أثار مرسوم رئاسي يمني، أمس الثلاثاء، “سخطاً كبيراً” لدى مكونات الانتفاضة الشبابية التي اندلعت في عام 2011 . وقضى المرسوم الذي أصدره الرئيس الانتقالي، عبدربه منصور هادي، ليل الاثنين الثلاثاء، بتعيين قيادة جديدة للجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة - الهيئة الرقابية العليا في اليمن – ممثلة بالقاضي ابو بكر السقاف رئيساً للجهاز، ولطف بركات نائبا للرئيس، ومعاذ بجاش وكيلا للجهاز لقطاع الشؤون المالية والإدارية والفنية. وكان السقاف عضوا في الهيئة العليا للمناقصات والمزايدات، وبركات وكيلا لمصلحة الجمارك، فيما كان بجاش - وهو أصغرهم سنا ومقرب جدا من مدير مكتب رئاسة الجمهورية نصر طه مصطفى- يتولى منصب مدير مكتب رئيس مجلس إدارة وكالة الأنباء اليمنية الحكومية. وقال حمزة الكمالي، الذي ينوب مع 39 آخرين عن شباب “الانتفاضة” في مؤتمر الحوار الوطني الشامل، ل”الاتحاد”: هناك سخط كبير تجاه هذا القرار. بعض المعينين متهمون في قضايا فساد. وأكد أن مكونات الحركة الاحتجاجية الشبابية “تدرس حاليا موقفا موحدا إما مخاطبة الرئيس هادي أو التصعيد”. وأعلن عضو مؤتمر الحوار الوطني عن مكون الشباب، محمد المقبلي، تعليق مشاركته في المؤتمر احتجاجا على هذا المرسوم الرئاسي الذي اعتبره “عبثا بمؤسسات الدولة”، على حد تعبيره. وتساءل المقبلي، في حسابه الخاص عبر موقع التواصل الاجتماعي “فيسبوك”، عن إمكانية خروج مؤتمر الحوار الوطني برؤية بشأن الدولة الجديدة “بينما لا تزال الشلة هي المسيطرة”. وعزا قرار تعليق مشاركته في مؤتمر الحوار الوطني إلى الدفاع عن “دولة المؤسسات” التي قال إنها “هدف ثوري ضحى من أجله الجميع”. وانتقد الكاتب اليمني المشهور، محمود ياسين، القرار الرئاسي، وذكر في مقاله اليومي بصحيفة “الأولى” واسعة الانتشار في اليمن، إن هذا القرار هو “الأكثر إفصاحاً وكمالاً لفكرة الخيانة، خيانة الثورة وجيل بأسره من الحالمين الملهمين بفكرة المثال”. وشن ياسين هجوما عنيفا على أحد المعينين في المرسوم الرئاسي، متعهدا بكشف “صاحب ترشيح هذا الكائن”، حسب تعبيره. وهاجم إعلاميون وناشطون في الحركة الاحتجاجية الشبابية، عبر مواقع التواصل الاجتماعي، مدير مكتب رئاسة الجمهورية، نصر طه مصطفى، الذي استقال من رئاسة وكالة الأنباء الحكومية في بداية انتفاضة 2011، قبل أن يعينه هادي في منصبه الحالي أواخر مايو العام الماضي. واتهموا مصطفى – وهو أحد مؤسسي حزب “الإصلاح”، الذراع السياسية لجماعة الإخوان المسلمين في اليمن – بتعيين أقاربه وأصهاره ومعاونيه في مناصب رفيعة بالدولة. وأقر الرئيس عبدربه منصور هادي، أمس الثلاثاء، بوجود الفساد “في العديد من المرافق الحكومية”، وذلك لدى استقباله الرئيس الجديد للجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة بعد أداء الأخير مراسيم اليمين الدستورية، حسبما ذكرت وكالة “سبأ”. وشدد هادي على ضرورة محاربة ومكافحة الفساد “بالوسائل العملية والعلمية والرقابية” للحد من الصعوبات المالية التي تعاني منها الحكومة الانتقالية، مشيرا في هذا الجانب إلى دور الجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة “باعتباره مؤسسة رقابية معنية بالقضاء على الاختلالات والتجاوزات والفساد”. وأوصى الرئيس اليمني القيادة الجديدة لهذا الجهاز الرقابي الهام ب”التحلي بالنظافة والقوة”، و”الابتعاد عن المصالح الذاتية والنفعية الضيقة”. في هذه الأثناء، قدم مسؤول يمني سابق اعتذاره عن “كل الأخطاء والقرارات غير الموفقة” التي اتخذها أثناء تقلده مناصب حكومية رفيعة وحقائب وزارية متعددة، كان آخرها وزارة التعليم العالي والبحث العلمي في الحكومة الانتقالية. وقال الأكاديمي يحيى الشعيبي، الذي استقال من منصبه على رأس وزارة التعليم العالي والبحث العلمي في أغسطس الماضي: “أتقدم باعتذاري عن كل الأخطاء والقرارات غير الموفقة التي اتخذتها أثناء تأدية واجبي سواء كانت عن قصد او من غير قصد”. وطالب الشعيبي، في بلاغ صحفي، المتضررين من قراراته “العفو والمسامحة”، متمنيا لمؤتمر الحوار الوطني الشامل المنعقد في صنعاء منذ 18 مارس الماضي “النجاح” و”إخراج الوطن من أزمته” المتفاقمة منذ أكثر من عامين على وقع الانتفاضة ضد الرئيس السابق. ويعد الشعيبي أحد أبرز ممثلي الرئيس صالح في مؤتمر الحوار الوطني، الذي يشارك فيه 565 شخصا يمثلون ثمانية مكونات رئيسية غير متجانسة. وتواصلت أمس الثلاثاء في صنعاء أعمال مؤتمر الحوار الوطني، الذي يعد أهم خطوة في عملية انتقال السلطة بموجب اتفاق المبادرة الخليجية، كونه يبحث إعداد دستور جديد وحلولا جذرية لأزمات اليمن الكبرى، وعلى رأسها الاحتجاجات الانفصالية في الجنوب