البيان الذي صيغ ووُزِّع على وسائل الإعلام، وعلى السفارات في الداخل والخارج، هو كما جاء في رواية المرحوم حسين المقبلي، والذي كان وكيلًا للخارجية حينها، وقد أورد الرواية كاملة في مذكراته ص 387، وجاء فيها: تم اغتيال الحمدي في أكتوبر من العام 1977، فطلبت من القيادة بأن أحضر، فلما ذهبت إلى هناك سُمِح لي بالدخول فورًا، وبدأت بالسلام على الأخ عبدالعزيزعبدالغني - رئيس الوزراء - بصفته العضو الأول في مجلس القياده، ثم سلّمت على رئيس هيئة أركان الجيش - المقدم الغشمي - ف محمد الجُنيد -نائب رئيس الوزراء، ووزير المالية.. قال لي الأخ الجنيد: يبدو أنك لم تسمع بالخبر.. قلتُ: أيّ خبر؟. قال: مقتل الأخ رئيس مجلس القيادة، وأخيه عبدالله (ليلة البارحة) في الخط الدائري.. والمطلوب أن تكتب بيانًا باسم وزارة الخارجية، وتستدعي السفراء العرب والأجانب، وتقرأ عليهم البيان. قلت: عفوًا.. هذا أمر خطير، والذي أحب أن أسمع إلى عناصر البيان.. قال: لا خطير، ولا حاجة.. عناصر البيان: أن مجموعةً من الآثمين اعترضوا سيارة الأخ الرئيس، وكان معه شقيقه عبدالله، وذلك في طريق الدائري، وبدون حراسة، فاغتالوهم، وفرّوا، واكمل الباقي من عندك.. قلت: كيف أكمل الباقي من لديّ.. هذه قضية ليس فيها شيء من لديّ، فردّ الغشمي: هذه خلاصة الموضوع "كلمة وغطاها". وبالفعل كتبتُ بيانًا كما شرح لي بأن أضعه، وقد أمليت على السفراء في صالة وزارة الخارجية، وبعد ذلك جاء إليّ أحد الإخوة من المراسم يقول لي: إن سعد الدين نويرة - سفير الجزائر - قال له: إن وكيل الخارجية واحد من اثنين، إما أنه لا يعلم شيئًا عن الموضوع، وإما أنه يريد أن يستغفلنا.. القصة ليست كذلك. ثم بدأت الرسائل تأتي من سفاراتنا في الخارج، من أثيوبيا والكويت، تريد إرسال وفود عالية المستوى لحضور التشييع، فاتصلت بالرئيس الغشمي، فقال: اعتذر لهم، فقلت: لابد أن يكون الاعتذار مدعّمًا بالأسباب، فقال: قل لهم إننا مشغولون، وليس لدينا أماكن لنزولهم، وقد تم ذلك.. وأذكر - وكنت أشغل يومها قائمًا بأعمال السفارة في براغ - أن فحوى البيان، الذى ذكره المرحوم المقبلي، وهو الذى تبلغنا به، هذا ما اقتضى توضيحه بغية معرفة الحقيقة. أما ما ذكره عما أورده الأخ المرحوم العميد محمد الأكوع حول البيان، والذي - حسب المقال - كان سفيرًا في رومانيا، فالمذكور لم يتولّ أي منصب دبلوماسي، ولم يكن سفيرًا، لا في رومانيا ولا في غيرها