ليس من الحكمة زج خطباء الجمعة في اليمن في السجال الدائر بشأن القضية الجنوبية ومستقبل الوحدة لأن هذا الخيار الاعتباطي والماضوي من شأنه تحويل بيوت الله إلى منابر دعاية (بلا مضامين) ومنصات اطلاق نار متبادل ... تابعت قبل قليل تقريرا في القناة الفضائية اليمنية (الحكومية) عن مضامين خطبة الجمعة في عدد من المساجد. التقرير كان الخبر الأول في نشرة التاسعة, وفيه يظهر خطباء يؤكدون على ميزات الوحدة وايجابياتها, مذكرين بالشرور التي عانى اليمنيون منها قبل 1990. هذا التقرير (والتوجيه الذي سبقه للخطباء وللإعلام الحكومي) كان ليحدث أثرا لو أن اليوم هو 23 مايو 1990! الوحدة تضعضعت في النفوس منذ اندلعت الحرب في 4 مايو 1994, الحرب بما هي أعظم انتهاك, وما تلاها من جرائم وانتهاكات مارسها الرئيس صالح وحلفاؤه (الأوفياء والمنشقون) بروحية المنتصر الذي جعل من يوم 7 يوليو 1994 (انتهاء الحرب المسلحة) مبتدأ الوحدة ونهاية التاريخ! بعد 19 سنة من الواقعة التي قصمت ظهر الوحدة الحقة التي كانت في 22 مايو 90, ليس للمنتصر السفيه والعابث, المبدد للثروات, الناهب للحقوق, والممزق للنسيج الاجتماعي, أن يعظ عبر المنابر الاعلامية والدينية. الرئيس هادي باعتباره من أبطال "يوم النصر المؤزر" مدعو للبرهنة على حسن سلوكه الوحدوي بالقطع أولا مع خطاب الماضي الذي صيّر "الوحدة اليمنية" قلعة الأنذال واللصوص الحصينة التي تتعالى على الحق والكرامة والعدل والقانون. الثابت أن "الوحدة" ليست العنوان المناسب لمن يريد صون السلم الاهلي وتدارك المزيد من الصدوع في الجدار اليمني. هناك 20 عنوانا آخر على الأقل (النقاط ال20) يمكن للرئيس ومعاونيه وشركائه أن يبيضوا بعض صفحاتهم بها.