تعرف الأوطان رجالها في أزماتها ، فهؤلاء يخرجون من بين الرفث والدم ، يصنعون المجد ، بإرادات وعزائم ، هؤلاء لا يكونون معنيين بتقديس الأشياء الصغيرة ، هؤلاء يذهبون إلى الوطن ، تجدهم في الحافات وفي الشوارع الضيقة ، لا يحتاجون إلى أعمدة من نور تضيء لهم طرقاتهم ، فهم يحملون مشاعلاً لأوطانهم ، يحترقون من أجلها … الشيخ أحمد بامعلم أحد رجالات حضرموت ، رجل له شخصيته المؤثرة في محيطه ، تأملت الرجل في دقائق عند متابعة ندوة ( جبهة إنقاذ حضرموت ) التي عقدت بالعاصمة المكلا في 16 يناير 2012م ، كان الرجل كما توقعت منه ، وكما أظنهم كل منّ انخرط في الحراك الجنوبي ، يندفعون صوب الشعارات ، يعززون حضورهم المندفع وفقاً لأهداف ، وأسقف صنعت في غير البلاد الحضرمية ، حديثهم ملتهب ، يشدك بغير أن يحتويك ، لماذا ..؟؟ ، لأن حديثهم المشتعل لم ينع في بلادنا … حتمية المرحلة التاريخية تحدد ملامح الحركة السياسية ، تنظيراً وفعلاً على الواقع ، ولذلك لا تظهر على الأسطح وأمام الأعين غير ما يشاء ممن يكدسون جهودهم في العمل خلف الكواليس المظلمة ، وقد تكون من الحصافة والدهاء الإحاطة بهكذا بذل وجهد ، ولكن يمكننا الحديث بصوت مرتفع جداً لأننا نريد حفظ حقنا الوطني الحضرمي في كل حال تصل إليها حضرموت … الشيخ أحمد بامعلم تحدث عن عدة مسائل مهمة ، فهو ممن حفظوا لحضرموت حقها الأول في ريادة الحراك ، وهذا أمر يحسب لقائد فصيل حضرمي مهم ، وتحدث عن ( الاحتلال اليمني ) ووجوب التخلص منه ، وهنا حديث يحتاج إلى كثير من الطرح الجاد ، فهل ( الاحتلال اليمني ) وقع على حضرموت في 22 مايو 1990 م مع توقيع الوحدة اليمنية في عدن ، أم هو في الرابع من يوليو 1994 م تاريخ دخول ما يسمى القوات الشرعية إلى العاصمة المكلا ، أم هو 17 سبتمبر 1967 م حيث حدث الانقلاب العسكري واستلمت الجبهة القومية المكلا حتى إعلان جمهورية اليمن الجنوبية الشعبية في 30 نوفمبر 1967م …؟؟ حضرموت واقعة في الاحتلال منذ العام 1967 م وليس غير هذا التاريخ بصحيح ، ما حدث في ذلك العام هو الجريمة الأعظم في التاريخ البشري لأن الاحتلال كان يمنياً عمد منذ ذلك الوقت على طمس الهوية الحضرمية والاستبداد والعنف والتهجير القسري من حضرموت للعلماء ورجال القبائل وأصحاب رؤوس الأموال وكل طبقات الشعب الحضرمي عانت من ذلك الاحتلال ما عانت … محور الفهم يكمن في قراءة الواقع السياسي ، نحن في حضرموت نعتقد جازمين بأن للجنوب حقوق ، ولهم مطالب سياسية لا نهضمها إطلاقاً ، بل ننسجم معها ونتعاطف ونتعاون على رفعها ، وتبقى أن القضية الحضرمية لها دوافعها ومنطلقاتها وعلى اليمنيين شماليين كانوا أم جنوبيين أن يتعاملوا معنا في حضرموت على هذا الأساس ( الند بالند ) ، فالحقوق الحضرمية هي جزء أعظم من حقوق الجنوبيين فلقد وقعت حضرموت في شائكة تاريخية تسبب بها غوغاء الجبهة القومية الذين نكصوا عن وعودهم التي سبقت استقلال اليمن الجنوبية … ( الاحتلال اليمني ) هذا إطار تذوب فيه كل المفاهيم الخاطئة من المنظور الجنوبي ، وحضرموت كلها يمكن أن تذهب إلى الحراك وتتحول حضرموت إلى جحيم في سبيل استقلالها الوطني ، فالحديث اليوم في حضرموت بهذا الزخم لا يمثل إلا 5% فقط ، بينما الغالبية الصامتة لا ترى في هذا الحراك ما يمثل قضيتها الوطنية العادلة ، وعندما تتآلف حضرموت في هكذا قضية تحميها وتبني مستقبل أجيالها القادمة ستنفر كل المكونات الحضرمية لتنظم أكبر ملحمة تاريخية لتحرر حضرموت والجنوب أيضاً … الشيخ أحمد بامعلم دعى إلى الخلاص من الاحتلال اليمني ، وجاء في دعوته طمأنة الحضارم إلى أن الجنوبيين قالوا في دستورهم القادم بحق الفيدرالية بين الأقاليم ، ومع هذه وقفة فالتاريخ يلاحقنا يا شيخنا الفاضل فلقد قالها قحطان الشعبي وعلي سالم البيض للشيخ صالح باقيس يرحمه الله ( انسوا ) ونحن في هذا الجيل لم ننسى ، لأننا جيل مدرك حجم الخطيئة والجريمة في حق حضرموت على ما يزيد من أربعة عقود ذهبت بقسوة وظلم … وبما أن الشيخ أحمد بامعلم من قيادات حضرموت والحراك فأننا ندعوه بأن يتجاوز العقبات التي تعرقل احتواء حضرموت الدولة بأن نصل إلى تفاهمات محددة أولها فيما ساقه الدكتور عبدالله باحاج في ذات الندوة بأن التصالح والتسامح يجب أن يسبقه رد الاعتبار والحقوق للناس في حضرموت ، فليس من قبيل العقل والمنطق أن نذهب إلى منّ سحل جده وأباه وأخاه وعمه وخاله ونقول عفى الله عما سلف ، وليس من ذات رجاحة وحصافة أن يذهب منّ سرق ونهب أموال الناس بالباطل بدون أن يردها ، فالقاتل والسارق كلاهما يعرفهما كل الناس وأن تعاقبت الأجيال … أما الثانية فهي أن يتضمن دستور دولة الجنوب الذي كتبه الدكتور السقاف بحق تقرير المصير لكل إقليم من الأقاليم ، فمازلنا نعاني من ذلك التاريخ لأننا تعلمنا منه أن ننخدع من هؤلاء ، فهذه التفاهمات تحقق الأرضية الصحيحة للمرحلة التاريخ لإقامة دولة حضرموت والجنوب وعاصمتها المكلا ، هنا جهد وبذل سخي ليس معني به الشيخ أحمد بامعلم وحده بل حسن باعوم وكل قيادات الحراك في حضرموت … الشيخ أحمد بامعلم حضرموت تعتز برجالها ، وتفتخر وتفاخر بهم ، حضرموت تحتاج إليكم وقد بلغتم مبلغاً حسناً لم تبلغوه إلا لأنكم تمثلون الوجه الحضرمي ، بيننا وبين الحرية شوائب يمكن أن تزال بحكمة الحكماء ، فالعمل العمل ، والجهد الجهد ، والبذل البذل لأجل حضرموت فيكفيها سنوات تيه موحشة في ظلال اليمنيين جنوبيين وشماليين وآخر ما نختم به قول الله تعالى { الذين إن مكناهم في الأرض أقاموا الصلاة وأتوا الزكاة وأمروا بالمعروف ونهوا عن المنكر ولله عاقبة الأمور } … بقلم: سالم عمر مسهور