قد تصور الكثيرون أن جمال بن عمر، المندوب الدولي، سوف يحقق ما لم يستطع الأخضر الإبراهيمي تحقيقه قبل اشتعال الحرب بين الشمال والجنوب، ولكن ظواهر الأمور توحي بأن نتيجة بن عمر والإبراهيمي سوف تتشابه، فالمندوبان ينطلقان من مفهوم واحد، وهو التركيز على ما يرضي القوى السياسية المهيمنة، بصرف النظر عما يرضي الشعب، متأثرين بالعلاقات الشخصية، ومقتنعين بأن الشعب ليس إلا تابعا لكل ناعق. لقد تجاهل الإبراهيمي جذر المشكلة، وهي السلطة الاستبدادية والمظالم القائمة والمعاناة الشعبية، وركز على ما يمكن أن يرضي الظالمين المتصارعين، متجاهلا المظلومين من المواطنين، وهو ما ساق الأمور إلى ما وصل الوطن إليه اليوم. ويبدو، وللأسف، أن بن عمر يسير بنفس المنهج المتجاهل لبناء الدولة المدنية الديمقراطية العادلة، والاهتمام بالحلول المؤقتة لظواهر المشاكل الناتجة عن غياب الدولة، والتي سوف تتكرر لأن الدولة المدنية الديمقراطية العادلة غائبة، والمساواة معدومة، وسيادة القانون مفقودة، والاستبداد ضارب جذوره، وبمرور الأيام سوف تعود حليمة إلى عادتها القديمة. أحزاب تبحث عن مصلحة الحزب لا مصلحة الوطن، ومن يختلف مع رأي للحزب يعتبر عدوا يجب تدميره، ولا مانع أن يمتطي السلطة عسكري طامح أو شيخ مشارك، المهم أن تكون قيادة الأحزاب موظفة معهم، وشريكة في المصالح. لن ينجح الحوار ما لم يتم الاتفاق أولا على الدولة المطلوبة، والتي تحقق ثقة المتحاورين، والتعليق المبالغ فيه على القوى الدولية والإقليمية لن يحقق أي نجاح، ما لم يكن اليمنيون هم قطب الرحى، والله عز وجل قد أكد أن القرى لن تنجو من الهلاك الناتج عن الظلم، ما لم يكن أهلها مصلحين. وقد جاء بيان مجلس الأمن الأخير مخيبا للآمال، وضاعف من شك المواطنين في حياد جمال بن عمر، وعدم اهتمامه بما يريده الشعب، وتأثره ببعض القوى السياسية التي يعتقد أنها من تمسك بالمستقبل، مما يساعده على تحسن موقعه الأممي. وأنا على يقين أن نقبه على شونة، وأخشى ألا يقف رد الفعل السلبي على جمال على الساحة اليمنية وحسب، وإنما يمتد إلى الساحة المغربية أيضاً، وفي مرحلة يسعى فيها المغرب إلى بناء الدولة المدنية الديمقراطية العادلة، والتي تجاهل جمال أمرها، وجعل الأمر كأنه مشكلة البيض وصالح، وبهذا غلب جليس الليل جليس النهار، كما يقول اليمنيون.