سيظل التاريخ دوماً منبع للعطاء الموجه لصناعة الحاضر من اجل واقع أفضل ، وللمرور بأمان إلى المستقبل . ومن المهم جداً التعاطي الواعي مع الحاضر من خلال الاهتداء بالماضي لاسيما في القضايا الإستراتيجية والمصيرية ، والجنوح عن ذلك خطر . جربنا ذلك في فترات سابقة أهمها : فترة الحكم الشمولي ذو الاتجاه الماركسي 67 90م ، وفترة حكم عائلة صالح الاستبدادي العصبوي90 – 2011م ، وهي فترات مريرة ومكلفة . قبل عام 67م لم تنظم حضرموت والمهرة وإمارة الواحدي بشبوة إلى الجنوب العربي الذي تأسس برعاية الاستعمار البريطاني عام 58م ، والذي ضم المحمية الغربية ومستعمرة عدن بهدف أحكام السيطرة البريطانية على كل مناطق اليمن ، وقد رفض حكام المنطقة الشرقية وأهمهم حاكم حضرموت السلطان القعيطي ذلك بشدة هنا تتجلى عبقرية السلطان القعيطي في الاحتفاظ بحضرموت بعيدة عن أي شكل من الاتحادات لأن ذلك يعني بالضرورة فقدان السيطرة وتسليم حضرموت إلى الآخر ليعصف بها ، وهو ما حصل تماماً بعد عام 67 إلى اليوم . بالمقابل تتجلى مقامرة وطيش أبناء حضرموت الذين وصلوا إلى موقع القرار بعد عام 67 ، وضموا حضرموت إلى جمهورية اليمن الجنوبية الشعبية لتضيع ، ثم إلى الجمهورية اليمنية في وحدة اندماجية مستعجلة مع شمال اليمن لتضيع أكثر . وبفضل الثورة الشبابية الشعبية المجيدة 2011م التي أطاحت بنظام صالح الاستبدادي فتح الباب واسعاً لأبناء حضرموت والمهرة وشبوة وأرخبيل سقطرى كمناطق تندرج في سياق تاريخي وجغرافي واحد للعودة إلى السياق الطبيعي وهو التخلص من الاندماج مع المناطق الجنوبية الغربية ، وكذا مع المحافظات الشمالية , لكن ليس في صيغة دولة مستقلة لان زمن هذه الدولة أوشك على الانتهاء لارتباطها بالأنظمة العربية الاستبدادية المتخلفة المتهالكة , وتطلع الجماهير العربية والإسلامية إلى كيانات إقليمية أكبر كشرط للمشروع النهضوي المنشود . إذن الحل في وجهة نظري ، ومع احترامي الشديد لأصحاب الرأي المخالف هو في صيغة إقليم فيدرالي يضم المنطقة الشرقية في إطار دولة يمنية اتحادية بعدة أقاليم , وهذه الصيغة تضمن الحفاظ على هوية وسلطة وثروة كل إقليم ، والمساهمة في مسيرة البناء والتنمية والاستقرار في اليمن . قال الأديب العربي الكبير جبران خليل جبران : " يا أخي لا تسلم حياتك ثانيةً للعناصر العمياء " .