* لم يعد المتأمل والناظر للمشهد المصري وما يحدث اليوم هناك في ظلاله القديم فالاحداث المؤسفة المتسارعة أثبتت أنها ليست أزمة سياسية على الحكم بل هي إمتداد ثورة شعبية سلمية عارمة في أرض الكنانة مركز الأمة العربية ورمزاً شامخاً لقوميتها الخالدة .. وإمتداداً لأهداف ثورات الربيع العربي السابقة التي ثارت ضد الإضطهاد والظلم للأنظمة المستبدة والفاشية, والمتابع الحصيف لأحداث ميدان رابعة العدوية وما حصل للمعتصمين السلميين من قتل وحرق وتنكيل وإعتقال, بسبب إنتهاج سلطات الإنقلاب في مصر لسياسة القوة والقمع للمظاهرات الشعبية السلمية التي خرجت في جميع محافظات ومدن جمهورية مصر العربية عقب تلك الأحداث المأساوية الدموية التي راحت ضحيتها آلاف من الشهداء وأزهقت أرواح الأبرياء وحوصرت المساجد وأحرقت بيوت الله ودور العبادة ومثلت بجثث الشهداء وإطلاق الرصاص الحي على المعتصمين المطالبين بعودة الرئيس المنتخب الدكتور محمد مرسي الذي جاء إلى كرسي الرئاسة بإنتخابات حرة ونزيهه عبر صناديق الإقتراع. * لم يكن رأينا فيما سطرنا سابقاً إجحافاً في طرف ووقوفاً مع طرف آخر.. ولكننا رمينا أن يعم الهدوء والإستقرار والسكينة لربوع مصر الحبيبة, ومع إستمرار وثبوت المعتصمين والمتظاهرين في ميدان رابعة العدوية وميدان النهضة ورمسيس والميادين الأخرى طيلة شهر رمضان المبارك وإزدياد عدد المعتصمين وصمودهم وتمسكهم بحقهم ومبادئهم الراسخة ومطالبتهم بعودة الرئيس محمد مرسي الذي عزله الجيش ووضعه في غياهب السجون, لهو حقٌ دستوري كفلته لهم كل الشرائع السماوية والشرائع الدولية والدساتير العالمية, في ممارسة التظاهر والإعتصام بالطرق السلمية للمطالبة بالحقوق الشرعية, ومن هنا.. وبعد أرتفاع وتيرة التظاهرات والمسيرات لتعم جميع القرى والمدن ليلاً نهاراً مما أربك قوات الإنقلاب وإتخاذها الأساليب العسكرية القديمة التي دأبت عليها الأنظمة التي أسقطتها ثورات الربيع العربي فتلك المظاهرات الكبيرة واجهتها حكومة السيسي بإرتكاب المجازر التي أدمت لها القلوب فنظام حسني مبارك التي أطيحت به ثورة الربيع العربي في مصر لم يرتكب هذه الأرقام المهولة من القتلى والاعتقالات. * فضمن فعاليات "أسبوع رحيل الانقلاب" تشهد مصر هذه الأيام مسيرات حاشدة في العاصمة المصرية القاهرة والمحافظات الأخرى تأييداً للشرعية ورفضاً للانقلاب, واليوم خرجت مسيرات في بعض المحافظات المصرية تشيع جثامين شهداء مذبحتي ميدان رمسيس وسجن أبوزعبل يضعنا كلنا أمام مسؤوليتنا الدينية والمهنية والأخلاقية التاريخية تجاه ما تفعله قوات الإنقلاب في إخواننا المصريين الذين يواجهون الآلة العسكرية بصدور عارية مطالبين برحيل الأنظمة الديكتاتورية وفلولها الذين يحلموا بعودة عقارب الساعة للوراء ويحلموا برجوع تلك الحكومات العسكرية التي حكمت بالحديد والنار, فالأخوان المسلمين في مصر قد إستهدفوا بشكل مباشر في أرواحهم وحياتهم ومورست قوات الجيش وعلى رأسهم الفريق أول عبدالفتاح السيسي وزير الدفاع ضدهم شتى صنوف البطش والإعتقالات الجائرة لوأد ثورتهم المطالبة بعودة الرئيس المصري المنتخب محمد مرسي إلى منصبه الشرعي والمطالبة بإطلاق بقية المعتقلين السياسين من الزنازين, لتتصاعد الأحداث بعد نزيف سيلٌ من الدماء البريئة الثائرة ليثور معهم كل المكونات السياسية والمدنية والمنظمات الحقوقية العربية والدولية, فتصريح المسؤول الأمريكي جون ماكين في أن سياسة حكومة أوباما فيما يحدث في مصر يضعف من مصداقيتها في الشرق الأوسط, يؤكد للعالم أنها ثورة شعبية سلمية مناهضة للإنقلاب العسكري ومطالبة بعودة الديمقراطية والشرعية الدستورية. * فإذا كانوا الأخوان المسلمين في مصر ومن خلفهم الشعب المصري بكل أطيافه في ثورتهم مستمرين حتى الإطاحة بحكومة الإنقلاب ورحيل عبدالفتاح السيسي وعودة الدكتور محمد مرسي إلى منصبه رئيساً لجمهورية مصر العربية.. فنحن في اليمن كلنا إخوان مسلمين.. وإخوانٌ للإخوان المسلمين ومسلمين أحرار ثائرين ضد سياسات الرجعية والإستبدادية, وكلنا ثوار حتى تتحقق أهداف ثورات الربيع العربي في أختيار حكامها بالطرق الديمقراطية وعبر صناديق الأقترع وثائرين ضد الإنقلابات العسكرية التي عفى عليها الزمن, وثائرين ضد كل أنواع وممارسات القتل والقمع والبلطجة وسفك الدماء الطاهرة, فقال الحق سبحانه وتعالى في كتابه العزيز: "ولا تَلبِسُوا الحَقَّ بالبَاطِلِ وتَكتُمُوا الحَقَّ وأَنتُم تَعلَمُون" وقال أيضاً "ومَن أظلَمُ مِمَّن منَعَ مسَاجِد اللهِ أّن يُذكَرَ فِيها أسمُهُ وَسَعَى في خَرَابِها, أُولئِكَ مَا كَانَ لَهُمْ أن يَدخُلُوهَا إِلاَّ خَائِفين, لَهْم في الدُّنيا خِزيٌ ولَهُم في الآخِرةِ عَذابٌ عَظِيم" ويقول أيضاً: "مِنْ أَجل ذلِكَ كتبنا عَلى بَني إِسرَائِيلَ أنه مَنْ قتلَ نَفساً بغيرِ نَفسٍ أو فسَادٍ فِي الأرض فكأنّمَا قَتَلَ النَاسَ جَمِيعاً وَمَنْ أَحيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعاً وَلَقَدْ جَاءَتهُمْ رُسُلنا بِالْبَيِّناتِ ثمَّ إِنَّ كَثِيراً مِنهُمْ بَعْدَ ذلِكَ في الأَرضِ لمُسرِفُونَ" وقال أيضاً: "إلاَّ الذينَ تَابُوا وأصلحُوا وبيَّنُوا فأُولئِك أَتُوبُ عليهِم وأَنَا التًّوّابُ الرَّحِيم" صدق الله العظيم.. وقال رسوله الكريم صلى الله عليه وسلم: " لزوال الدنيا اهون عند الله من قتل رجل مسلم" وفي حديثٍ آخر عن ابن عباس رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " يجيء المقتول بالقاتل يوم القيامة ناصيته ورأسه بيده وأوداجه تشخب دما يقول: يارب قتلني حتى يدنيه من العرش" صدق رسول الله, فكلنا إخوان الشهداء وإخوان عائلات الشهداء.. وعزائنا الوحيد في إستشهادهم أن ثورة شعب مصر مستمرة حتى رحيل حكم العسكر.. ورحيل حكومة السيسي.. وعودة الشرعية الدستورية.. * فتعازينا القلبية الصادقة ومواساتنا لعائلات الشهداء المصريين وتعازينا الحارة لكل الأحرار الشرفاء في الأقطار العربية كافة, وتقبل الله شهداء مصر بواسع رحمته وأدخلهم فسيح جناته وألهم أهلهم وذويهم الصبر والسلوان.. وإنا لله وإنا إليه راجعون.. وحسبنا الله ونعم الوكيل.. والله تعالى من وراء القصد,,