المساء برس _ أحمد عبدالسلام الحسني ... من المؤلم والمؤسف جدا أن يغيب عن أذهان اليمنيين وعن نفوسهم ووعيهم وهموهم الهم الذي يحمله الناس في أغلب البلدان و هو تحقيق الأمن الغذائي للبلد من مقدراته وموارده الذاتية بالرغم من أن لديه كل المقومات التي تجعل منه بلدا مكتفياً ذاتياً بل ومصدرا للغذاء إن توفرت لديه الإرادة المتبوعة بالعزم والعمل . لماذا لا يتحقق الأمن الغذائي لليمنيين ولديهم من المساحات الشاسعة والخصبة ما يغمر أغلب إقليمهم كتهامة وحضرموت ومأرب والجوف ؟, ولماذا لا يتحقق ذلك ومياهه الجوفية كبيرة ولا يحتاج الوصول إليها في بعض المحافظات كالجوف إلا حفر بضعة أمتار لا غير ؟ لماذا لا يتحقق الأمن الغذائي في اليمن وهو بلد منتج للمحروقات بل ومصدر لها ولا يحتاج الجانب الزراعي فيه إلا لجزء بسيط جدا من إنتاجه لتحقيق نهضة زراعية توفر لليمنيين قوتهم الضروري الذي أصبح عبئاً كبيراً عليهم ؟ لماذا لا يتحقق الأمن الغذائي لليمنيين و العاطلون من أبناء اليمن يملئون أرضه بل ويرحلون من بلدان الخليج بطريقة مهينة ومخزية والبلد في أمس الحاجة إليهم ؟ لماذا لا يُفعَّل أولئك العاطلون في الجانب الزراعي لتحقيق الأمن الغذائي والقضاء على البطالة التي تسيطر على أغلب السكان في اليمن ؟ تساؤلات كثيرة تبعث على الحيرة من الوضع السيئ الذي تعيشه اليمن عموما والغذائي خصوصا والخيرات تحت أقدام أبنائه وفي متناول أيديهم خيراتٌ استأثرت حكومات التجويع بها وخاضت معهم حرباً تستهدف بها قوتهم وأمنهم ووو . إن إنعدام الأمن الغذائي هو مظهر قذر من مظاهر عبثية وغوغائية تلك الأيادي التي قادت اليمن وتولت زمامه فأوصلته إلى هذا المستوى المشين الذي لم تتوفر فيه أبسط مقومات الحياة التي في حدود الممكن والسهل توفيرها للشعب الذي حورب في قوته وحياته وثقافته وتاريخه وكل ما له صلة به ؟ لا مجال للشك في أن الشعب المضرج بجراحه والملطخ بمعاناته عاش وما يزال في مرمى وابل من ضربات الحكومات المتعاقبة التي عملت بكل الوسائل التي تجعل منه شعبا يتكبد العناء الشديد لتوفير لقمة عيشه التي يسد بها رمق أبنائه . إن سياسة التجويع التي استخدمتها الحكومات المتعاقبة في اليمن لعقود من الزمن وما تزال لمؤكد بأنها لا تعمل إلا ما تراه معززاً لبقائها ومثبتا لتعنتها ومرضيا للأوصياء عليها فلا بطن المواطن يهمها ولا أمنه ولا عزته ولا كرامته فقد عمدت إلى أن تنتزع منه كل ما يجعل منه إنساناً كرمه الله وشرفه , فالقروض المتضاعفه التي لا توظف فيما يحقق أمنه الغذائي بل في هامشيات صورية وديكورية تخفي ورائها معاناة للأجيال القادمة ولجيلنا من قبلهم , وما رفع أسعار المحروقات واختلاق أزماتها والإفراط من الإستيراد في مواسم الإنتاج المحلي وعدم توفير الإعانات للمزارعين لدليل جلي بأنها تقف ضد كل توجه ينهض باليمن في كل مجالاته التي منها الزراعة . إن غياب الإهتمام بالأمن الغذائي عن أولويات الحكومة والساسة والأحزاب واليمني نفسه لمعضلة كبيرة ومأساة مدوية إذا لم يتم تداركها فستقض بنيانه جوعاً ليكون لقمة سائغة في متناول المتكالبين عليه وعلى أرضه وثروته . . لم يكن الأمن الغذائي حاضراً كأولوية لدى الحكومة فهو غائب كحاله عند الأحزاب والكتاب والمفكرين والمؤسف تغييبه عن وعي الشعب ووجدانه . إن الوصاية التي علقت الحكومات المتعاقبة في شباكها جعلتها تجبن وتضعف أمام تلك البلدان التي فتحت لها اليمن لتكون سوقا لمنتجاتها فلم تتجرأ على بناء قطاع زراعي يحقق الأمن الغذائي للشعب حتى لا تنزعج بلدان الوصاية بتراجع أو انقطاع العائدات المالية من اليمن في حال تحققت نهضة زراعية لليمنيين تكفيهم من داخل بلدهم عن مستوردات الغذاء من الخارج. لا نستبعد أن يكون القادم الذي ينتظر حكومة التجويع والإفقار هو ثورة الجياع الذين سيقتلعونها ببطونهم الخاوية ليبنوا وطناً مكتفيا عزيزا مصانا كريما كما كرمه الله , ثورة تكسر كل قيود الوصاية والتجويع وكلُ آتٍ للقادمين مشاع ُ