الاختلاف سنة كونية فلا ضير أن نختلف في الرأي على أن يكون كل منا يسعى إلى الحقيقة فليس من المنطق في ظل هذا الفضاء المفتوح أن يكون أحدنا مخطئا أو كلانا ومعه يطول نقاشنا من غير أن يتدخل طرف ثالث أو رابع أو خامس ليهدينا إلى الصواب لأن ما عادت هناك غرف مغلقة علينا أن ندير نقاشاتنا فيها بسرية بعد أن أصبح هذا الفضاء الواسع هو مجالنا . كذلك فليس بالضرورة أن يكون أحدنا مخطئا حتى نتناقش فقد نكون كلانا على صواب ولكن كل منا لا يملك إلا بعض الحقيقة بحسب ثقافته وخبرته والزاوية التي يراقب الحدث من خلالها إضافة إلى قربه وبعده منه . كما انه ليس مطلوبا منا أن نعقد في نهاية حوارنا مؤتمرا صحفيا نعلن فيه اتفاقنا لان من طبيعة بعض القضايا الاجتماعية والسياسية بالذات أن تظل مفتوحة قلت أنت فيها رأيك وقلت أنا رأيي ولازالت تقبل آراء أخرى فأنت لا تملك كل الحقيقة كما أنني أمتلك بعضها ولا يزال جزء منها مع الآخرين وحين يشترك الكثيرون بآرائهم تكتمل الصورة على الأقل في حقيقتها النسبية لتظل الأحداث المتتالية تضيف إليها وتأخذ منها . فلنقبل بعضنا على أن نوحد أهدافنا وأن اختلفنا على الوسائل فيجب أن توحدنا الغايات ولكن علينا أن نعلم مسبقا بأن الغاية لا تبرر الوسيلة بحسب ما ذهب إليه ( نيقولا ميكافيلي ) لأن الغايات النبيلة لا يتمم نبلها إلا وسائل نبيلة .