تخيم بوادر أزمة بين المملكة العربية السعودية ودولة قطر، على إثر ما اعتبرته السعودية تدخلاً قطرياً في الشأنين اليمني والمصري، وهو السبب ذاته وراء عقد قمة ثلاثية طارئة بين قطر والسعودية والكويت، في الرياض، أمس الأول، وبوساطة أمير الكويت، في الوقت الذي زار فيه وزير الخارجية القطري اليمن، ووقع اتفاقيات دعم لبعض المشاريع التي ترعاها الدولة. ونقلت وكالة "فرانس برس" أمس الاثنين، عن دبلوماسي خليجي قوله إن "القمة الثلاثية بين السعودية والكويتوقطر، التي عقدت، مساء السبت، في الرياض، جاءت في أعقاب طلب سعودي من دول مجلس التعاون الخليجي "إدانة تصرفات" قطر في مصر واليمن". وأضاف المصدر -الذي اشترط عدم ذكر اسمه- أن السعودية "منزعجة جدا من تصرفات قطر حيال مصر واليمن". وأوضح المصدر أن أمير الكويت الشيخ صباح الأحمد الصباح، "ارتأى التوسط بين البلدين لكي لا تطير القمة" السنوية التي تجمع قادة دول مجلس التعاون الخليجي ال6، في بلاده، الشهر المقبل، بحسب المصدر. وقال المصدر إن الرياض طلبت، الأسبوع الماضي، عبر زيارات قام بها وزير خارجيتها الأمير سعود الفيصل، لعواصم خليجية، "إصدار بيان من مجلس التعاون يدين تصرفات قطر". وعقد العاهل السعودي الملك عبدالله بن عبدالعزيز، وأمير الكويت الشيخ صباح الأحمد الصباح، وأمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، السبت، قمة ثلاثية في الرياض، استعرضوا خلالها القضايا التي تهم البلدان ال3، وتعزيز التعاون بين دول الخليج العربية، وفقا لمصدر رسمي. وحمل الفيصل، خلال زيارته الخليجية، رسائل من الملك عبدالله إلى قادة 4 دول هي عمان والإمارات والكويت والبحرين. بدوره، أكد دبلوماسي أوروبي ل"فرانس برس" أن العلاقات بين السعودية وقطر "متوترة للغاية بسبب سياسة الدوحة تجاه مصر". وتأتي هذه التطورات بعد زيارة قام بها الرئيس عبد ربه منصور هادي إلى الكويت لحضور القمة العربية الأفريقية الثالثة، والتقى فيها بوزير الخارجية القطري. وبحسب صحيفة "الشارع"، فإن اللقاء أثار انزعاج الجانب السعودي الذي حضر القمة، ممثلاً بوزير الخارجية سعود الفيصل. وأمس الأول؛ زار صنعاء وزير الخارجية القطري خالد العطية، ولقيت زيارته ترحيبا حاراً من رئاسة الجمهورية، كما أقيمت مراسيم احتفال غير اعتيادية بدار الرئاسة، حضرها معظم أعضاء الحكومة، ومستشارو الرئيس؛ وشملت هذه المراسيم وجبة غداء، وإلقاء كلمات من الجانبين، وتوقيع اتفاقية لدعم صندوق ائتماني جنوبي، بمبلغ 350 مليون دولار. وتزامنت هذه التحركات الدبلوماسية، مع لقاء عقده، أمس، وزير الداخلية عبدالقادر محمد قحطان، بسفير دولة قطربصنعاء محمد بن حمد الهاجري. وقالت وكالة "سبأ" الرسمية إنه "جرى في اللقاء بحث علاقات التعاون والتنسيق الأمني بين بلادنا ودولة قطر الشقيقة، وسبل تعزيزها وتطويرها". وأشاد وزير الداخلية بما سماها "العلاقات الثنائية المتميزة التي تربط البلدين الشقيقين في كافة المجالات، وفي مقدمتها المجال الأمني. مثمناً الدعم الكبير الذي تقدمه دولة قطر الشقيقة لليمن، ووقوفها الدائم إلى جانبه". ونقلت "سبأ" عن السفير القطري تأكيده "مواصلة دعم حكومة دولة قطر لليمن في كافة المجالات". وتشهد الساحة السياسية الإقليمية نشوء تحالفات جديدة، أبرزها توقيع الدول الكبرى اتفاقاً مبدئياً بشأن البرنامج النووي الإيراني، وتوتر العلاقات المصرية مع قطر وتركيا، وتبادل طرد السفراء بين مصر وتركيا. وكان وزير مصري لمح، في وقت سابق من الشهر الماضي، إلى إمكانية الاستعاضة بالغاز اليمني بديلاً عن الغاز القطري والتركي، بعد توتر العلاقات بين القاهرة وأنقرة على إثر عزل الرئيس المصري محمد مرسي، والمدعوم من قطر وتركيا. وقال رئيس الهيئة المصرية العامة للبترول، في منتصف أكتوبر الماضي: "إن مصر تأمل ألا يقوض التوتر السياسي مع قطر المنتج الكبير للغاز الطبيعي المسال، جهود الحصول على مزيد من الإمدادات منها، وإن مصر تعتبر الجزائر واليمن خيارات بديلة". وأقر طارق الملا، رئيس الهيئة، في مقابلة مع "رويترز"، بأهمية إبقاء القنوات مفتوحة مع قطر. وقال: "هم من أكبر موردي الغاز الطبيعي المسال في العالم، (لكن) ما زالت لدينا خيارات كالجزائر واليمن ودول أخرى". وفي السياق ذاته، أعلنت مصر، أمس الاثنين، أن حكومتها تدرس قطع العلاقات الدبلوماسية مع قطر وحماس. ونقلت صحيفة "الوطن" المصرية عن "مصادر رسمية" أن الحكومة "تدرس حالياً اتخاذ مواقف حاسمة وإجراءات تصعيدية ضد قطر وحركة حماس، قد تصل لقطع العلاقات الدبلوماسية كخطوة أولى، في حالة استمرار التدخل في الشأن الداخلي المصري من أجل زعزعة الاستقرار والأمن في البلاد بعد ثورة 30 يونيو". وقالت هذه المصادر إن مصر "أنذرت قطر أكثر من مرة، وطالبتها بعدم إقحام نفسها في الشأن المصري، دون أي رد فعل إيجابي"، متهمة قطر بالتمادي "في التطاول على مصر بشكل غير أخلاقي"، وأن "بعض الدول الخليجية حاولت، خلال الفترة الأخيرة، رأب الصدع بين البلدين، إلا أن قطر تسعى لتنفيذ أجندات دول خارجية، وترفض الاعتراف بتجاوزاتها في حق مصر". وفي الطرف الآخر من هذه التجاذبات، تشهد العلاقات السعودية اليمنية حالة من الفتور. وكانت صحيفة "الشارع" اليومية نقلت، أمس السبت، تفاصيل اجتماع الرئيس هادي بوزير الخارجية السعودي، في الكويت، وأن الاجتماع تم بعد أن حاول الأمير السعودي التهرب من اللقاء احتجاجاً على لقاء هادي بوزير الخارجية القطري أولاً. وعلى المستوى الداخلي اليمني، شهدت البلاد، خلال الأسابيع الماضية، اكتظاظاً بالآلاف من العمالة اليمنية التي تقول السلطات السعودية إنها مخالفة لقانون العمل الجديد، كما أن محكمة يمنية سمحت، أمس الأول الأحد، لأعضاء من مفوضية اللاجئين التابعة للأمم المتحدة، بمقابلة فتاة سعودية كانت هربت من عائلتها إلى الأراضي اليمنية للزواج بشاب يمني، ومنحتها المفوضية استمارة طلب لجوء إنساني. ومن شأن عدم إعادة الفتاة السعودية إلى بلادها أن يوتر العلاقات بين البلدين، رغم عدم صدور أي تصريحات رسمية من الطرفين حتى كتابة هذا الخبر