعملية «عاصفة الحزم» شبيهًا بتغطية قناة «سي أن أن» الأميركية لما أسمته السلطات الأميركية «عاصفة الصحراء» وهي العملية العسكرية التي خاضها تحالف دولي بقيادة الولاياتالمتحدة في الكويت العام 1991. تتشارك الشاشتان بحصريّة المعلومات والصور. فقناة «سي أن أن» كانت المصدر الأوّل لمعظم القنوات العالميّة في حرب الخليج، وفي اليوم الأول من العملية العسكرية بقيادة السعودية كانت قناة «العربية» المصدر الوحيد للأخبار. التشابه يشمل أيضاً «نظافة» العملية من الضحايا والدمار، إذ شاهدنا على القناة السعودية طائرات تقلع من المطارات العسكرية تقصف الأهداف التي نراها عبر شاشة الطيارين «بدقّة» ثم تعود بسلام، وهذا يشبه ما تحدث عنه الفيلسوف الفرنسي جان بودريار في كتابه «حرب الخليج لم تقع»، عندما شبّه الضربات الجوية الأميركية ب «ألعاب الفيديو». خلال ندوة نظّمت في مونت كارلو الفرنسية في آذار العام 1991 بعنوان «الدور الذي لعبته سي أن أن في أزمة الخليج»، علّق مؤسس الشبكة الأميركيّة روبرت إدوارد المعروف بتيد ترنر على الانتقادات التي طالت تغطية القناة الأميركية لحرب الخليج قائلاً: «إن حرباً صاعقة تتطلب تلفزيوناً يقدّم وجبات سريعة»... لكنّ ما ظهر من تغطية إعلامية على «سي أن أن» منذ ربع قرن ويظهر بعضٌ منه اليوم على «العربية» يبدو أقرب إلى الطبخ على نارٍ هادئة. أخبار من الرئيسية شاهد بالصور : قيادات حوثية تلقى مصرعها في غارات التحالف على معاقلهم في اليمن وجثث لم يتم التعرف عليها أول تحذير دولي من إنهيار اليمن وكشف حقيقة قصف النازحين وإيران ترد على الفيصل بمبادرة حل بعد إشتداد المعارك في الحدود العدوان السعودي الأمريكي يقصف مران وشدا ورازح في صعده و3شهداء وعدد من الجرحى في قصف جديد على مخيم النازحين في صعده بيان للدكتور عبدالعزيز المقالح يكشف فيه حقيقة رسالته إلى قائد أنصار الله