كتب : سامي عطا من يعود بذاكرته إلى منتصف التسعينيات إلى الخطوة الجريئة التي صاغها الراحلعبدالعزيز السقاف وهجوم القوى التقليدية عليه, لأنه أسس جمعية خيرية في مدينة التربة في تعز. هذه الجمعية جاءت بمفهوم جديد للعمل الخيري, يختلف عما ألفته القوى التقليدية التي اتخذت من الجمعيات الخيرية وسيلة للارتزاق والتكسب , كما أنها جعلتها أداة من أدواتها في نشر ثقافة القطيع. لقد أختط الراحل عبدالعزيز السقاف مفهوم جديد للعمل الخيري يقوم على قاعدة المثل الصيني " لا تعطي المحتاج سمكة, بل علمه كيف يصطاد" وهذا المفهوم الجديد للعمل الخيري يتعارض مع مفهوم القوى التقليدية التي ما برحت تستخدم هذا العمل كماكينة انتخابية وقت الانتخابات. مفهوم العمل الخيري القائم على فكرة الإحسان للفقراء بتوفير مستلزمات معاشهم عبر منحهم بعضاً مما يحتاجونه, يجعلهم دائماً على ارتباط بمن يحسن إليهم, وهذا المفهوم لا يحمل أي مشروع للقضاء على الفقر, لا بل يكرسه , أما منهج الراحل للعمل الخيري الذي قام على قاعدة المثل الصيني, قائم على تحرير الناس من الفقر من خلال ورش تعليم الخياطة والمهن, هذا المفهوم بالتأكيد يفضي إلى تحرير إرادة الناس من الارتهان, ويخلق إرادات حرة ومستقلة تعتمد في الإعالة على ذاتها, وهي مساعدات تصب في نهاية المطاف باتجاه تحرير الناس من عوزهم وفقرهم.. وهذا ما يفسر هجوم هذه القوى التقليدية عليه حينها. وهل تعلموا لماذا هذه الجمعيات الخيرية تدافع عن طرائق عملها القائمة " علبة الزيت والقطمة الرز", إنها مستلزمات انتخابية, ولذا فإن هذه الجماعات لا يهمها ولا يمكن أن يكون لديها برامج للقضاء على الفقر, لأنه من مستلزمات صندوق الانتخاب, إنهم يربطون الناس الفقراء بالحاجة إليهم دائما " جوع كلبك يتبعك". وتعليم الناس كيف يصطادون حسب المثل الصيني, يحرر إرادتهم من أي ارتهان, لأن الفرد يغدو مسئولاً عن نفسه ولا يدين لغيره بأي فضيلة, الطريقة الصينية تدعى مساعدة أما الطريقة الإخوانية تدعى إحسان ومربوطة بالصندوق الانتخابي, لهذا هم يحققون نتائج في الانتخابات !!! وإلى جانب وسيلة كهذه تسلب الإرادات, فإن الجهل أيضاً مفتاح أخر من مفاتيح السيطرة على الإرادات وبقاءها مرتهنة, حدثني أحدهم أنه جاء بعض من أبناء العصيمات إلى نائب الرئيس حينها علي سالم البيض, يشكوه بأن منطقتهم ليس فيها ولا مدرسة , فأمر على سالم البيض بتخصيص أربع مدارس ضمن ميزانية الحكومة للمنطقة, فجاء شيخ العصيمات الراحل عبدالله بن حسين الأحمر إلى دار الرئاسة ومشتاط غضباً ومهدداً ومتوعداً من أي تدخل في شئون منطقته ونافح حتى ألغاها من الميزانية. وثقافة العكفى لا تستقيم مع العلم, فالجهل مفتاح تبعية الناس عكفى بيد الشيخ, وباختصار شديد الجهل يوفر مناخات مناسبة تبقي الناس قطيع.. وعليه , قلا تقدم إلاّ بالعلم والإصرار عليه.